اخر الاخبار

في مثل هذه الايام من انتفاضة تشرين 2019 اقتحمت خفافيش الظلام وعصابات الموت منطقة جسر السنك، حيث كانت نقطة تجمع المعتصمين، وارتكبت ابشع جريمة ضمن سلسلة المجازر التي شهدناها في انتفاضة تشرين. ولا يزال مهندسو تلك العملية الاجرامية احرارا ولم تتم محاسبتهم حتى الان.

لقد خلفت المجزرة عشرات الشهداء والجرحى في بغداد، بينما اشار مصدر في الامن الوطني سابقا الى تورط اكثر من مليشيا مسلحة وبدعم من جهات سياسية في إدارة وتنفيذ أعمال العنف التي طالت المتظاهرين مساء ذلك اليوم.

مشاهد تتكرر باستمرار

يقول الناشط زين العابدين البصري: ان “ما حدث في السنك، حدث أيضا في البصرة عام 2018 ابان احتجاجات الماء المالح، وحدث في محافظات اخرى، فكان عدد الضحايا ومشاهد المآسي لا يستوعبها العقل البشري، وكل هذا حدث في بلد “ديمقراطي”، يتنعم فيه الجناة ولا تلاحقهم اية عقوبة.

ويضيف قائلا لـ”طريق الشعب”، ان هذه “المجازر والمشاهد تتكرر مع كل حركة احتجاجية تشهدها البلاد، حيث يتم التعامل مع المحتجين بطريقة شنيعة، ودائماً ما يمر ذلك مرور الكرام، ولا تتم محاسبة الجناة او محاكمتهم، بينما الحكومات المتعاقبة عموما تتعامل مع رعاياها بتعسف عندما يحتجون، وتقمع احتجاجاتهم وتصادر مطالبهم، في حين من المفترض أن تحاسب الجناة كونها هي الراعي الرسمي للديمقراطية والحامية لحق الاحتجاج والتعبير عن الرأي”.

ولفت الى ان “هذه الدولة عاجزة عن حماية رعاياها اولا، وكذلك عاجزة عن تقديم الجناة للعدالة. ومن المؤسف ان هذه الدولة تكاد تكون مجرد غطاء للديمقراطية، بينما هي في الحقيقة غير ديمقراطية وتقمع الآراء وتضطهد الديمقراطية وتلاحق المسار الاحتجاجي”.

وخلص الى ان “الشباب العراقي عند خروجه للاحتجاج، لم يحمل مطالب خاصة ولا امورا شخصية، بل طالب بقضية اسمى: “نريد وطن”، يعيشون تحت ظله. طالبوا بالحرية والعدالة. وكان المطلب الحقيقي للشباب هو ازاحة الطبقة السياسية الفاسدة التي تجثم على صدر العراق منذ العام 2003 وحتى الان، وايجاد نواة حقيقية للمعارضة داخل هذا النظام، تكون جسدا صلبا يواجه النظام بشراسة”.

حبيس الكرسي المتحرك

وفي جانب آخر، يروي الشاب وعد العزاوي، وهو احد جرحى هذه المجزرة، والذي فقد قدرته على الحركة، ذكراه عن هذا اليوم ويقول “مرت ثلاثة سنوات على هذا اليوم السيء، في تلك الليلة  كنا في ساحة التحرير، ووردتنا انباء بوجود اقتحام واطلاق نار في منطقة جسر السنك وساحة الوثبة، وذهبنا الى هنالك بهدف تقديم المساعدة في نقل الجرحى والشهداء”.

وتابع روايته لـ “طريق الشعب”، “عند وصولنا لمحنا سيارات البيك اب، وهي تحمل رجالاً مسلحين اغرقوا المكان بالرصاص الحي، كانت ليلة مظلمة ولا ضوء فيها سوى مذنبات الرصاصات التي تنطلق من فوهات بنادقهم التي قتلت احلام الشباب بالتغيير، واثناء انسحاب المجرمين ونحن نهرع للنجاة، لمحت عيني رجلاً يرتدي ملابس سوداء ومثلماً يحمل بيده مسدساً وقام بإطلاق ثلاث رصاصات علي وانا كنت اعزل”

وعن اصابته اوضح بالقول ان الرصاصة الاولى استقرت في قدمه والاخرى في رأسه والثالثة اخترقت العامود الفقري وحطمته ومنذ تلك اللحظة  وحتى الان هو حبيس في الكرسي المتحرك وغير قادر على الحركة.

لا حل الا بالتغيير

من جانبه قال المتظاهر علي حسين انه “في هذا اليوم فقدنا العشرات من الشباب كانوا اصدقاء ورفاق احتجاج في طريق النضال جمعتنا بهم الانتفاضة، خسرناهم بلمحة عين في جنح الظلام حين اقتحمت خفافيش الظلام ذلك المكان وقامت بفعلتها الشنيعة”،  منوها الى انه “من المؤسف وبعد هذه السنوات لا يزال الجناة احراراً ولم تتم معاقبتهم، ومن المؤسف ايضا ان الكثير من ذوي الشهداء لم ينالوا حقوق ابنائهم، وفي ذات الوقت لا يزال يعاني الجرحى من الاهمال”.

وخلص الى انهم لا ينتظرون من “الطبقة السياسية الحالية ان تحقق مطالبنا ولا حل الا بإزاحتها من دفة الحكم وفرض التغيير الشامل، ولا يمكن ان نتوقع منها غير ذلك، ففي الوقت الذي نطالب فيه بمحاسبة  قتلة المتظاهرين، تتم محاكمة الناشطين وزجهم في السجون وكان آخرها الناشط حيدر الزيدي الذي حكم عليه  القضاء بالسجن 3 سنوات”.

وشدد مراقبون على اهمية ان تنجز الحكومة متابعة ملف شهداء انتفاضة تشرين، وتكشف عن الجهات التي سهلت عملية استهدافهم وقتلهم، ومحاسبتها وفق القانون، وعدم التهاون مع قاتلي ابناء الشعب العراقي مهما كان انتماؤهم.

عرض مقالات: