اخر الاخبار

أقام منتدى بيتنا الثقافي، السبت الماضي ندوة حوارية استضاف فيها نقيب الجيولوجيين السابق والمستشار في وزارة الموارد المائية الأستاذ ظافر عبد الله. وجرت خلال الندوة التي أقيمت تحت عنوان «أزمة المياه في العراق.. أمس واليوم وغدا» مناقشة مشكلة المياه المتفاقمة في البلاد، فيما قدم المحاضر عرضا مفصلا للمشكلة وجذورها وإمكانية الحلول المقترحة، فضلا عن التحديات الجسيمة الحالية.

مشكلة قديمة

تحدث عبد الله عن ارقام مقلقة تخص المياه في العراق وهي قديمة جدا. ومن ضمن هذه الأرقام في عام 1989 كانت ايرادات المياه تبلغ 158 مليار لتر مكعب في نهري دجلة والفرات، لكنها تراجعت إلى 65 مليار في عام 2018 وهذا انخفاض هائل لم يتنبأ به المعنيون.

وأوضح المتحدث ان مشكلة المياه لم تحظ بتلك الأهمية، واعتبرت قضية ثانوية وتركت الملف على عاتق وزارة الموارد المائية لوحدها.

أما أهم الاتفاقيات الموقعة بعد تقسيم المنطقة بين النفوذين البريطاني والفرنسي آنذاك، كانت اتفاقية عام 1920 التي تضمنت مبادئ لتقاسم المياه لكنها ماتت مع الزمن. إضافة الى معاهدة لوزان عام 1923 التي نظمت الى حدا ما السلوك المائي ومضى عليها قرن كامل وانتهت. وهنالك معاهدة أخرى (الصداقة وحسن الجوار) ابرمها العراق في عام 1946 مع تركيا وسرعان ما اندثرت هي الأخرى.

ومضى المحاضر بالقول: حصلت بين العراق وتركيا عشرات الاجتماعات وحاول العراق من سنة 71 حل المشكلة. كانت هنالك جهود فنية ملموسة من العراق لكنها لم تدعم سياسيا للأسف الشديد. ومن الاتفاقات الحديثة في عام 1987 مع الجانب التركي والسوري وغيرها الكثير. وعلى نفس الحال كانت هنالك اتفاقية عام 1975 لكن طهران رفضت الحديث عن أي بروتوكول مائي واستمر ذلك بعد عام 2003.

اضرار كبيرة

واكد عبد الله ان من ضمن الاضرار التي سببها شح المياه هي المشاكل الاجتماعية الجديدة. يجري الان الحديث عن الامن المائي لمياه الشرب والزراعة. متى يتحقق؟ ففي استعراض بسيط نلمس ان الوضع المناخي وكمية المياه الساقطة حول النهرين والثلوج هي خارج سيطرتنا وباتت مقلقة، أما العامل الثاني فيتمثل بسياسة دول الجوار ومصالحها مقابل الموقف العراقي وسوء استخدام المياه لدينا وخصوصا في الزراعة.

ثغرات في الدستور

وبيّن المتحدث ان هنالك مواد في الدستور تحمل إشكاليات عديدة بخصوص الموارد المائية. فمثلا المادة 110 تتحدث عن ضمان الحقوق المائية للبلاد ولكن لا تفسر كيفية القيام بذلك. هنالك لجنة للتعديلات الدستورية اجتمعت في السابق مع خبراء في المياه وجرى الاتفاق على تعديل هذه المادة ولكن لم يحصل أي شيء. توجد مادة أخرى (114) وهي المشكلة الأكبر، تتحدث عن إعطاء صلاحيات مشتركة وتغلّب صلاحيات الاقاليم والمحافظات على المركز. على سبيل المثال يمكن للأنبار او كردستان او أي منطقة ان تستفاد من المياه لديها تحت عبارة المصلحة المشتركة، بعيدا عن السياسة المركزية وبالتالي هذا يخلق مشكلة كبيرة ويهدد الأمن الاجتماعي اذا ما ارادت جهة ان تستفيد لوحدها من المياه.

أن زيادة الاطلاقات التي يتم الحديث عنها لا تفي بالغرض، وأصبحت خططنا الشتوية الزراعية محدودة. وأمام كل ذلك يجري تناول هذه المشكلة المعقدة بخطاب خجول لا يرتقي لحجم الكارثة. ونحن وفق هذا النهج مقبلون على أوضاع يكون فيها من الصعب إيصال حتى مياه الشرب للمواطنين. إضافة لذلك.

وفي الختام، قدم عدد من الحضور مداخلات واسئلة أجاب عليها المحاضر مدعمة بالارقام.

عرض مقالات: