اخر الاخبار

تقرير الأخبار اللبنانية

تجدّدت التحذيرات الأميركية لرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بشأن ملف السلاح خارج سلطة الدولة، في وقت تواجه فيه حكومته ضغوطاً داخلية متزايدة من قوى «الإطار التنسيقي» والفصائل المسلحة الرافضة لأي حديث عن نزع السلاح أو دمجه في المنظومة الأمنية.

ففي اتصالٍ هاتفي، مساء أول من أمس، أبلغ وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، السوداني بضرورة «الإسراع في نزع سلاح الميليشيات المدعومة من إيران التي تقوّض سيادة العراق»، و”تهدّد حياة الأميركيين والعراقيين على حدّ سواء، وتنهب الموارد الوطنية لصالح طهران» على حدّ قوله، مضيفاً أن واشنطن «ملتزمة بالعمل الوثيق مع العراقيين لتعزيز المصالح المشتركة، شرط ضبط سلاح المجموعات الخارجة عن القانون»، بحسب بيان لوزارة الخارجية الأميركية.

وتزامن هذا البيان مع تصاعد الضغوط الداخلية على فصائل المقاومة المسلّحة، التي ترى في هذه التحركات جزءاً من مخطّط أكبر يستهدف «محور المقاومة» برمّته، بما يشمل «نزع سلاح حزب الله في لبنان وتحجيم أذرع إيران في العراق».

وقال مصدر بارز في أحد الفصائل، لـ»الأخبار»، إنّ «وزير الخارجية الأميركي لا يملك حق التحدّث عن سيادة العراق، وهو ممثّل دولة تحتل أراضيه عسكرياً وتتحكّم باقتصاده»، مؤكداً أن «السلاح الذي يتحدّثون عنه سيبقى ما بقي الاحتلال، وهو سلاح مقاومة لا ميليشيا كما يحاولون تصويره».

وتابع المصدر ساخراً: «يبدو أن واشنطن قرّرت خوض المعركة السياسية باسم إسرائيل. فالمطلوب الآن تفكيك كل أذرع محور المقاومة. ما يجري في لبنان ضد حزب الله هو نفسه ما يُحضَّر للعراق، وللأسف السوداني بدأ ينسجم مع الإيقاع الأميركي طمعاً في ولاية ثانية»، ولا سيما مع اقتراب انتخابات 11 تشرين الثاني التشريعية.

وبحسب المصدر نفسه، فإن «قوى الإطار التنسيقي أبدت انزعاجاً واضحاً من خطاب رئيس الوزراء الأخير حول السلاح المنفلت، الذي وصفته بأنه خطاب انتخابي أكثر مما هو وطني، خاصة بعد اللقاء المريب الذي جمعه بالرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في شرم الشيخ». وشدّد على أن «أي حديث عن نزع سلاح الفصائل في ظل وجود قوات أجنبية هو عبث سياسي، ولن تسلّم أي جهة بندقيتها طالما هناك جندي أميركي واحد على الأرض».

ويأتي ذلك فيما تشهد قوى «الإطار التنسيقي» انقسامات متنامية حول إدارة السوداني لملف العلاقات مع واشنطن، وسط اتهامات له باستخدام موقعه الحكومي لتعزيز فرصه في الانتخابات المقبلة.

وقال مصدر سياسي مطّلع إن «زيارة قائد فيلق القدس، إسماعيل قاآني، الأخيرة إلى بغداد جاءت في جزء منها لمعالجة هذا التوتر داخل الإطار، وللتأكيد على وحدة الموقف تجاه الضغوط الأميركية».

وأشار المصدر، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام محلية، إلى أن «قاآني أبلغ قيادات الإطار بضرورة منع أي تصدّع سياسي قبيل الانتخابات، وعدم السماح للسوداني بالانجرار خلف وعود أميركية تتعلق بدعم ولايته الثانية مقابل خطوات ضد الفصائل».

وحول ذلك، يرى الباحث الأمني، حسن الجبوري، في حديث إلى «الأخبار»، أن «ملف السلاح بات أحد أعقد الملفات في المشهد العراقي، فهو يتجاوز الفصائل الشيعية ليشمل سلاح العشائر والجماعات المحلية في محافظات عدة». ويقول إن «محاولات واشنطن إعادة طرح الملف في هذا التوقيت، ترتبط بترتيبات أمنية إقليمية تشمل سوريا ولبنان، إذ تسعى الإدارة الأميركية إلى تقليص نفوذ إيران من خلال تفكيك البنى العسكرية غير النظامية». ويعتبر الجبوري أن «أي عملية نزع سلاح شاملة من دون توافق وطني ستُعتبر استهدافاً لفئة بعينها، وقد تفجّر أزمة داخلية تهدّد الاستقرار الأمني».

أما الباحث السياسي عبدالله الشمري، فيربط بين «تصاعد خطاب السوداني ضد السلاح المنفلت، وسعيه لكسب الرضى الأميركي قبيل الانتخابات»، ويقول: «السوداني يحاول تقديم نفسه كشريك موثوق لواشنطن في محاربة النفوذ الإيراني، وهو يدرك أن هذا الموقف قد يمنحه دعماً غربياً لولاية ثانية، خصوصاً بعد إشارات إيجابية تلقّاها من إدارة ترامب وبعض دوائر القرار في واشنطن». ويستدرك بأن «هذه المقاربة محفوفة بالمخاطر، إذ يمكن أن يفقد السوداني توازنه بين الأميركيين وحلفائه الشيعة، ما قد يؤدي إلى تفكّك الإطار التنسيقي نفسه».