اخر الاخبار

أيام قليلة وتطوى صفحة عام 2022 الذي وُصف على انه عام صعب وعلى صعد مختلفة، ولا يختلف الحال كثيراً بالنسبة للوضع الأمني في البلاد، فعلى الرغم من كونه جيدا بمقارنته مع الأعوام السابقة إلا انه لم يكن مستقر بمواضع كثيرة.

 وواجهت البلاد في هذا الجانب مشاكل كبيرة رافقت هذا العام، تمثلت بمواجهات مسلحة بين الأطراف السياسية المتصارعة من جهة، وانتهاك صارخ متكرر للسيادة العراقية أسفر في الكثير من الاحيان عن وقوع ضحايا مدنيين من جهة أخرى، كذلك شهدنا أيضا تنفيذ عصابات داعش عمليات إرهابية ضد قواتنا الأمنية ما تسبب بسقوط شهداء وجرحى.

لا نملك القوة

وفي هذا السياق، يرى الخبير الأمني مخلد الدرب ان “الوضع الأمني في العراق عام 2022 قياساً بالسنوات الماضية مختلف. نلاحظ ان هناك استقرارا أمنيا ملحوظا، لا سيما في المحافظات؛ فالقوات الأمنية خلال هذه الفترات سعت بكل جهودها الى ان تجعل من الداخل العراقي آمنا نوعا ما”.

ويضيف في حديثه لـ “طريق الشعب”، انه كانت هناك “عمليات نوعية قامت بها هذه عصابات تنظيم داعش الإرهابي خلال عام 2022 ضد قواتنا الأمنية، وهذا نعزوه الى وجود خلل أمني واستخباراتي من قبل القطاعات الماسكة للأرض، والذي كان سببا في توغل هذه العصابات في مناطق هي غير ممسوكة امنياً وغير مسيطر مثلا في صلاح الدين وديالى وكركوك”.

ويتابع الخبير قائلا انه “في العام 2017 بعد انتهاء العمليات العسكرية مع داعش، حدث فراغ أمني في منطقة كانت تمسكها قوات مشتركة بين الحكومة الاتحادية وقطاعات من البيشمركة، وهي المنطقة المحاذية بين حدود إقليم كردستان ومنطقة كركوك، فأصبحت هذه المناطق ملاذات آمنة لدى عصابات داعش”.

ويؤكد على انها “تتحرك بأريحية في هذه المناطق، ودائماً ما تدخل وتخرج الى مناطق وتنفذ عملياتها، على اعتبار ان هذه المنطقة وعرة جداً ذات بساتين ومبازل أيضا، مثل مناطق حوض حمرين، فمن الصعوبة السيطرة على هذه المناطق”، عازياً ذلك الى “ضعف الجهاز الأمني هناك، ما جعل هذه العصابات تتحرك بأريحية وتختار الزمان والمكان المناسبين لتنفيذ عملياتها الاستباقية”.

وفي سياق حديثه، تطرق الدرب الى الهجمات التركية والإيرانية التي وصفها بانها انتهاك صارخ للسيادة العراقية. ونوه بأن هناك حاجة ماسة لان تكون لدينا “قوة عسكرية عالية المستوى ذات إمكانيات متوفرة على كافة الصعد، سواء الجوية والدفاع الجوي والاستخباراتية، إضافة الى ضرورة ان يكون هناك تعاون بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية من اجل نشر قطاعات على الشريط الحدودي الفاصل بين العراق وإيران وتركيا، وهذا الشريط يمتد لأكثر من 1800 كم”.

وأكد ان كبح جماح هذه التدخلات مرهون بتوفر “الإرادة السياسية الحقيقية، لان الضحايا كثيرون نتيجة القصف التركي والإيراني، كذلك نحن أيضا بحاجة الى دعم المؤسسة العسكرية خصوصا الدفاع الجوي والقوة الجوية، بأحدث أنواع الأجهزة والتقنيات وان يكون لدينا طائرات مسيرة، وهي بواقع الحال ذات تكاليف قليلة على المؤسسة العسكرية، وتحقق نتائج إيجابية أكثر على مستوى المعلومات والرصد”.

وربط الخبير الأمني افتقارنا الى هذه المعدات بوجود “إرادة خارجية تمنع العراق من ان يمتلك هذه الأسلحة، وبالتالي معركتنا هي في شقين؛ واحد مع عصابات داعش، والآخر مع من ينتهك السيادة العراقية”، مشيرا الى “اننا لدينا أوراق يمكن ان نتحرك بها كمؤسسة امنية، وهي الرد بالمثل ولكننا للأسف لا نملك القوة للرد، ونحتاج الى دبلوماسية عالية المستوى وتدويل القضية في بعض الأحيان، وهو يقع على عاتق الحكومة العراقية”.

الموقف الشعبي من الانتهاكات

وخلفت احدى عمليات القصف التركي 9 شهداء من العوائل التي كانت في منتجع سياحي في إقليم كردستان، وأعلن وقتها رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي يوم حداد وطني في العراق.

وشهدت البلاد حينها موجة احتجاجات غاضبة نددت بالقصف التركي واستمراره دون رادع، حيث أقدم محتجون وأصحاب شركات للسياحة والسفر على محاصرة القنصلية التركية في بغداد وتنكيس العلم التركي، احتجاجا على الانتهاكات الفجة.

وشملت هذه الاحتجاجات مختلف المدن والمحافظات العراقية، أبرزها كان أمام مراكز منح تأشيرات الدخول، مثل كركوك شمالاً، والنجف وكربلاء، حيث حرق المتظاهرون الأعلام التركية، ورفعوا صوراً للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، كُتب عليها “إرهابي”.

 مواقف خجولة ووضع امني مرتبك

من جانبه، أكد المحلل السياسي د. احسان الشمري ان القوى السياسية تمتلك “القدرة على ارباك الوضع الأمني، فما جرى في نهاية شهر اب من مواجهات في المنطقة الخضراء، وهي تضم المكاتب الحكومية ومكاتب البعثات الدولية، اعتقد بانها كانت محاولة لنقل البلد الى حرب أهلية ما بين الأطراف التي تصارعت هناك”.

وأشّر في حديث خص به “طريق الشعب”، وجود محاولات لبسط قوى السلطة نفوذها على المؤسسات الأمنية ويقول: “بالتزامن مع تشكيل الحكومة نلاحظ ان هناك محاولة لسيطرة بعض الجهات، او الفصائل المسلحة على بعض المؤسسات الأمنية أيضا، وهذا يعكس مدى تدخل هذه الأحزاب السياسية في الملف الأمني العراقي ومحاولة السيطرة عليه”.

وعلّق الشمري على مواقف القوى السياسية تجاه اعتداءات تركيا وإيران قائلا انها “لم تكن بمستوى انتهاك السيادة، خصوصا ان بعض الأطراف قدمت تحالفاتها مع هذه الدول سواء إيران او تركيا على حساب المصلحة العراقية، لذلك جاءت مواقفهم خجولة او التزموا الصمت في أحيان كثيرة، وهذا شجع على تمادي تلك الدولتين وأضعف من قرار المواجهة الدبلوماسية الذي يمكن ان تتخذه الحكومة العراقية تجاه هذه الانتهاكات او نتيجة سقوط الضحايا”.

وبالحديث عن القصف التركي، فقد جددت الطائرات التركية، الأسبوع الماضي، قصفها المكثف على مناطق وقرى تابعة لقضاء العمادية وناحية باطوفا ضمن محافظة دهوك، مسببة الخوف والهلع لدى سكان القرى المحليين خاصة أصحاب البساتين والمواشي في تلك المناطق.

عام غير امن للناشطين وأصحاب الرأي

وعلى صعيد ذي صلة بالنسبة للناشطين والصحفيين والمدونين من أصحاب الرأي، يرى الناشط حسن المياحي ان هذا العام هذا لم يكن عاما امنا لهم، نتيجة الانتهاكات التي تعرض لها زملاؤه، والتي لا تزال مستمرة ومتعددة الصور.

يقول المياحي لـ “طريق الشعب”: “لا نزال حتى الان نشهد حملات اعتقال وترهيب وتخويف، بينما اختطفت القوى الظلامية حرية التعبير وانتهكت الحقوق التي يحميها الدستور ويقر بها، وهذا التخويف وقمع الأصوات الحرة اخرها كان مع حيدر الزيدي”.

ويؤكد في سياق حديثه، أن قوى السلطة تريد ان “تجعل من قضية حيدر الزيدي نموذجاً لكل من ينتقد او يكتب ضد السلطة في العراق”.

عرض مقالات: