اخر الاخبار

أثار قرار وزارة الداخلية، مؤخراً، بتشكيل لجنة لمكافحة المحتوى الهابط على وسائل التواصل الاجتماعي، ردود فعل مختلفة، خصوصا مع اعتقال عدد من صناع المحتوى على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، فيما أكّد معنيون أن هذه المهمة هي ليست ضمن مسؤوليات وزارة الداخلية، المعرفة وفق القانون، إضافة الى ان عمل اللجنة يتسم بالضبابية، مع عدم وجود رؤية واضحة ولا أية معايير.

ودعوا الى احترام الدستور والنظام الديمقراطي وعدم التجاوز على الحقوق الأساسية وكسر مبدأ الفصل بين السلطات.

تجاوز على الدستور 

وفي هذا الشأن، قال الخبير في مجال حقوق الإنسان، علي البياتي، ان «كل الحريات بحاجة الى تنظيم، على اعتبار ان الحرية الشخصية والحقوق متاحة بشرط ان لا تتجاوز على حرية وحقوق الآخرين، وهذا يتطابق مع المادة 17 من الدستور التي تكفل حماية الخصوصية بشرط عدم التجاوز على الآداب العامة».

وأكد في حديثه لـ»طريق الشعب»، عدم الاختلاف على ضرورة «ان تكون منصات التواصل الاجتماعي هي مساحة لحرية التعبير عن الرأي، ولكن بدون التجاوز على حريات الاخرين وحقوقهم».

وأشار البياتي الى ان «الكثير من المواد والحقوق المكفولة في الدستور العراقي او حتى القوانين الدولية، غير مترجمة من خلال التشريعات، بالتالي نحن ما بين تشريعات قديمة تعود لحقبة ما قبل 2003 إن وجدت ويساء استخدامها، او مواد غير مترجمة على ارض الواقع، وبالتالي هناك فراغ تشريعي وقانوني واضح».

وشدد الخبير على ضرورة «الفصل ما بين عمل هذه المؤسسات والسلطات، ابتداء من التشريع الذي يعرّف هذا النظام وهذه الآداب لأنه غير موجود، وكذلك الحال بالنسبة للتشريع الذي يعرّف هذه المواد القانونية والدستورية، فهو غير موجود ايضاً».

ومهمة وزارة الداخلية حسب التشريعات الموجودة تتلخص بحفظ الامن الداخلي وضبط الحدود مع دول الجوار ومكافحة الارهاب وتجارة المخدرات والسلاح، ولا توجد ضمن مهمات وزارة الداخلية مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي او المعاقبة، متسائلا حول كيف لوزارة الداخلية ان «تقوم بهذه المهام وهي ليست ضمن مهامها حسب القانون؟ وعلى وفق أي مادة ستتم معاقبة هؤلاء؟.

وخلص «نحن مع تنظيم ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي بشرط ان يكون وفق القانون وطبقاً لما يصدر عن البرلمان».

بدون معايير أو رؤية

وعلى صعيد متصل، اكد المدير التنفيذي لمؤسسة الميثاق للتنمية والديمقراطية سعد عامر، الحاجة الى تنظيم هذا الفضاء الواسع، «لكننا نفتقد وجود الاليات في الدستور والقانون، التي تمنع التصرفات التي تسيء للذوق العام»، مؤكدا انه في الوقت الحالي لا يمكن «محاسبة شخص ينشر محتوى غير لائق، فلا يوجد نص قانوني يسمح ذلك، كما لم تحدد وزارة الداخلية أية معايير للعمل وفقها، ولم تطلب ان يكون هناك تدخل من المشرّع العراقي ليشرّع مثل هكذا قوانين او التعديل على قوانين موجودة سابقاً».

ونبّه عامر في حديثه لـ»طريق الشعب»، إلى ان «ترك الأمور تسير بهذه الطريقة يعني ذهابنا باتجاه عملية ازدواجية ومزاجية في محاسبة الأشخاص او المشاهير والإعلاميين»، منوها إلى انه «يجب ان تكون هناك رؤية وآلية عمل واضحة، ويتم التعريف بالضوابط والمحددات وما هو الممنوع والمسيء».

وعبّر في ختام حديثه عن خشيته «من استغلال هذه اللجنة في إسكات الأصوات وتقييد الحريات؛ فهناك جهات تعمل على تكميم الأفواه التي تنتقد بعض الجهات السياسية أو الحكومية».

قمع وانتقاء

إلى ذلك، علّق الكاتب والأكاديمي فارس حرام على الأمر بالقول: ان «دخول وزارة الداخلية على الخط لمكافحة ما يسمى (المحتوى الهابط) أمر غير مؤسسي ولا دستوري وبلا سند قانوني؛ فالظاهرة أصلها ثقافي، وتتم مكافحتها عبر إنقاذ قطاعي التربية والتعليم من الانهيار، وليس بعمل بوليسي سيختلط من دون شك بالقمع والانتقاء».

وعن سبل مواجهة المحتوى الهابط، قال إنه «لا بدّ من نشر الوعي بخطورة التفاهة حين تغزو حياتنا، لكن مع التذكر أن فكرة (المجتمع الفاضل) مستحيلة التحقيق، وإذا كان من دفاع عن ـ فضيلة ما ـ فتلك هي مسؤولية المجتمع بوسائله السلمية وصراع الأجيال وقدرات الإقناع. يعني قضية ثقافية تماماً، لا صلة للشرطة بها. هذا زرعكم وإذا أردتم التغيير فعلاً، فأبدأوا من التعليم الذي خربته سياساتكم».

وحذّر حرام في الختام من «الدفاع عن المفاهيم العامة في عمل الشرطة وتطبيق القانون».

عرض مقالات: