كشف البنك المركزي العراقي في رد على سؤال برلماني عن ان الديون الداخلية والخارجية للبلد في ارتفاع وخاصة الداخلية اذ بلغت ٩١ ترليون دينار عراقي. في وقت كان فيه مقدار هذا الدين ٦٩ ترليون في نهاية سنة ٢٠٢٢، أي بزيادة تقارب ٣٢ في المائة خلال ثلاث سنوات.
واللافت القول بان "عجز الموازنة كبير جدا ولايمكن تغطيته عن طريق القروض والسندات".
بشان هذه الأرقام المقلقة والتي تاتي في وقت تشير مصادر عالمية الى ان سعر برميل النفط لا بتجاوز الان الـ ٦٣ دولارا للبرميل الواحد، توجه المركز الإعلامي للحزب الشيوعي العراقي الى الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، مستفسرا عن التداعيات المحتملة لما اعلنه البنك المركزي، فكان جوابه:
رد البنك المركزي على السؤال البرلماني كان صريحا في كشف الابعاد المقلقة لمشكلة المديونية، ولا سيما بتأكيده بانه لم يعد ممكنا تغطية العجز الكبير عن طريق السندات والقروض المصرفية المحلية، فما هي الخيارات اذن؟
١- الاستدانة الخارجية: ستكون صعبة ومكلفة وتعمق من مشكلة المديونية.
٢- اللجوء الى التمويل التضخمي وزيادة العرض المالي : امكانية الحكومة في اللجوء الى هذا الخيار اصعب مما كانت في السابق قبل عام ٢٠٠٣ بسبب " استقلالية" البنك المركزي، ولكن في حال اللجوء الى هذا الخيار سنكون امام انخفاض في قيمة الدينار العراقي وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن.
٣- تنفيذ المشاريع بالآجل : طريقة مكلفة تزيد من المديونية الى المجهزين او المقاولين الخارجيين وفي الغالب بمعدلات فائدة مرتفعة.
٤- زيادة الرسوم والضرائب : وهذا ما يحدث الان بشكل لا يزال محدودا ومرجح ان يزداد اللجوء الى هذا الخيار ما يؤدي الى تآكل القدرة الشرائية للمواطن.
٥- التوجه نحو خفض العجز باتباع سياسة تقشفية: اي خفض الانفاق العام والعمل على زيادة الايرادات عبر الضرائب والرسوم، والاثار ستكون خفض مستوى النشاط الاقتصادي العام وتراجع في الاستثمار والخدمات الضعيفة اصلا وانخفاض في القدرة الشرائية وارتفاع في معدلات البطالة.
بخلاف الخيارات الصعبة والمكلفة أعلاه وتداعياتها الكبيرة، ففي مثل هذه الظروف التي يمر بها بلدنا يفترض ان يكون التوجه الى زيادة الإيرادات عبر ضبط المنافذ الحدودية وتعزيز مستويات الجباية الضريبية التصاعدية وتحسين استحصال رسوم خدمات الماء والكهرباء وتعزيز كفاءة الادارة ومكافحة فاعلة للفساد وخفض التضخم غبر الضروري للانفاق العام واقامة شراكات عادلة مع القطاع الخاص المحلي، وعلى الصعيد الدولي، وتشجيع النشاطات الانتاجية الزراعية والصناعية والخدمية.
هذه المعالجة الايجابية لأزمة المديونية تتطلب نمط ادارة اخر للدولة بعيدا عن المحاصصة والفساد، وضرورة وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وتقوية مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، واعتماد سياسة اقتصادية ومالية بديلة تقوم أساسا على تنويع الاقتصاد وتعدد مصادر الدخل الوطني.