اخر الاخبار

يسعى العراق لاستخدام الطاقة النظيفة والمتجددة لحل أزمة الكهرباء المتفاقمة منذ سنوات، في محاولة لتقليل الانبعاثات، التزاما بمعايير “اتفاق باريس للمناخ”، إذ يقول نواب ان الحكومة بخلاف ذلك ستعرض العراق لـ “عقوبات اقتصادية” تشمل “خفض كميات النفط المصدرة”.

ويرى خبراء في مجال الطاقة، ان الفساد والنقص في التخصيصات المالية، عادة ما تفرز سوءا إداريا وتلكؤا في التنفيذ الحقيقي للمشاريع، ما يحول دون تحقيق الأهداف المنشودة من تلك المشاريع.

وتستهدف وزارة الكهرباء ـ ضمن مساعيها في خفض الانبعاثات في قطاع الطاقة ـ إنتاج اثني عشر ألف ميغاواط في بحلول عام 2025.          

عقوبات

وذكرت عضو لجنة الكهرباء والطاقة النيابية، سهيلة السلطاني، في تصريح صحفي، أن العراق “ملزم بتطبيق اتفاق باريس للمناخ في العام 2030، الذي ألزم بغداد بتقليل الانبعاثات بالإضافة إلى حتمية الاتجاه نحو الطاقة النظيفة”، محذرة من أنه “بعكس ذلك سيتعرض العراق لعقوبات تتمثل بخفض كميات النفط المصدرة، ما يؤثر في عائداته وإدخال البلاد في أوضاع اقتصادية صعبة”.  

وتابعت أن لجنتها “ستشدد على الحكومة بضرورة وضع الأمر بنظر الاعتبار في خططها المستقبلية عبر تخصيص جزء من عـائدات النفط لخلق الطاقة النظيفة في بغداد والمحافظات، كي تصبح في المستقبل القريب عنصراً أساسياً في عملية حل مشكلة الطاقة في العراق وخفض التلوث البيئي”.  

اتفاقية باريس للمناخ

يشار إلى ان العراق قد انضم الى “اتفاقية باريس للمناخ” بشكل رسمي عام 2021، وهي أول اتفاقية دولية خاصة بمكافحة تغيرات المناخ على مستوى العالم، وتهدف الى الحد بشكلٍ كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى ما دون درجتين مئويتين، وتكثيف الجهود لتقليلها إلى 1.5 درجة مئوية.

وتفرض الاتفاقية تقليصاً شديداً لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري باتخاذ إجراءات للحد من استهلاك الطاقة والاستثمار في الطاقات البديلة وإعادة تشجير الغابات.

ووقعت 194 دولة على اتفاقية باريس للمناخ التي تم إقرارها في باريس في اختتام قمة المناخ ـ 12 كانون الأول 2015.

حواجز قانونية

يقول عضو لجنة الكهرباء والطاقة في مجلس النواب، منصور المرعيد، ان “اهم العوائق التي تقف بالصد من استخدام الطاقة النظيفة هي القوانين المعمول بها حالياً”، والتي يصفها بأنها “بيروقراطية”.

ويضيف المرعيد لـ”طريق الشعب”، ان وزارة الكهرباء “تحتاج الى دعم من مجلسي النواب والوزراء، لإعادة هيكلة سياسة الوزارة، ليتم التركيز على هذه المشاريع بشكل اكبر، إضافة الى تنضيج قانون المشاركة ما بين القطاعين العام والخاص”، معتقدا أن هذا التعاون سيكون “المرتكز الأساسي للنهوض بملف الطاقة النظيفة”. ويرى المرعيد، ان وزارة الكهرباء “لا تزال دخيلة في مجال استخدام الطاقة النظيفة، وامكانياتها محدودة”.

توقعات بنتائج إيجابية

ويتوقع انه إذا تم استخدام الطاقة النظيفة في العراق فستكون لها نتائج إيجابية غير مباشرة، تتمثل بالنهوض في القطاع الخدمي، إضافة الى الأثر البيئي الجيد عند اعتمادها، من خلال التخلص من النفايات عن طريق حرقها لاستخدامها في توليد الطاقة الكهربائية وتقليل حرائق الوقود والاتجاه صوب اعتماد الطاقة الشمسية.

ويلفت الى ان ذلك سيسهم في حل احدى المشاكل الأساسية التي يعاني منها قطاع انتاج الكهرباء، الا وهو الغاز او النفط الأسود المستخدم في محطات توليد الكهرباء.

تشريع وتعديل قوانين

بدوره، يتحدث الخبير في مجال الطاقة وعضو معهد الطاقة العراقي، هاري إستيبانيان، عن المعوقات التي تقف في طريق استخدام الطاقة النظيفة، قائلا ان “أبرزها هي المعوقات التشريعية، حيث هناك ضرورة في الموافقة على قانون الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة مع تعديل قانون الكهرباء لعام 2017”، مؤكدا ان “إصلاح قطاع الكهرباء مهم ويجب أن يكون للحكومة دور تنظيمي وتسمح للقطاع الخاص بان يكون شريكا رئيسيا في التعاون”.

ويضيف إستيبانيان في حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “من الناحية المالية هناك قلة في التمويل في بعض الحالات مع وجود فساد وسوء إدارة إلى جانب البيروقراطية”.

وعن تأخير تنفيذ مشاريع الطاقة، يبين ان “الحكومة منذ عام 2021، وقعت على اتفاقيات أولية مع شركات طاقة دولية كبيرة مثل (أكوا باور وتوتال إنرجيز)، لتزويد الشبكة الوطنية بنحو 2000 ميغاوات، وشركة “مصدر” الإماراتية لتزويد 4 محافظات عراقية بألف ميغاوات كمرحلة أولية. لكن هذه المشاريع لم تتحقق بعد بسبب القيود المالية والمسائل الفنية والتجارية بالإضافة الى طول مدة عمليات المناقصات الحكومية والموافقات”.

ويحث إستيبانيان في حديثه وزارة الكهرباء على “إعادة النظر في دورها كمالك للأصول ومشغل ومنظم”، معتبرا ان “فشل الوزارة في تقديم الخدمات يعود الى التسلسل الهرمي الكبير الذي يضم آلاف الموظفين الذين ليس لهم دور فعال”.

بديل جيد

ويرى ان استخدام الطاقة النظيفة “سيكون بديلا جيدا عن مولدات الكهرباء ذات الصخب العالي، إضافة الى تقليل التلوث في الاحياء السكنية بشكل كبير”، لافتا الى ان العراق سيستغرق سنوات عديدة ليصبح مستقلا في مجال استخدام الطاقة النظيفة، ويبتعد عن استيراد الغاز او الوصول الى حالة عدم حرقه في الداخل”. وعن تأثير استخدام الطاقة النظيفة على البيئة، يذكر الخبير البيئي احمد صالح، ان “العالم المتحضر يتجه اليوم صوب استخدام الطاقة الشمسية بالإضافة الى الطاقة الخارجية من وقود الهيدروجين الأخضر”، موضحا ان “هذا النوع من الهيدروجين لا تنبعث منه غازات كربونية تضر بالطبقة الجوية، كما انه لا يؤخذ من الطبيعة ولا يستهلك كميات استخراجات أحفورية كبيرة من داخل الأرض، والتي تتسبب في خلخلة طبقات الأرض، بل يستخرج عبر التحليل الكهربائي للماء فيفصل الهيدروجين عن الماء”، مردفا انه “وقود نظيف جدا وعالي الفعالية عند الاشتعال”.

وتشمل الطاقات المتجددة او النظيفة: الطاقة الشمسية وطاقة المياه والأمواج والرياح وتبتعد عن طاقة الفحم والنفط والغاز الطبيعي.

وقود رخيص.. لكن!

ويحث الصالح في حديثه مع “طريق الشعب”، على ضرورة “استبدال وقود النفط الاسود المستعمل في معامل الطابوق، بمعامل ذات الاستهلاك الكهربائي التي لا تساهم في انبعاث كميات كبيرة من الكاربون”، لافتا الى ان اغلب معامل الطابوق في العراق تعتمد على النفط الأسود الذي يحتوي على كميات كبيرة من غاز الكاربون المصاحب لعمليات الاشتعال، كونه أرخص الوقود”.

أرض مهيأة لاستخدام الطاقة النظيفة

وعن حاجة العراق الى استخدام الطاقة النظيفة، يقول صالح ان “العراق بحاجة كبيرة جدا الى التحول لاستخدام الطاقة الشمسية، وهو مهيأ حيث هناك مساحات واسعة تسقط عليها اشعة الشمس التي من الممكن استثمارها، إضافة الى توفر موارد اخرى من شأنها ان تقلل من انبعاث الغازات السامة”.

ويتابع أن “البلد مقبل في السنوات القادمة على استهلاك الوقود المحترق، نتيجة الاستهلاك النفطي وتحويله الى غاز للاستهلاك”، مضيفا انه “من الممكن في السنة القادمة ان يتم الاعتماد على الاستهلاك الداخلي من الغاز المحترق المصاحب لعملية الاستخراج النفطي، وهو يعتبر قفزة وتحولا سريعا في التحسن البيئي في العراق”.

عرض مقالات: