اخر الاخبار

تمتاز كل محافظة عراقية بميزة تاريخية وثقافية، تتمثل بوجود عدد كبير من الصروح التاريخية الهامة كالمتاحف والمدارس والمكتبات والساحات؛ إذ أن هناك عشرات الابنية التي يعود تاريخها الى مئات السنين، والى حقب زمنية مختلفة، لكن غالبية تلك الأبنية التراثية تعاني إهمالاً كبيرا من قبل الجهات المعنية.

وما يزيد الطين بلة، أن هناك عدم دقة في إعادة التأهيل والاعمار، وفيما يتحول بعض من هذه الصروح الى مكب للنفايات يندثر بعض آخر بسبب التغيرات المناخية، ما جعلها تفقد رمزيتها التاريخية.

ومن المعالم التي تحولت الى مكب للنفايات، جامع “مرجان” الأثري في العاصمة بغداد، الذي يعود تاريخ بنائه إلى العصر العباسي.

إهمال يتسبب بالانهيار

يقول حازم الصائغ، الذي يعمل في دائرة الآثار في محافظة واسط، ان “اعمال الترميم غير الصحيحة وغير المدروسة، التي يقوم بها في اغلب الأحيان اشخاص غير مؤهلين، ساهمت في طمر القيمة التاريخية والتراثية لهذه المباني”.

ويضيف الصائغ في حديث مع “طريق الشعب”، ان “أعمال التأهيل والترميم يجب أن تتم وفق عمليات فنية دقيقة جدا، ومن قبل كادر علمي متخصص ومحترف، وعلى دراية عالية بكيفية التعامل مع هذه الاماكن والقطع”.

ويشير الى ان “عمليات الترميم شوهت العديد من الأماكن الحضارية والتاريخية، وبسبب سوء المواد المستخدمة وغياب الاحترافية والدقة في العمل، فقدت هذه الصروح رونقها الأصلي”.

ويستذكر الصائغ موقفا حصل في المحافظة، قائلا انه “بسبب موجة الامطار الشديدة التي تعرضت لها مدينة الكوت، انهار منزل يقدر عمره بأكثر من 100 عام وهو منزل الجنرال البريطاني طاوزند قائد الجيش البريطاني”.

ويرى ان السبب الرئيسي في انهيار المنزل هو غياب المتابعة والمراقبة وفقدان عمليات التأهيل والصيانة، مشيرا الى ان تلك الأعمال عادة ما يعهد بها الى مقاولين عاديين.

ويقترح الصائغ ان يكون هناك تعاون مع المنظمات الاجنبية المتخصصة بترميم وصيانة الاماكن التاريخية والتراثية من اجل اعادة تأهيلها والاستفادة منها، كونها موردا سياحيا واقتصاديا.

قلة التخصيصات المالية

منقب الاثار بدائرة اثار واسط، مصطفى الغزي، يقول ان “البلد يحتضن العديد من المواقع الاثرية، التي يفوق عددها 15 ألف موقع أثري، تعود الى حقب مختلفة”، لافتا الى احتواء محافظة واسط الكثير من هذه الاثار بضمنها الآثار الشاخصة في مدينة واسط الأثرية، أحدى أهم المدن العربية الإسلامية، وتقع على بعد (65 كم) إلى الجنوب الشرقي من مدينة الكوت – مركز محافظة واسط، وهي مدرجة على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي”.

 يتحدث الغزي لـ “طريق الشعب”، عن أبرز معاناة هذه الاثار، مشيرا الى وجود شح في التخصيصات المالية اللازمة لزيادة الاهتمام فيها.

ويضيف ان “العديد من الاثار تتعرض لحالات عبث وإضرار إنساني إضافة الى مساهمة الظروف الجوية والتغيرات المناخية القاسية في ارهاق تلك المواقع، وجعلها آيلة للسقوط بسهولة”.

ويعتبر الغزي ان “عمليات الاستثمار الجارية والسابقة لا تلبي الطموح”، مشددا على ضرورة استثمار الطاقات البشرية العاملة في مجال الاثار، والعمل على رفع قدراتهم الفنية والعملية والمادية، إضافة الى تفعيل دور التسويق الإعلامي الإيجابي، وبث الوعي الحضاري لدى عامة المجتمع، بما ينعكس إيجاباً على زيادة مستويات الاستثمار وتوسيع آفاقها بشكل تدريجي.

فيما يذكر مدير دائرة الاثار والتراث في محافظة البصرة، مصطفى الحسيني، انه “بعد استخراج الاثار في عمليات التنقيب، تكون عرضة للعوامل المناخية كالرياح والرطوبة لذا تكون بحاجة الى صيانة ومتابعة”، مشيرا الى ان هذه العمليات لا يمكن ان تسمى عمليات “تنقيب” كونها غير مصحوبة بعمليات الصيانة.

ويكشف الحسيني لـ”طريق الشعب”، عن وجود مشاريع في عدة محافظات لإعادة ترميم الكثير من الاثار، بعض منها سيكون في محافظة ذي قار التي تحوي 1200 موقع اثري، وفي الديوانية التي تحتوي على اكثر من 1500 موقع.

وينوه بان هذه العمليات غير كافية كون البلد يحوي كماً هائلاً من الاثار، التي تحتاج الى عمليات صيانة دورية بشكل احترافي ودقيق، لا يجعلها تفقد رمزيتها.

عرض مقالات: