اخر الاخبار

هل ستكون الانتخابات خطوة

نحو تجذير الديمقراطية الناشئة؟

لأسبوعٍ آخر، اهتمّ عددٌ من المواقع الإعلامية بأخبار الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في العراق في 11 تشرين الثاني الجاري، وتأثيراتها على صعيد البلاد والمنطقة.

اختبار للحاكمين

فقد نشر موقع World Politics Review تقريرًا أشار فيه إلى أن العراق يستعد لإجراء الانتخابات البرلمانية التي ستحدد ما إذا كان رئيس الحكومة، الذي تولّى منصبه عام 2022، سيحصل على ولاية ثانية. وذكر الموقع أن اتهاماتٍ واسعة النطاق بشراء الأصوات قد انتشرت في البلاد، حيث كشف أحد المسؤولين لوكالة أسوشيتد برس عن وصول سعر الصوت الواحد حاليًا إلى 200 دولار. وذكّر الموقع قرّاءه بما كتبه في الفترة نفسها من العام الماضي عن العراق، من أن ما يساعد على الاستقرار في هذا البلد هو زيادة الإنفاق، وبالتالي تقليل التأثير السلبي لتركيز السلطة بيد جهة واحدة وشكوى الآخرين من تهميشهم. واختتم الموقع تقريره بالإشارة إلى أن انتخابات الشهر المقبل قد تمثل تحديًا لسلطة الحاكمين واختبارًا لتماسكهم في ظل فضائح الفساد الأخيرة.

احتدام المنافسة

وفي موقع Intelligence Online كتب إسماعيل عدنان مقالًا ذكر فيه أن التوقعات تشير إلى احتمال تراجع حظوظ رئيس الحكومة في الحصول على ولاية ثانية بعد الانتخابات المقبلة، مما أنعش طموحات عددٍ من قدامى ضباط الاستخبارات والأمن لتولي هذا المنصب، ودفع القوى الإقليمية المجاورة، التي تمتلك مصالح أساسية في بغداد، إلى متابعة تلك الطموحات بدقةٍ متناهية.

وأشار الموقع الى أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العراق، التي كان من المخطط أن تحصل في تشرين الأول الماضي للمشاركة في نسخة جديدة من مؤتمر بغداد، قد تأجّلت كما يبدو ارتباطًا بالانتخابات العامة العراقية المقررة في 11 تشرين الثاني، خشية أن تُفسَّر دعمًا لرئيس حكومة يعاني موقفه السياسي من ضعفٍ متتالٍ، شجّع العديد من المسؤولين الأمنيين على السعي للحلول محلّه.

وزعم الموقع أن من بين هؤلاء المسؤولين المرشحين مستشار الأمن القومي، ورئيس جهاز المخابرات الوطني، والقائد السابق لجهاز مكافحة الإرهاب، وجميعهم من الشخصيات التي تتمتع بعلاقات جيدة مع كلٍّ من الرياض وواشنطن، ولا يبدو أن لإيران اعتراضات قوية عليهم، فضلًا عن تمتع بعضهم بسجلٍّ مهنيٍّ مهم.

تأثير الخارج

وفي موقع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، كتب حسين عبد الحسين مقالًا أشار فيه إلى أن المرشحين يتعاملون في دعاياتهم بحذرٍ شديد، متعهدين بالحياد في الصراع الجيوسياسي بين الولايات المتحدة وإيران، في الوقت الذي يستخدمون فيه اتهامات “التطبيع مع إسرائيل” سلاحًا لتشويه سمعة منافسيهم. ونقل الكاتب عن محللٍ سياسيٍّ مناصرٍ لرئيس الحكومة الحالية قوله إن قادة سياسيين قدّموا وعودًا بالتطبيع الكامل مع إسرائيل، ومنهم من راح يغازل واشنطن ويقدّم لها ضمانات من تحت الطاولة، قبل أن يستدرك المحلل بالتأكيد على أن أي انفتاحٍ متصوَّر على الكيان يُعدّ بمثابة انتحارٍ سياسي. وذكر الكاتب أن الكيان الإسرائيلي ليس اللاعب الإقليمي الوحيد الذي يؤثر في الخطاب الانتخابي، فهناك إيران التي بات المرشحون — حتى أولئك الذين كانوا تاريخيًا من حلفائها — يدعون الآن إلى الحياد لحماية العراق من النزاعات الإقليمية، بما في ذلك الحروب المحتملة التي قد تشمل إيران أو الولايات المتحدة أو الكيان.

ويمثّل ذلك في رأي الكاتب، تغييرًا جذريًا عن الانتخابات السابقة، ويؤشر إلى تزايد الواقعية السياسية على حساب الولاء الأيديولوجي، وإلى توجّهٍ أوسع نحو سياسةٍ قائمةٍ على المصالح، حيث تصبح الاعتبارات المحلية وديناميات السلطة أهمّ من الولاءات الخارجية.

منظومة المحاصصة

وأشار الكاتب إلى أن نموذج تقاسم السلطة الطائفية والإثنية الذي وضعته الولايات المتحدة قد أضعف البلاد كثيرًا، بل وأدى إلى تقسيم كل طائفة إلى فصائل متنافسة، في وقتٍ تستنزف فيه هذه المنظومة عائداتٍ نفطية سنوية تبلغ 120 مليار دولار، بسبب الفساد، وقطاع الدولة المتضخم، والمحسوبية لكسب الولاءات، دون أن يجري جذب الاستثمار في البنية التحتية أو تنويع الاقتصاد، وهو ما يُعدّ مهمةً ضرورية للخلاص من الاعتماد على النفط.

واختتم الكاتب مقاله بالتذكير بأن الديمقراطية في العراق، رغم حداثتها، بدأت تتجذّر، إذ تبرز هناك تحوّلات نحو تحالفاتٍ براغماتية وتراجعٌ للنفوذ الخارجي، مما يمنح الأمل بمستقبلٍ أكثر استقرارًا واستقلالية.