وكالات
على الرغم من هدوء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، ووقف إطلاق النار، مع بدء البحث في المرحلة الثانية من اتفاق غزة وإعادة الإعمار، إلا أن الحرب الدامية التي استمرت سنتين، تركت آثاراً ستمتد أجيالاً عدة، وفق تحذيرات أممية عديدة.
فتأثيرات سوء التغذية الذي شهده القطاع الفلسطيني لأشهر لن تزول بين ليلة وضحاها، وستترك آثارها على أجيال من الأطفال الغزيين.
هذا ما أكده مؤخراً، صندوق الأمم المتحدة للسكان، مشدداً على أنّ تأثيرات سوء تغذية الحوامل والرضّع في قطاع غزة "ستمتدّ أجيالا" ممّا "سيسبّب على الأرجح مشكلات تتطلب رعاية مدى الحياة" للأطفال الذين يولدون حاليا في غزة. وأوضح ممثل الصندوق أندرو سابرتون أن "واحدا من كلّ أربعة سكّان في غزة يعاني من الجوع، مشيرا إلى أنّ من بين هؤلاء 11,500 امرأة حامل. وأضاف أنه نتيجة لذلك، يولد 70% من حديثي الولادة خدّجا وبوزن منخفض، مقابل 20% في الفترة التي سبقت اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
كما لفت إلى أنّ ثلث حالات الحمل في القطاع تعتبر حاليا "عالية الخطورة" وأنّ معدّل وفيات الأمهات "مرتفع".
إلا أن "سوء التغذية" لا يشكل المشكلة الوحيدة في القطاع، إذ يضاف إليه مشاكل أخرى تتمثّل في نقص الأدوية ودمار البنى التحتية الطبية إذ تضرّر أو دُمر 94% من مستشفيات القطاع و15% من المؤسسات العاملة توفّر رعاية التوليد الطارئة، فضلا عن المدارس والجامعات، بالإضافة إلى عدم توفر الكهرباء والمياه الصالحة للشرب، على الرغم من المساعدات التي بدأت تدخل منذ وقف إطلاق النار.
7 مليارات دولار على الأقل
فيما أكدت منظمة الصحة العالمية يوم الخميس الماضي الحاجة إلى ما لا يقل عن سبعة مليارات دولار لإعادة بناء النظام الصحي في غزة. وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس "لم يعد هناك أي مستشفيات في الخدمة بالكامل في غزة، ووحدها 14 من 36 لا تزال تعمل، وسط نقص فادح في الأدوية والتجهيزات والطواقم الصحية الأساسية".
"جيل ضائع"
بدورها، حذرت اليونيسف من خطر ضياع جيل بكامله في القطاع، إثر الحرب. وأوضح مدير اليونيسف الإقليمي للشرق الأوسط إدوار بيغبيدير، أن "85% من المدارس دُمّرت أو أصبحت غير صالحة للاستخدام"، فيما تستخدم كثير من المدارس المتبقية كملاجئ للنازحين، ما قد يعني سنة ثالثة ورابعة بلا تعليم لأطفال غزة.
70 مليار دولار
في حين قدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سابقاً تكلفة إعادة إعمار القطاع بنحو 70 مليار دولار، في عملية قد تستغرق عقدًا أو أكثر، وربما تمتد إلى عدة عقود بسبب حجم الدمار الهائل
فحوالي 193 ألف مبنى، أي ما يعادل 78% من إجمالي المباني في القطاع دمرت. وفي مدينة غزة وحدها، 83% من المباني دُمّرت أو تضررت.
أما البنية التحتية، فدُمر 90% منها بالكامل، بما يشمل شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، بينما تعرضت 68% من شبكة الطرق لأضرار بالغة
فيما قدرت كمية الركام في كامل غزة بـ 61.5 مليون طن، أي ما يعادل 6 آلاف مرة وزن برج إيفل، 170 مرة وزن ناطحة السحاب "إمباير ستايت" في نيويورك.
إلى كل ذلك، خلفت الحرب آلاف الأطفال اليتامي، فما لا يقل عن 17,000 طفل في غزة أصبحوا غير مصحوبين أو منفصلين عن ذويهم، أي فقدوا أحد الوالدين أو كليهما، وفق تقديرات اليونيسف.
كذلك لا تزال آلاف القنابل التي رماها الجيش الإسرائيلي على القطاع غير منفجرة، إذ تشير تقديرات دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (UNMAS) إلى وجود حوالي 7,500 طن من الذخائر غير المنفجرة في أنحاء غزة، وقد تستغرق عملية إزالتها نحو 14 عامًا.