اخر الاخبار

لم تتطرق جلسة البرلمان، التي عقدت يوم امس، إلى مشروع قانون موازنة العام 2023، عدا مطالبات نيابية بزيادة تخصيصات المحافظات وزيادة رواتب الدنيا لشريحة المتقاعدين. فعلى الرغم من مرور اسابيع عديدة على تقديم الحكومة مشروع الموازنة الى البرلمان بُغية اقرارها، لكنها لا تزال ذات بين اروقة مجلس النواب، لاسباب عديدة منها الشد والجذب بين الاطراف السياسية، واخرى تتعلق بما ورد فيها من إنفاق كبير تسبب بعجز يقدر بـ 63 مليار دولار.

بدوره، عدّ المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، تأخر اقرار قانون الموازنة الاتحادية «غير صحيح».

وقال صالح، ان «تاخر اقرار قانون الموازنة غير صحيح، وليس من صالح البلد، ويفترض من مجلس النواب الاسراع باقرار القانون».

واضاف ان «العراق منذ اكثر من عام ونصف العام من دون قانون موازنة وهو امر كبير على بلد كالعراق».

وتابع صالح، انه «في جميع الاحوال نتوقع انه خلال الاسبوعين او الثلاثة اسابيع المقبلة، سيتم تشريع قانون الموازنة».

فيما أكد خبراء ومعنيون، ضرورة معالجة هذا العجز قبل اقرار الموازنة لتجنب الوقوع بفخ المديونية، من خلال اعادة الموازنة الى الحكومة، لإجراء التعديلات اللازمة عليها، ومعالجة العجز الكبير الذي تتضمنه، وذلك بتخفيض النفقات على رواتب الدرجات الخاصة، وتقليل حجم التعيينات وتخفيض نفقات بعض المؤسسات.

المالية البرلمانية

وما تزال اللجنة المالية البرلمانية، تدرس إمكانية تخفيف العجز بالموازنة، وفقا لرئيسها عطوان العطواني الذي قال ان أن «اللجنة تدرس إمكانية تخفيف العجز المالي في الموازنة»، داعياً «الحكومة إلى تبني مشاريع استثمارية منتجة تسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتعزز الإيرادات غير النفطية»، مشدداً على ضرورة دعم الحكومة وتمكين القطاع الخاص».

لا حلول

وفي هذا الشأن، قال الخبير الاقتصادي، صالح الهماشي، ان كل موازنات العالم فيها نسبة من العجز، يسمى «عجز طبيعي»، ولا يتجاوز الـ 5 في المائة، بينما في الموازنات العراقية فان العجز «غير طبيعي»، ويصل فيها الى 20 أو 25 في المائة. وأضاف الهماشي قائلا: ان «الحكومات العراقية تعول دائماً في تغطية العجز، على توقعاتها بارتفاع اسعار النفط، ويضعون سعرا افتراضيا لذلك، وترفع سقف النفقات على الموازنة التشغيلية، بينما الموازنات الاستثمارية والخدمية خاملة ومشلولة. وهذا سببه عدم وجود تخطيط وغياب الرؤية، التي تعد من اهم مشاكلنا في الجانب الاقتصادي، اضافة لغياب الواقعية».

وأشار في حديثه مع «طريق الشعب»، الى أن «اللجنة المالية النيابية عندما تدرس خفيف العجز في الموازنة، فهي بكل تأكيد ستعمل على تقليل نفقات موازنات المؤسسات وهذا التقليل لا ينسجم مع مخططات المؤسسة، وهذا خطأ كبير وفادح».

ويشير الهمّاشي الى ان الحكومة تعول على زيادة أسعار النفط، في تغطية العجز»، مردفا ان «هذا الافتراض غير صحيح؛ فأسعار النفط ربما تشهد انخفاضا كبيرا».

وينبه الخبير الاقتصادي الى ان عقلية المنظومة السياسية في تعاطيها مع الاقتصاد لا تمتلك بدائل، لهذا فإن الحكومة تحاول ان تحل مشكلة البطالة بالتعيينات، التي تعمق ازمة البطالة، وترفع الانفاق الحكومي على الموازنة التشغيلية، في مقابل تقليل الانفاق على الموازنة الاستثمارية، وهذا يعني توقف المشاريع التي تساهم في مشكلات الناس.

ويواصل حديثه بالقول: ان الحكومة تحاول استمالة الجمهور انتخابياً من خلال ملف التعيينات، وهو ما ادى الى تفاقم كثير من المشاكل، ولا تزال القوى المتنفذة ترهن توسيع قاعدتها الانتخابية من خلال التعيينات.

وينصح المتحدث «بإعادة مشروع الموازنة الى الحكومة، من أجل اعادة النظر في ميزانيات المؤسسات، التي يجب أن تكون معقولة، اضافة الى تفعيل قانون الاستثمار بشكل صحيح، وقانون العمل الذي من شأنه ان يخلق فرص عمل كثيرة، تقلل من الانفاق الحكومي على الميزانية التشغيلية».

عجز غير منطقي

 وعلى صعيد متصل، أوضحت الخبيرة الاقتصادية د. سلام سميسم ان العجز الموجود حاليا هو 63 مليار دولار، وهو غير منطقي او واقعي وكبير جداً، ولا يمكن ان يتم سد هذا العجز، بينما يجب ان تتم معالجته وبخلاف ذلك فإن العراق سيلجأ الى القروض.

وتابعت سميسم حديثها لـ»طريق الشعب»، بالتأكيد على ان «اللجوء الى الاقتراض معناه أننا سنقع في فخ المديونية، واذا استمرينا في هذه الموازنة بهذا العجز ففي سنة 2024 ستكون الموازنة بمواجهة المديونية الخارجية، وبالتالي موازنة 2025 ستكون ربما بمثابة اعلان حالة الافلاس».

وأشارت الى ان «تقليل العجز لن يتم الا من خلال تقليل النفقات وضغطها، فهذا السبيل الوحيد لمعالجة هذه الامور، اضافة الى تقليل التعيينات التي هي سبب رئيس بهذه الطفرة في النفقات، كونها تتطلب رواتب»، منوهة بان «الحكومة هي من وضعت نفسها بهذا المأزق، من خلال تحميل نفسها التزامات اكبر من طاقتها، والغاية هي ان تحظى بقبول الجماهير».

وأكدت سميسم ان هناك معالجات معتمدة في بلدان اخرى الا وهي تنويع الايرادات، مردفة «لكننا لا نملك هذا الخيار، لأننا لا نملك سوى النفط».

واختتمت حديثها بالتشديد على ضرورة ان «يعيد المعنيون النظر في الموازنة، وان يتم العمل على تقليل النفقات العامة، وان تكون ذات بعد تنموي، فمن غير المعقول هذا البذخ في النفقات على الرواتب، لا سيما رواتب الدرجات الخاصة التي لا يوجد مثيل لها في باقي البلدان».

عرض مقالات: