اخر الاخبار

على الرغم من أن حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وضعت مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة ضمن أولويات برنامجها، إلا أن أصحاب الاختصاص لا يرون أية تحركات جدية في هذا الملف المهم، مؤكدين أن هناك قوى متنفذة فاسدة تمنع المضي قدماً في هذه القضايا.

الجناة طلقاء

منسق التيار الديمقراطي زهير ضياء الدين، يرى أن الاداء الحكومي في هذا الملف ضعيف جداً، خاصة في ما يتعلق باسترداد المطلوبين من خارج العراق، والمتهمين بقضايا فساد، من الذين سبق لهم ان تبوؤوا مواقع في الدولة بمختلف الوزارات والدوائر، ونادراً ما نسمع انه تم تحريك ملف استرداد في هذه القضايا.

وعن تحريك هذه الملفات يوضح بالقول: ان “الادعاء العام يحركها ابتداءً، بعد ان يصدر حكم جنائي بات بحق اي شخص؛ حيث يتم التواصل مع الشرطة الدولية التي تتولى القبض عليه بالتنسيق مع الدولة التي يقيم فيها المدان”.

ويؤكد ضياء الدين في حديثه لـ”طريق الشعب”، انه لا يرى جدية “في التعاطي مع هذا الملف، حيث تمت سرقة المليارات بشكل علني، والجناة يتمتعون بها بحرية خارج العراق ويمتلكون اليوم عقارات ومصارف”، لافتا الى ان “دولة تونس استطاعت قبل ايام استرجاع عشرات المليارات من الخارج، لأنها جادة في التعامل مع هذا الملف”.

ويشير المحامي في سياق حديثه الى انه لا يرى “انعكاسا للوعود الحكومية على ارض الواقع؛ فعلى سبيل المثال لم يكن هناك تحرك على اقل تقدير تجاه حيتان الفساد، بل على العكس يُطرح ان هناك تواطؤا من أجل عدم المساس بالمتنفذين في الدولة”.

تورط كبار المتنفذين

ويشير إلى انه عند الاطلاع على البرنامج الحكومي: “نجد أن هناك حيزا كبيرا لمكافحة الفساد. ويشار اليوم بشكل علني إلى أن كبار الفاسدين في الدولة متهمون بالفساد بمراحل مختلفة ومبالغ كبيرة”، مؤكدا ان “عدم محاسبتهم يدلل على ان التحرك لا ينسجم مع حجم الفساد الموجود، وان هناك قوى كبيرة تحمي هؤلاء الفاسدين، وتمنع التحرك عليهم ليكون التوجه نحو قضايا فساد بسيطة ليست جوهرية”.

ويخلص الى انه “بشكل عام لا تزال الدولة خاضعة لنفوذ وفساد قوى متحكمة لا تعير مصالح الناس أي أهمية”، مبينا أن “الحكومة الحالية طالما وضعت حيزا غير قليل لمكافحة الفساد واسترجاع الاموال المنهوبة من العراق، فإنه اصبح لزاماً عليها المضي في ذلك”.

اولوية قصوى

وفي هذا الصدد، يقول المختص بمكافحة الفساد، سعيد ياسين، ان وزارة العدل وفق المعايير الدولية، تعتبر محامي الدفاع عن حق العراق، وانها احد الاطراف المعنية والمهمة في هذا الملف.

ويشير الى انه “وفقا لاتفاقية مكافحة الفساد في الدليل الاسترشادي فإن وزارة العدل تملك دورا مهما في استرداد الاموال والمطلوبين، وهذا ضمن الاتفاقية التي تعقد بين العراق والدول، علماً ان من يمثل العراق في تنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد هو هيئة النزاهة، لكنها تحتاج الى اسناد من ديوان الرقابة من خلال نظام المحاسبة ووزارتي الخارجية والعدل بالاضافة الى التعاون القضائي بين العراق وهذه الدول”.

جهات متعددة

ويزيد ياسين بالقول: ان “هيئة النزاهة هي من يقود هذه الجهود من خلال اطراف متعددة تتوزع فيها الادوار هذا في خارج العراق. اما في داخل العراق فتتعدد الادوار من خلال السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، اضافة للجهات الرقابية مع وجوب مشاركة السلطة الرابعة في التوجيه والارشاد وصناعة الرأي العام، اضافة لجهود المنظمات غير الحكومية في استرداد الاموال والمطلوبين”.

فيما يؤكد ان هنالك متطلبات واجبة التلبية في ملف استرداد المطلوبين، مبيناً انه ولأول مرة يوضع ملف استرداد الاموال والمطلوبين على طاولة التنفيذ في الحكومة الحالية.

ويلفت الى ان هناك تعاونا بين 6 دول في هذا الجانب، وهي: “السعودية وعمان ودولة الامارات والمملكة الاردنية الهاشمية، ولبنان وايران، وتم تداول هذه القضية مع الشرطة الدولية (الانتربول) في اجتماع رئيس الوزراء مع رئيس المنظمة، وهناك مكتب في وزارة الداخلية بهذا الغرض ينسق ويزود الانتربول بالنشرات الحمراء والصفراء والخطورة وهذا جانب مهم”.

نفوذ سياسي معرقل

وينوه الى انه في مؤتمر القمة العربية في جدة كانت هناك “توصية في عملية مكافحة الفساد من خلال التعاون الاقليمي وتوحيد المفاهيم القانونية والقضائية بين البلدان العربية، علماً بان هناك اتفاقية عربية لمكافحة الفساد”، مؤكدا ان “النفوذ السياسي يضغط باتجاه عدم استرداد الاموال والمطلوبين واتمام التحقيقات، وهذا ما يولد انطباعا لدينا كمراقبين بان هناك اطرافا او شخصيات سياسية نافذة يشكلون طرفا مؤثرا في عدم المضي قدماً بهذا الملف”.

ويصف المتحدث استرداد المطلوبين والتعاون من اجل حجز وتجميد تلك الاموال بأنه “أمر جوهري” لصون السيادة الوطنية والحفاظ على حرمة المال العام، داعياً “الحكومة العراقية في حال ابرامها اية اتفاقيات تعاون ثنائية مع الدول، الى ان تضع فيها التعاون من اجل استرداد المطلوبين”.

عرض مقالات: