اخر الاخبار

يعلل استخدام الكوتا ـ وهي حصة نسبية في الأنظمة النيابية ـ بضمان التمثيل النيابي الحقيقي لشريحة من المجتمع، تعتبر وفق المفاهيم السياسية بأنها أقلية. بينما في العراق يجري استغلال مقاعد الكوتا من قبل القوى المتنفذة وجعلها قوة تصويتية لصالحها، عبر وسائل عديدة ومختلفة منها تشريعات قانون الانتخابات التي يجدها المسيحيون مجحفة، وتسهم في تعزيز سطوة تلك القوى على مقاعد الكوتا.

وكانت المحكمة الاتحادية قد اصدرت قرارا ينص على ان الفقرات الخاصة بالأقليات في المادة ١٣ من قانون ٩ لسنة ٢٠٢٠، هي «غير دستورية وعلى المشرع تعديل القانون، من اجل تحقيق العدالة والمساواة»، بينما يتساءل معنيون حول تحقيق العدالة في ظل القانون الانتخابي الجديد؟

معرضة للمصادرة والاستغلال

يقول رئيس ائتلاف الرافدين، يونادم كنا، ان من المؤسف ان الكتل الكبيرة استغلت الكوتا، ورسخت سطوتها عليها من خلال الاستئثار بالمال والسلاح والسلطة؛ فمقاعد الكوتا باتت تسرق لصالح القوى السياسية المتنفذة، ليتم استغلالها كقوة تصويتية، كما حصل في الانتخابات الاخيرة.

وأوضح، أنّ هذا التصرف «لا يعني سوى الخروج عن المعايير الدولية التي تدعو لاحترام حرية هذه المكونات في أن تنتخب ممثليها، وفي ذات الوقت هو خروج عن المعايير الديمقراطية، وقبل اقرار البرلمان لقانون الانتخابات الجديد، جمعنا 6000 توقيع، وطالبنا بحماية مقاعد الكوتا من خلال حصر التصويت بسجل انتخابي خاص، لكن لم نلقَ اذنا صاغية، فتقاسمت القوى السياسية حصصنا في ما بينها».

وتابع كنا بالقول: ان «مقاعد الكوتا وارادة المكون لم تزل معرضة للمصادرة، ويتم استغلالها بطريقة غير ديمقراطية، وهذا مؤشر على تراجع مفهوم الشراكة الوطنية ومبادئ الديمقراطية في البلد»، مؤكدا انهم قرروا اللجوء الى «المحكمة الاتحادية العليا لنطالب بحقنا، بأن تحترم ارادة الاقليات وحماية مقاعد الكوتا من السرقة من قبل الكتل الكبيرة. وبخلاف ذلك فلا قيمة او معنى للكوتا، ولتكن ضمن المقاعد العامة افضل».

قوانين لا تحقق العدالة

من جانبه، قال الخبير الانتخابي دريد توفيق، ان هناك حيلة قانونية تتمثل في إمكانية انتخاب مرشح الكوتا من قبل اي مواطن عراقي، بينما لا يسمح لعملية الترشيح أن تتجاوز الكوتا. وبهذه الطريقة يتم استثمار الكوتا من قبل القوى المتنفذة، وبالتالي يفوز المرشح عن الكوتا، لكنه يمثل ارادة مكون سياسي داعم.

وأضاف ان قانون «رقم 9 لسنة 2020 والذي اجريت الانتخابات السابقة على أساسه، فيه مشكلة، وأن المحكمة الاتحادية أقرت قرارا بعدم دستورية قسم من المادة 13 من القانون؛ حيث نص قرارها على ان هذه الجزئية المتعلقة بالكوتا لا تحقق العدالة والمساواة بين أقليات الكوتا، وأكدت عدم دستورية جزء منها».

واوضح الخبير في حديث لـ»طريق الشعب قائلاً: ان «القانون الانتخابي الجديد الذي دمجت معه انتخابات مجالس المحافظات، هو تعديل على قانون رقم 12 لسنة 2018، وانه لم يحقق العدالة للأقليات، كونه تجاهل المشكلة التي تحدثت عنها المحكمة الاتحادية في القانون السابق».

وتابع الخبير، ان «القانون الجديد لم يحقق العدالة، حيث انه اعطى الحق لأي صابئي في اي محافظة ان ينتخب القائمة الصابئية. بينما لم يمنح هذا الحق لأي كردي فيلي في بقية المحافظات بان ينتخب المرشح في محافظة واسط»، منوها الى ان «الحل هو باعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة بالنسبة لهم جميعاً».

وصوّت مجلس النواب في اذار الماضي على ان يتكون مجلس النواب من 329 مقعداً، ومنح حصة الكوتا من العدد الكلي للمقاعد العامة لمجلس النواب على النحو الاتي: المكون المسيحي خمسة مقاعد توزع على محافظات بغداد ونينوى وكركوك ودهوك وأربيل. والمكون الايزيدي مقعد واحد في محافظة نينوى، والصابئي المندائي مقعد واحد في محافظة بغداد، والمكون الشبكي مقعد واحد في محافظة نينوى، والكرد الفيليون مقعد واحد في محافظة واسط. على ان تكون المحافظة التي خصص لها مقعد من مقاعد الكوتا دائرة انتخابية واحدة لتمثيل مقعد الكوتا المخصص، ضمن مقاعد مجلس النواب، وفقا للحدود الادارية لها.

تعديلات مجحفة

من جانبه، يقول الناشط المدني راني فلاح، من اهالي بلدة ألقوش، ان التعديلات المجحفة على قوانين الانتخابات، خصوصاً التعديل الاخير، «تسهل استغلال الكوتا لصالح القوى المتنفذة في السلطة. سابقاً كان العراق دائرة واحدة بالنسبة لانتخابات الكوتا، لكنهم اتاحوا حرية التصويت للجميع».

وتابع في حديث مع «طريق الشعب»، ان القانون الجديد «قسم المقاعد بما يخدم القوى المتنفذة، ويمكن القول انه تم منح كوتا الاقليات على طبق من ذهب لهذه القوى، لذلك نرى ان الكوتا غالباً ما لا تعبر او تمثل تطلعات الأقليات؛ فحتى الان الاداء غير مقنع، وعليه الكثير من الملاحظات. والقليل من يعتبر نفسه ممثلا عن المواطنين بصورة عامة ويعامل وظيفته بروح وطنية، ولا يتخندق باطار معين لصالح المتنفذين».

واكد ان هناك «مطالب عديدة تُطرح بما يخص انتخابات الكوتا، اهمها ان يكون هناك سجل ناخبين خاص، ينتخب من خلاله المسيحيون فقط، لضمان ان يكون لهم تمثيل وصوت حقيقي داخل مجلس النواب، وهذا الموقف لم يأت من فراغ بل من واقع تهيمن فيه القوى المتنفذة على كوتا الأقليات كما يشاؤون».

عرض مقالات: