اخر الاخبار

يعد مرصد الألغام الأرضية (لاند مين مونتور)، العراق واحدا من أكثر دول العالم تلوثاً من حيث مساحة المنطقة الملغومة، بالإضافة إلى التلوث بالذخائر العنقودية ومخلفات حربية أخرى.

ووفقا للاتفاقيات الدولية التي وقع عليها العراق بشأن ملف الألغام، كان من المفترض ان يحسم قبل خمس سنوت، الا انه لا يزال عالقا، وينتظر التخصيصات المالية.

اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أقرت في وقت سابق بأن محافظة البصرة جنوبي العراق، هي واحدة من أكثر مدن العالم تلوثا بالألغام، حيث يصل معدل التلوث إلى 1200 كيلومتر مربع.

وتلحق بالبصرة محافظات ميسان (المناطق الحدودية فيها)، واسط، وديالى ثم كربلاء والمثنى بنسبة اقل.

بانتظار التخصيصات المالية

وكشفت دائرة شؤون الألغام المنفذة لأعمال إزالة المخلفات الحربية، انها قدمت خطة إلى وزارة التخطيط تتضمن مشاريع إزالة ألغام تفوق قيمتها 600 مليار دينار، وهي بانتظار موافقة وزارة المالية لتمويلها.

ويشير مدير الإعلام والتوعية في دائرة شؤون الألغام التابعة لوزارة البيئة، مصطفى حميد، الى وجود أهمية بالغة لإنهاء ملف الألغام بالنسبة للعراق والمجتمع الدولي، كونه ما يزال يشكل خطرا على العديد من المواطنين، في ظل استمرار سقوط الضحايا، فضلاً عمّا يشكله من تحد على مستويات الإعمار والاقتصاد والتنمية في البلاد.

خمسة  أسباب

ويذكر حميد في حديثه مع “طريق الشعب”، أبرز أسباب عدم حسم ملف الألغام في البلد، بأن “دائرة الألغام تأسست عام 2003 ما جعلها ترِث كماً هائلاً من المشاكل، من بينها: فقدان خرائط حقوق الألغام بعد 2003، وضعف التخصيصات المالية خلال الفترات السابقة، إضافة إلى العوامل المناخية وما تسببه من انجراف للألغام بفعل السيول، ناهيك عن قلة الكوادر الفنية، وعدم إقرار قانون الألغام”.

وحول استراتيجية الحكومة الحالية لمعالجة ملف الاغام، يجيب حميد قائلا، إن “الموازنة ضمنت تخصيصات مالية لملف الألغام والذخائر العنقودية، وستتم الاستفادة من هذه الأموال قدر المستطاع”، مشيرا الى انه تم وضع خطتين لمشروعين؛ الأول يتضمن تطهير الفاو وتأمين القناة الجافة. والثاني لتطهير مساحة أرض في قضاء الزبير مخصصة لإنشاء مشروع النبراس البتروكيميائي”.

ويتابع حديثه “نملك مشاريع مع منظمات وشركات دولية لتطهير المناطق المحررة، إضافة الى انه لدينا قصص نجاح كثيرة انجزناها في الفترة السابقة، وقد استطعنا تطهير ٥٨ في المائة من حجم التلوث الذي كان يبلغ بأكثر من ٦٠٠٠ متر”.

ويشير الى انه “تبقى ما يقارب نحو 2600 كيلومتر مربع، وبعض من تلك المساحات المتبقية، ما يزال يشهد أعمال كشف وإزالة، وأخرى تنتظر التمويل لإطلاق عمليات تطهيرها”.

وهناك ثلاث اتفاقيات دولية لدى العراق خاصة بانتشال الألغام: الأولى اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة (اوتاوا). وان العراق ملزم ضمن هذه الاتفاقية بالتخلص من الألغام نهائيا بحلول عام 2028، بحسب المتحدث الذي اشار الى إمكانية تمديد السقف الزمني بسبب قلة التخصيصات المالية.

أما الاتفاقية الأخرى فإنها متخصصة بالألغام العنقودية (CCN)، كالألغام التي تتواجد في بادية المثنى والبصرة. والاتفاقية الأخيرة مختصة بالتخلص من العبوات الناسفة والأسلحة الثقيلة (CCW)، وهذه تتواجد في الغالب بالمناطق المتحررة.

ضعف التمويل والدعم البشري

وكان من المفترض أن يحسم ملف الألغام المضادة منذ العام 2018، وفق اتفاقيات دولية، اذ تلزم هذه الاتفاقيات العراق بحسم ملف الذخائر العنقودية والعبوات الناسفة بحلول 2025، في حين يمثل ضعف التمويل والدعم البشري أبرز العوائق للانتهاء من خطر الألغام بالشكل الصحيح، الا انه تم تمديد السقف الزمني، لقلة التخصيصات المالية.

وقال وكيل وزارة البيئة كاميران علي، في تصريح بتاريخ 25 أيار الماضي، انه “تم عقد اجتماع في دائرة إسناد الهندسة العسكرية بالتنسيق مع الجهات المعنية لوضع الخطة المستقبلية لإزالة الألغام”، فيما أكد بحسب التصريح ان “هذا الاجتماع له أهمية كبيرة، كونه يتضمن وضع خطة جديدة للسنوات المقبلة من أجل إزالة الألغام، ومن شانها ان تحسم الملف بحلول عام 2028”.

30 ألف ضحية

وسجلت مديرية الإعلام والتوعية في القسم المختص بمساعدة الضحايا، أكثر من 30 ألف ضحية في عموم العراق، اعتمادًا على إحصائيات وزارة الصحة، بوصفها المعنية بتسجيل الوفيات والمصابين بالألغام.

“ملف الألغام من الملفات المعقدة والمهمة جدا في ذات الوقت”، هكذا ينظر الخبير الأمني، مخلد الدرب لقضية الألغام في العراق.

ويقول الدرب لـ”طريق الشعب”، إن “الأرض العراقية تتضمن مساحات واسعة مليئة بالألغام والقنابل العنقودية، بعضها يعود لمخلفات الحرب العراقية الإيرانية، وبعضها الاخر يعود لحرب الخليج في حقبة التسعينات، إضافة الى مخلفات نتجت عن الاحداث ما بعد ٢٠٠٣”.

ويضيف أن الحكومات المتعاقبة دأبت على معالجة ملف الألغام، الا ان ما يعرقله هو قلة الإمكانيات المادية.

إعاقات جسدية

ويضيف الدرب، ان هناك منظمات دولية اشتركت في معالجة العديد من الأراضي الملوثة بالألغام، كون الملف يحظى باهتمام دولي كبير. وذهب ضحية هذا الملف الالاف من العراقيين الذين يسكنون بالقرب من تلك المساحات، حيث اغلبها مساحات واسعة وزراعية، ما أدى الى قتل العديد من المزارعين.

ويردف كلامه قائلاً بان العديد من الأشخاص تعرضوا الى إصابات جسدية سببت اعاقات دائمة لهم، لذا طالب الدرب بإنشاء مدارس ومراكز تأهيل خاصة بالمعاقين، والتكفل بعلاجهم، كونهم ذهبوا ضحية لإهمال حكومي.

ويشير الى أن الكثير من المناطق الملوثة لا تزال معلقة، حيث تتصدر تلك المناطق علامات تحذيرية لمنع الدخول.

وتنشر الألغام في الوقت الحالي في مناطق وسط وجنوب العراق وبعض المناطق الشمالية.

ويتوقع الدرب ان المرحلة القادمة ستكون مهمة لجعل العراق منطقة خالية من الألغام والقنابل العنقودية. ويجب أن يكون ملفاً دولياً لغرض الاشتراك في المعالجة، “توجد مطالبات خارجية دولية لمتابعة هذا الملف بجدية كون في البعض الأحيان تهمل الحكومات هذا الملف وتنشغل بملفات أخرى”.

ويحث على ضرورة تخصيص ميزانية خاصة من قبل الحكومة الحالية لمعالجة ملف الألغام، في ظل تزايد عدد الضحايا يوما بعد اخر.

عرض مقالات: