اخر الاخبار

تكررت في الآونة الأخيرة أخبار عن انهيار عدد من المباني بشكل مفاجئ، تحديدا في محافظتي بغداد والانبار، الامر الذي يكشف عن ملفات الفساد التي تطال المشاريع وقطاع الاعمار والتأهيل.

ويعمل الفساد كضريبة غير فعالة على الأعمال التجارية، حيث يؤدي إلى زيادة التكاليف وتقليل جودة الأعمال المنفذة لغرض زيادة ربحية الاستثمارات.

وسجلت العاصمة بغداد ومحافظات أخرى خلال الفترة السابقة انهيار عدة مبان، تسببت بمقتل عدد من المواطنين وإصابة آخرين، اخرها مبنى قيد الإنشاء بمدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، في 3 نيسان الجاري.

وفي محافظة أربيل، سقط 11 عاملا من أعلى بناية قيد الإنشاء، في شارع 120 الرئيس بالمحافظة.

وبحسب وكالات أنباء محلية، فإن السقوط جاء بسبب انهيار جزء من المبنى، وقد تم نقل العمال الى مستشفى قريب.

وفي تشرين الاول الماضي، تعرض مبنى طبي لانهيار كامل في منطقة الكرادة وسط بغداد، ما أدى الى مقتل ثلاثة أشخاص في حين أُنقذ 13 آخرون من تحت الركام.

مماطلة في العمل

ويلفت حسن إيهاب، الذي يعمل مقاولا بمحافظة الانبار، لوجود رشاوى ومساومات عديدة تتم مع المقاولين ما يجعل بعضهم يقبل ويتفاوض لعدة أشهر لمماطلة العمل والحصول على مبالغ مالية أكثر، مشيرا الى ان اغلب حالات الرشى تحدث في قسم الحسابات والتدقيق.

ويردف ايهاب كلامه لـ “طريق الشعب”، بان المخالفين من المقاولين يتعرضون لسحب المقاولة او المنع من دخول المناقصات، لكن بمجرد دفع مبلغ معين يستطيع استعادة المقاولة.

ويبين، ان اغلب الرشاوى تحدث في المشاريع الممولة من قبل المحافظة، وليس المشاريع الحكومية التي تكون على ثلاثة أنواع: مشاريع صندوق الاعمار، ومشاريع المنافذ الحدودية، ومشاريع المحافظة او الموازنة، ويتواجد مهندسون مشرفون على المشاريع الحكومية، لذا نادرا ما يكون هناك تلكؤ فيها.

ويستدرك قائلا: ان اغلب المشاريع السيئة هي عمليات اكساء الشوارع، فيما يعزى سبب ذلك لـ سعر المتر الواحد الذي يصل الى ٣٠-٤٠ كحد أدنى.

غياب المهنية

ويتابع إيهاب كلامه عن موضوع التبليط في الانبار، قائلا: ان “الميزانية تكفي ١٠٠ كيلو تبليط على ٣٠ ألفا للمتر، لكن يتم العمل بـ 200 كيلو بسعر ١٥ ألفا للمتر، مع غياب بقية الخدمات كالمجاري وغيرها”.

ويجد إيهاب ان أسلوب العمل المستخدم أدى الى اعمار كبير وسريع في العديد من مناطق المحافظة، لدرجة أحدث ضجة إعلامية، ولكن بالعودة الى الواقع فهي بعيدة على ان تكون خدمات ذات جودة، لغياب المصداقية والمهنية في العمل.

يشار الى ان اغلب الطرق في محافظة الانبار مشوهة وخاسفة، حيث جرى تبليطها في عامي 2017، 2019، كما يوجد العديد من المشاريع الاستثمارية المتلكئة، مثل مستشفى الباز في منطقة خمسة كيلو، متوقف العمل فيه، منذ أكثر من 3 سنوات، إضافة الى بنايات أخرى كثيرة.

اسبابها

ويتحدث المهندس المعماري، سلوان الاغا عن أبرز الأسباب التي تؤدي الى انهيار المباني في البلد، اذ يعتبر ان الوضع السياسي يشكل عاملا أساسيا يستطيع التأثير على جميع قطاعات البلد، ومنها قطاع الاعمار، وما يلاحقه من رصانة الإنجاز والروتين الطويل، وكفاءة المختبرات التي يتم فحص المواد فيها ومدى استيفائها الشروط الهندسية.

ويبين الاغا لـ “طريق الشعب”، ان “العراق يعتبر بلدا مستهلكا لمواد البناء، إضافة الى ان تصاميم الأبنية فيه تعتبر معقدة وتتطلب العديد من المواد، حيث لا نميل الى الاختصار او اعتماد التصاميم الرشيقة”.

وعن وجود أسباب أخرى تساهم في انهيار المباني، يذكر الاغا ان “عدم الشروع بالأعمال الأولية، وعدم اجراء تحريات التربة ومعرفة ما يلائمها من تصاميم معمارية، هي ابرز الاسباب، اما من جانب التنفيذ فتؤثر المواد المستخدمة ورصانة الشركات المصنعة على العمل بشكل رئيس”، مؤكدا أهمية وجود مختبرات لفحص مواد البناء واللجوء الى استشارة مهندسين ذوي اختصاص.

وينبه الى ان “مخبرات الفحص يجب ان تكون تحت رقابة أجهزة التقييس والسيطرة النوعية، وان يضمن مطابقتها لشروط الدولة.

وفي ختام حديثه، حث الاغا على ضرورة الالتزام بإجراءات السلامة المهنية، لضمان حقوق العامل وسلامة البناء.

يشار الى ان غالبية المباني التي شيدت في السنوات الأخيرة، غير مطابقة للمواصفات النوعية والهندسية، وبعضها ويجري بناؤها من قبل الأهالي، من دون أن تكون هناك عمليات كشف عليها من قبل الجهات المسؤولة.

وعلى الرغم من كثرة حوادث انهيار المباني وفتح تحقيقات بهذا الشأن، الا انها لم تفض إلى محاسبة أي جهات مقصرة ولم تعلن الحكومة عن إحالة المسؤولين عن تلك المباني إلى القضاء.

عرض مقالات: