اخر الاخبار

مرت ستة أشهر على وقوع الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 شباط الفائت، وأدى إلى مقتل أكثر من 50 ألف وإصابة أكثر من 100 ألف آخرين. لقد تأثرت إحدى عشرة محافظة من أصل 81 محافظة تركية ومناطق واسعة من شمال سوريا بشكل مباشر، لقد دمرت بالكامل منطقة تقترب مساحتها من مساحة العراق في غضون ساعات قليلة.

ولم تتحسن حالة المتضررين منذ ذلك الحين. وحتى في أوقات الكوارث، فإن التوازنات السياسية ومصالح المتصارعين هي التي تحدد المستفيدين والمتضررين والضحايا الدائمين. وتظل الأقليات العرقية واللاجئون محرومين من البنى التحتية الضرورية. تقول أنيتا ستاروستا، من منظمة ميديكو إنترناشيونال، التي زارت مناطق الزلزال أخيرا: إن “المساعدة يجب أن تصل إلى الجميع، ويجب ألا يكون هناك أي استبعاد أو حتى اضطهاد بسبب الأصل أو الموقف”. «لكن التمييز ضد جزء كبير من السكان الكرد والأقليات الأخرى يستمر بعد ستة أشهر من وقوع الزلزال”.

وتعتبر محافظة هاتاي التركية أكثر مناطق الزلزال تضررا، حيث يشكل اللاجئون السوريون قرابة نصف السكان. لقد فقدوا هؤلاء أساسيات معيشتهم للمرة الثانية خلال سنوات قليلة، ويواجهون يوميا العنصرية والكراهية من السكان الأتراك ايضا. وفي بعض الأحيان لم يتلقوا أي مساعدة من الحكومة التركية اطلاقا.

ومنذ حملة الانتخابات الرئاسية في أيار الفائت، تزايدت حدة المشاعر المعادية للسوريين في تركيا. لقد حاول كل من الرئيس رجب طيب أردوغان (حزب العدالة والتنمية الاسلامي) ومنافسه المعارض كمال كيليتشدار أوغلو (حزب الشعب الجمهوري الكمالي) كسب أصوات الناخبين بواسطة خطاب الكراهية ضد اللاجئين. ووعد كلاهما بمزيد من عمليات الترحيل. وفي شهر تموز فقط، تم ترحيل قرابة 7 آلاف سوري إلى المناطق الخاضعة للسيطرة التركية في شمال سوريا. ويتم ببساطة نقل اللاجئين إلى داخل الحدود السورية، دون أية مساعدة تذكر، كما ينقل العاملون في منظمات غير حكومية تنشط في المنطقة.

ووضع نازحي الحرب في الداخل السوري، ليس أفضل حالا في المناطق التي ضربها الزلزال، التي تسيطر عليها قوات الحكومة السورية، وفي محافظة إدلب التي يسيطر عليها المتمردون في شمال غرب سوريا. ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، كان قرابة 90 بالمائة من السكان يعتمدون بالفعل على الدعم قبل حدوث الزلزال. وتمنع روسيا حالياً إيصال إمدادات الإغاثة إلى مناطق المتمردين من خلال حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وهذا يضمن ضرورة نقل المساعدات عبر المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، وبهذه الطريقة تحصل الحكومة السورية على الأموال، بالإضافة إلى التحكم في توزيع هذه المساعدات.

وفي تركيا، هناك ظلم كبير، خصوصا حيث تعيش القوميات والمجموعات الدينية الأخرى، على سبيل المثال الكرد والعلويون والأرمن والمسيحيون العرب، وفقًا لأنيتا ستاروستا. على الرغم من تقدم أعمال البناء في هذه المناطق، لا يزال من الممكن رؤية الخرائب في منطقة الكارثة، حيث يعيش النساء والرجال والأطفال في الخيام والكابينات والحدائق، أو في الشارع أمام منازلهم المدمرة.

وفق باحثة كردية – علوية في قضايا السلام والصراع، التي زارت تركيا أخيرا، أوضحت لجريدة نويز دويجلاند الألمانية، ولم تشر الجريدة إلى اسمها، فان الأمر بالشكل التالي، إن التمييز في توزيع المساعدات، هو أساسا مشكلة هيكلية. لا يجري التمييز بين الافراد، كرديا كان ام علويا، بل ان التمييز يتم وفق الاصطفاف مع المعسكرات السياسية المتصارعة. المناطق التي تصوت فيها الأكثرية لصالح حزب العدالة والتنمية الحاكم، تحصل على قدر كبير من المساعدة، لوجود بنى تحتية وارتباط منظم بالحزب الحاكم. وفي مناطق أخرى، مثل المحافظات الكردية، حيث تصوت الأكثرية لصالح حزب الشعوب الديمقراطي، تكون المساعدة المقدمة محدودة، فالحزب المعارض، والمستهدف من الحكومة ليس لديه نفس الموارد المالية التي يتمتع بها حزب العدالة والتنمية الإسلامي بزعامة أردوغان.

وتنعكس الفوارق بوضوح، من حيث نوعية أماكن الإقامة في حالات الطوارئ. ويعيش البعض في كابينات مكيفة، في حين أن الأقليات على وجه الخصوص لا تستطيع عادة الوصول إلى هذه المرافق، ويضطرون للعيش في الخيام، وهو أمر لا يطاق، خاصة في حرارة الصيف. وتعتمد إمدادات المياه في جميع أنحاء البلاد أيضًا على المكان الذي تعيش فيه، فالمناطق غير الصديقة للحزب الحاكم تصلها امدادات الماء بصعوبة.

عرض مقالات: