اخر الاخبار

كثيرة هي اللجان التي شكلتها الحكومة ومجلس النواب للتقصي وكشف الحقائق في ما يتعلق بتغييب الناشطين والصحفيين والمثقفين، إلا ان مخرجاتها كانت واحدة: لا شيء. وهذا ما جعل الناشطين والمهتمين بالشأن يتهمون الحكومة بالتستر على المنفذين الحقيقيين وداعميهم، وأصبح لديهم إيمان راسخ بعدم الجدوى من تشكيل أي لجنة، لأنها لن تكشف عن شيء حتى لو توصلت له.

لجان التحقيق بلا نتائج

وبالحديث عن لجان التحقيق، فقد شكلت حكومة رئيس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي، في الأول من حزيران 2020، لجنة تحقيق موسّعة للتحقيق في جرائم خطف واغتيال المتظاهرين والناشطين المدنيين في البلاد. وقبل ذلك، تشكّلت لجنة برلمانية مؤلفة من أعضاء في لجنتي الأمن والدفاع، وحقوق الإنسان، وتم تكليفها بزيارة مدن عدة حصلت فيها حوادث خطف وتغييب واغتيال لناشطين.

وتجدر الإشارة إلى أن كلتا اللجنتين لم تكشف عما توصلت إليه من نتائج.

إضافة الى ذلك، شكل البرلمان العام الماضي، لجنة متخصصة لتقصي الحقائق حول ضحايا المغيّبين لانتفاضة تشرين الأول 2019 وما تلاها من حراك احتجاجي. وهذه اللجنة هي الثالثة من نوعها في العراق بشأن مصير الناشطين المدنيين والمتظاهرين الذين جرى تغييبهم على يد عصابات الاجرام، وبعد فشل لجنتين سابقتين في هذا الشأن في مهماتهما، لم تحقق اللجنة الثالثة اي تقدم ملحوظ.

3 سنوات على تغييبه!

وتمر علينا، اليوم الاحد، الذكرى السنوية الثالثة على تغييب الكتبي مازن لطيف، الذي كان مشاركا فاعلا في الحراك الاحتجاجي، حيث اقدمت سيارتان من نوع (بيك آب) على اختطافه من منطقة الميدان القريبة من شارع المتنبي في بغداد، بعد أن كان يتلقى تهديدات قبل أيام من اختطافه، طالبته بالكف عن دعم التظاهرات إعلامياً، كما دعته إلى عدم الاشتراك فيها.

وفي هذا الصدد، قال علي الطوكي ـ الصديق المقرب للكاتب مازن لطيف ـ إن “عملية تغييب الفرد مرفوضة وفق كل المعايير الانسانية والدينية وتمقتها البشرية جمعاء، فمن الصعب جداً ان يبقى المرء في حيرة من أمره، لا يعرف مصير المقربين منه وهذا مؤلم جداً، ومازن ليس المغيب الوحيد، وهذا يدل على ان الدولة ضعيفة، فلو كانت قوية لما استمرت عمليات التغييب وربما سيستمر الى المستقبل”.

وخلص إلى أنه لم يفقد الأمل “حتى الان برجوع مازن وسيسعدني رجوعه يوماً ما، وهذا هو حال كل عوائل المغيبين”، مطالبا “الجهات الحكومية ان تحاول معرفة مصير جميع من تم تغييبهم في العراق، وان كانت هناك تهمة على اي مغيب فبكل تأكيد هناك قضاء عراقي ويحاسب وفق القانون”.

حرية التعبير في خطر

وعلى صعيد متصل، قال المنسق العام للتيار الديمقراطي زهير ضياء الدين: إن “ملف التغييب القسري وعمليات الاغتيال لا يزال مفتوحا في العراق. وفي المقابل لا يتم ضمان حماية وتأمين الناشطين والصحفيين، لذلك نرى ارتفاعا متزايدا في الاحصائيات التي تصدر”.

وأكد ضياء الدين في حديثه لـ”طريق الشعب”، أن “حرية التعبير في البلاد لا تزال في خطر، وهذا يتطلب بذل جهود سواء من القوى الوطنية والمنظمات الدولية المعنية بحرية التعبير، للضغط على الجهات المعنية”، محملا “الدولة بالدرجة الاولى مسؤولية ذلك، لأنها هي المعنية بحماية المواطنين بكافة توجهاتهم ومواقفهم وضمان حريتهم”.

وعن رؤيته لتعاطي الجهات المعنية مع الامر، قال “مرارا ما يصدر عن الجهات المعنية بيانات تقول فيها انها تتابع، لكننا في الواقع لا نلمس بشكل جدي اهتماما من المعنيين، وقد تكون هناك ضغوط سياسية للتأثير على اجهزة الدولة، وتحول دون الكشف عن مصير المغيبين وهوية الجناة”، داعيا إلى “استمرار متابعة كافة عمليات الانتهاك وكشف مصير المغيبين وعدم ترك اي قضية حتى الوصول الى الجناة وتقديمهم الى العدالة”.

الضرب بيد من حديد؟

ومرّت علينا أمس السبت، الذكرى السنوية الرابعة، على اغتيال الكاتب والروائي الدكتور علاء مشذوب، وسط مدينة كربلاء، برصاص مجهولين، حيث اخترقت 13 رصاصة جسده وأدت إلى وفاته على الفور. ففي حينها دعا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الأجهزة الأمنية في كربلاء إلى كشف ملابسات اغتيال مشذوب، لكن الجناة لا يزالون أحرارا.

وقال رئيس مجلس النواب: “ما زلنا ننتظر الأجهزة الأمنية، لاطلاع الرأي العام على ملابسات جريمة اغتيال الكاتب والروائي الدكتور علاء مشذوب وسط مدينة كربلاء، وكشف الجناة، وفضح من يقف وراءهم، وتقديمهم إلى العدالة لينالوا جزاءهم”. وفي حينها أعلن محافظ كربلاء انه سوف يكشف عن قاتلي مشذوب خلال 24 ساعة، لكن وعده لم ينفذ حتى الآن.

أسوة بأقرانه

وفي هذه المناسبة، قال القاص سلام القريني: ان “علاء مشذوب كان احد الرواد والمساهمين الفاعلين في الفعاليات الثقافية للتجمع الثقافي من اجل الديمقراطية، والذي تأسس بعد العام 2003 قبل ان ينال شهادة الماجستير والدكتوراه، ودعمه التجمع الثقافي في اخراج فيلم حمل عنوان (شبابيك ونوافذ في كربلاء)”.

وعن استهداف المثقف، أوضح القريني لـ”طريق الشعب” بقوله: ان محافظة كربلاء “تختلف عن باقي محافظات العراق بعد التغيير، فكانت مستهدفة من القوى الظلامية اكثر من اي مدينة اخرى، لان هذه المدينة كانت تنشد مجتمعا مدنيا بعيدا، بينما كانت هناك محاولات لتحويلها الى قندهار، لكن المثقف الكربلائي استطاع بفضل القوى الوطنية داخل المدينة، احباط هذا المشروع عبر سلسلة من الفعاليات”.

ووفقا للقريني، كانت هذه الفعاليات تنظم على “مستوى المنتديات الثقافية او الشارع، وساهم نادي الكتاب في كربلاء في نشر الفكر التنويري داخل المحافظة وكان الشهيد علاء مشذوب من المساهمين فيه، وهذا الامر لا يحلو لبعض قوى الاسلام السياسي المتشددة”.

واكد في ختام حديثه ان مطلبهم الاساسي هو “الكشف عن القتلة فما زال قاتل علاء مشذوب مجهولا كما هو الحال بالنسبة لكامل شياع وقاسم عبد الامير عجام وهادي المهدي، فحتى الان لم يكشف عن قتلة هؤلاء المثقفين تمهيداً لمحاكمتهم”.

عرض مقالات: