اخر الاخبار

لا يزال الصحفيون في العراق يواجهون انتهاكات جسيمة تعرقل عملهم، في ظل استمرار الاعتداءات والاعتقالات والتضييق والعمل بقوانين من حقبة النظام السابق تضيّق على عملهم وتقيدّه.

ولم يبرح العراق مكانه بالمراكز المتأخرة ضمن مؤشرات حرية الصحافة، وفق تقرير صدر امس الأربعاء، عن منظمة (مراسلون بلا حدود).

واحتل العراق المركز (167) في مؤشر حرية الصحافة التابع للمنظمة، من اصل 180 دولة شملها التقرير!

اليوم العالمي لحرية الصحافة

ويحتفل العالم بالثالث من أيار من كل عام، باعتباره اليوم الدولي لحرية الصحافة. ويصادف هذا العام الذكرى الـ30 لإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1993، تخصيص هذا اليوم للاحتفال والتركيز على حقوق الصحفيين وحمايتهم وللتأكيد على المبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وتقييم حالة حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم، والدفاع عن وسائل الإعلام من الاعتداءات.

وجددت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، امس الأربعاء، تأكيد التزام الأمم المتحدة، بدعم العراقيين في الدفاع عن حرية التعبير.

وقالت بلاسخارت، في بيان، إنه في “هذا العام يجري الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة تحت شعار (بناء مستقبل قوامه الحقوق: حرية الصحافة محور حقوق الإنسان)”.

وأضافت أن “حرية التعبير أمرٌ أساسيٌّ لعمل جميع المجتمعات الديمقراطية، وتعمل وسائل الإعلام الحرة والمستقلة على تعزيز التبادل الصحي للأفكار والآراء، فهي لا تزيد الشفافية فحسب، بل هي أيضاً أداةٌ مهمةٌ لإعلام السلطات والقادة عندما لا يكون لسياساتهم التأثير المقصود، من أجل تمكين المؤسسات من التكيف وبالتالي الازدهار”.

توثيق

وأكدت المبعوثة الأممية، “مواصلة الأمم المتحدة في جميع أنحاء العراق، توثيق حالات المضايقة والترهيب الجارية، وكذلك حالات الانتقام التي تتم سواءٌ بالوسائل القانونية أو بالعنف ضد أولئك الذين يمارسون حقهم في حرية التعبير”.

ونوهت بلاسخارت إلى أن “إسكات الخطاب العام أو عرقلته أو إبعاده أو تقويضه يحقق أمرين (تشويه صورة الدولة وتقويض ثقة الجمهور) ويؤدي هذا بدوره إلى إحداث تأثير مضاعف، مما يُعيق إجراء حوارٍ مفتوح وعام”.

وشددت على ضرورة “ضمان أن يتمكن أي شخص من التعبير عن نفسه بحرية ودون خوف من الانتقام، وهذا يشمل ضمان أن الإطار القانوني يحمي الكلام بدلاً من تقييده دون مبرر، وحينما تُستخدم القوانين للإسكات، تُوضع حرية التعبير تحت تهديد خطير، مما يقوض إحدى اللبنات الأساسية في بناء مجتمع ديمقراطي”.

وخلصت بلاسخارت إلى القول: “ما تزال الأمم المتحدة ملتزمة بدعم العراقيين في الدفاع عن حرية التعبير وغيرها من الحقوق الأساسية”.

انتهاكات حرية العمل الصحفي

وسجلت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق”PFAA”، امس الأربعاء، ارتفاعاً مخيفاً في أعداد الانتهاكات ضد حرية العمل الصحفي في العراق.

من جانبها، وثقت الجمعية بحسب بيان طالعته “طريق الشعب”، “345 حالة بين اعتقال واحتجاز وتهديد وعرقلة تغطيات وضرب وإهانات قصدية، فضلا عن دعاوى قضائية وإجراءات حكومية أسهمت بالتضييق والمنع”.

وأشارت إلى عدم خلو أية محافظة عراقية من تسجيل انتهاكات بحق الصحفيين والصحفيات والمؤسسات الإعلامية، حيث جاءت بغداد بالمرتبة الأولى بأكثر المدن تسجيلا للانتهاكات بواقع (85) حالة، وأربيل ثانيا بتسجيل (74) حالة، تليها كركوك (30) حالة، والسليمانية (29)، والبصرة (27).

وبحسب الجمعية، فإن حجم الإنتهاكات يبين مدى تراجع مستوى حرية الصحافة في العراق، يضاف إليها إجراءات هيئة الإعلام والاتصالات بحق الصحفيين الأجانب، وخضوعها للمزاج الحزبي في إغلاق أو إيقاف برامج أو مسلسلات.

أسباب التراجع

رئيس مركز ميترو للحريات الصحفية، رحمن غريب قال: ان وضع الحريات الصحفية في العراق لم يشهد أي تغيير إيجابي، فالاعتقال بدون امر قضائي والعنف والتعذيب والتهجم على الفرق الإعلامية وتغييبهم رهن التوقيف في سجون الأمن لازال قائماً.

واكد في حديثه لـ”طريق الشعب”، على ان “حرية التعبير والصحافة هي الأساس للحريات الأخرى، وعندما يتحدث المسؤولون في العراق والاقليم عن الديمقراطية وبناء النظام الديمقراطي في العراق، بدون حرية الصحافة والتعبير عن الرأي، فان هذه الديمقراطية ناقصة”.

وأشّر ضمن حديثه “التجاوز بشكل مستمر على قانون الصحافة في الاقليم، فهنالك تصرفات منافية لمبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان، ما جعل المنظمات الدولية العاملة في مجال حرية الرأي والتعبير والصحافة، توجه النقد لأداء السلطة السياسية في الإقليم ودعتها للكف عن تجاوزاتها في انتهاك هذه الحقوق”.

وشخّص غريب وجود “ تمييز في اعطاء المعلومة للصحفي وحجب للمعلومة عن الاخرين، بل ووصل الأمر في التضييق باعتقالهم من منازلهم قبل مشاركتهم في أي تغطية لأي تظاهرة في إقليم كردستان”.

وخلص إلى ان هناك تراجعا في حرية الصحافة والتعبير، وعزا ذلك إلى “غياب سيادة القانون في العراق والإقليم، فهناك قوانين لكن لا يتم انفاذها، وهناك وعود من الحكومات المتعاقبة في بغداد والاقليم باحترام هذه الحريات لكن الواقع ينافي تلك الأحاديث”.

حريات مُغيبة

من جانبه، قال الصحفي، محمود النجار، ان اليوم العالمي لحرية الصحافة، يمر في بلد يشهد منذ عقدين قمعا للصحفيين واعتقالهم وتهديدهم وتهجيرهم، وتصفية كل من يحاول ان ينشر ملفات الفساد والدفاع عن قضايا العراقيين الحساسة.

وأكد ان هذه القضايا “طالما كانت ضريبة للصحفيين والإعلاميين والمفكرين، الذين كانوا يتحدثون بوسائل الاعلام المختلفة”.

وأضاف في حديثه لـ”طريق الشعب”، “اعتقد ان حرية الصحافة في العراق مغيبة بسبب سطوة القوى المتنفذة وجماعاتها المسلحة التي تحاول ان تلاحق كل من يدافع عن حقوق الشعب أو يقف بوجه مصالحها”، مؤكدا أن “المسؤولية والرسالة الأصعب تقع اليوم على عاتق الصحفيين؛ فالصحفي اليوم هو الجندي الذي يدافع ويضحي بكل ما لديه لاجل ان تبقى القضايا الانسانية خالدة، وان يكون هناك جيل يفهم معنى الوعي والعدالة والمساواة وحقوق الانسان”.

وزاد بالقول: ان “الصحفي اليوم في العراق في هذا الحدث لا يشعر بانه عيد للصحافة بل يتذكر مآسي الصحفيين خلال عشرين عاما سابقة، من قتل وقمع واعتقالات وتهجير وملاحقة وتصفية وتنكيل”.

وختم بالقول: “أتمنى ان لا تمضي هذه الاعياد بدون استذكار للصحفيين، وبدون تشريع قوانين تحمي العمل الصحافي”، مشددا على ضرورة أن “يقف الصحفيون وقفة جادة لاستذكار الشهداء واكمال مسيرتهم، ودون ان تكون هناك صناعة للرأي العام بأهمية ان تكون هنالك حرية للصحفيين”.

خشية من الحريات الصحفية!

الصحفية زينب المشاط تؤكد انه لا تزال هنالك مشاكل وصعوبات كبيرة يواجهها الصحفيون من ناحية عدم تفعيل قانون حقيقي يحميهم، وان وجد فهو غير معمول به.

تقول المشاط لـ”طريق الشعب”، إن “هناك صعوبة في الوصول للمعلومة، بينما في مختلف دول العالم هناك قانون يضمن للصحفي هذا الحق”، مشيرة الى ان من ابسط الامور التي تواجه الصحفي “منعه من التصوير او ممارسة عمله اذا ما كان مراسلاً بداعي عدم وجود كتب رسمية”.

وفي ما يخص التشريعات القانونية اشارت الى ان “هناك بعض القوانين لحماية الصحفيين، ولكنها من نتاج النظام السابق، واوجدت للتماهي مع رغبات السلطة آنذاك وفيها ثغرات كثيرة تقيد وتحدد الصحفي”، مبينة ان “السلطة لا تزال تعمل بالقوانين القديمة، وقيدت الحريات الصحفية بعدة طرق غير مباشرة”.

وعزت الصحفية عدم تشريع القوانين التي تصب في صالح الصحفيين الى ان “السلطة لا تحاول ان تشرعها لأنها ترى انه يدخلها في مأزق اخر، حيث انها ستمنح الصحفي الحرية والقدرة على كشف الكثير من الملفات، لذلك تعرقل القوى المتنفذة تشريع مثل هذه القوانين”.

استهداف مستمر للصحفيين

من جهتها، باركت الصحفية أميرة الجابر، في مستهل حديثها استمرار عمل الصحفيين العراقيين في منطقة مصنفة عالمياً بانها من أخطر المناطق وفق مقاييس حقوق الإنسان وحرية الصحافة وغيرها.

وقالت انه على الرغم “ من كل المناشدات والحملات التي أطلقت والأصوات التي طالبت بحرية التعبير والصحافة خاصة التدوين وكتابة الراي، الا ان الوضع ما زال كما هو عليه”، لافتة الى “اننا في العراق لم نصل حتى الان الى مساحة آمنة ما يتعلق بحرية العمل الصحفي على الرغم من مرور عقدين على التغيير في البلاد، وهذا ما تدلل عليه استمرار عمليات استهداف المدونين والصحفيين واصحاب الرأي”.

وأشارت الى ان “الحكومة لا تعمل بالمواثيق والمعاهدات والتفاهمات التي وقعت عليها مع الامم المتحدة، ولا نرى من جانبها أي التزام جدي ببنودها وهو ما اثر حتى على موقع العراق في التصنيفات والمؤشرات الدولية في مجالات عديدة”.

وشدد الجابر على ضرورة ايجاد تشريعات قانونية “من شأنها حماية الصحفيين وحقوقهم وحريتهم، ومن المفترض ان لا نطالب بهذه التشريعات، التي يجب ان تكون موجودة، نظرا لأننا نعيش في نظام ديمقراطي يكفل هذه الحقوق ويحميها”.

عرض مقالات: