العراق وإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للطاقة
نشر تشارلز هايز مقالًا في موقع AInvest، تحدّث فيه عن المفاوضات الجارية بين الحكومة العراقية وشركة إكسون موبيل، حول إنشاء تخزين نفطي في سنغافورة، كجزء من استراتيجية العراق الأشمل لتنويع بنيته التحتية التصديرية، وتجاوز مخاطر التسويق، وضمان استقرار سلسلة التوريد للنفط العراقي متوسط الكبريت، وهو نوع مفضل لدى المصافي الآسيوية، وبالتالي تنويع الصادرات وتعزيز أمن الطاقة، مؤكداً على أن هذا التوجه يتماشى مع طموح الشركة الأمريكية في الاستحواذ على 86.4 في المائة من صادرات العراق النفطية إلى آسيا، سعيًا لموازنة الواردات الصينية والهندية مع الواردات الأمريكية، وبالاستفادة من البنية التحتية التكريرية والموقع الجيوسياسي لسنغافورة.
نقلة نوعية
واعتبر المقال هذه الخطوة محورية في ترسيخ دور العراق في الانتقال العالمي للطاقة، والتخلص من قيود منظمة أوبك التي تعيق رغبته في إنتاج 6 ملايين برميل يوميًا. كما تهدف الخطوة إلى تقليل مخاطر الصراعات الإقليمية التي تهدد مسارات التصدير، والحد من النفوذ الإيراني والروسي، في ظل إعادة تشكيل سوق النفط العالمي.
وأكد الكاتب على أن هذه الشراكة، التي أوردتها وسائل الإعلام الرسمية العراقية وأكدتها مصادر صناعية، تمثل تحولًا كبيرًا في الاستراتيجية النفطية لبغداد، حيث تتجاوز مجرد تصدير النفط الخام، إلى الانخراط في البنية التحتية المتكاملة، وترتيبات تقاسم الأرباح في مراكز التكرير والتجارة الآسيوية.
بوابة لتنويع الأسواق
وأشار المقال إلى أن قرار العراق بالاستفادة من منشآت التخزين التابعة لإكسون موبيل في سنغافورة، يعكس طموحه في تعميق حضوره في آسيا، حيث لا يزال الطلب على النفط الخام والمنتجات المكررة قويًا، وحيث تُعد سنغافورة نقطة ارتكاز في تجارة النفط العالمية، بفضل بنيتها التحتية التكريرية المتقدمة، وموقعها الاستراتيجي الذي يسهل التوزيع الفعّال في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مستشهداً بتقرير لمجلس التنمية الاقتصادية السنغافوري لعام 2025 الذي أكد على أن سوق البنية التحتية لخطوط أنابيب النفط الخام ينمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 4.5 في المائة حتى عام 2033، مدفوعًا بزيادة الواردات وتطورات تكنولوجية مثل مراقبة الأنابيب باستخدام الذكاء الاصطناعي.
التحولات الجيوسياسية
وشدد المقال على أن للشراكة بين العراق وإكسون موبيل آثارًا جيوسياسية عميقة. فمع تشديد العقوبات الأمريكية والأوروبية على صادرات النفط الروسي، يبحث المكررون الآسيويون عن موردين بديلين.
ويُتيح الاصطفاف الاستراتيجي للعراق مع الصين والهند فرصة ليكون لاعبًا رئيسيًا في هذا التحول، إذ تدير الشركات الصينية المملوكة للدولة 34 في المائة من الاحتياطيات النفطية المؤكدة في العراق، فيما ارتفعت حصة الشركات الهندية من صادرات العراق إلى 38.4 في المائة في عام 2025. ويكتسب هذا التنويع أهمية خاصة مع تعقّد السياسات التجارية الأمريكية والتوترات الإقليمية، لا سيما في ظل الرسوم الجمركية التي تفرضها إدارة ترامب على مستوردي النفط الخام في آسيا.
آثار السوق
وتوقع المقال أن يحصل العراق على فرص أكبر لتسعير نفطه متوسط الكبريت، بعيدًا عن ربطه الحصري بمؤشري برنت ودبي، خصوصًا في ظل توقعات وكالة الطاقة الدولية بأن يشكل الطلب الآسيوي 60 في المائة من إجمالي نمو الطلب العالمي على الطاقة في عام 2025.
المخاطر والتحديات
ورغم المزايا الاستراتيجية التي عدّدها الكاتب، أشار إلى وجود تحديات كبيرة تواجه طموحات العراق، من بينها احتمالية تعرض البنية التحتية للتصدير في الجنوب – والتي يعتمد عليها العراق بشكل رئيسي – للتعطيل، كما ظهر في هجمات الطائرات المسيّرة منتصف عام 2025. كذلك، يمكن أن يُثير الاعتماد الكبير على الشراكة مع طرف واحد كالصين، إلى جانب الاعتماد على الديون، مخاوف اقتصادية. ويُعد إغلاق مضيق هرمز من أخطر التحديات، إذ إن اندلاع حرب إقليمية شاملة قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المائة، نتيجة تعطيل سلاسل التوريد العالمية.
البحث عن سوق مستقرة
وفي تقرير آخر نُشر في موقع بلومبرغ، كتب الصحفي خالد الأنصاري عن نفس الموضوع، ناقلًا عن المدير العام لشركة تسويق النفط العراقية (سومو)، تأكيده على حاجة العراق إلى خلق سوق مستقرة للنفط الخام، وضرورة وجود تخزين استراتيجي جيد للنفط الخام والمنتجات النفطية في المستقبل.
وأشار التقرير إلى أن المنشآت الواقعة خارج العراق ستمكّن "سومو" من تجاوز تأثير الأزمات الإقليمية، مثل التوترات التي وقعت في وقت سابق من هذا العام في مضيق هرمز، والتي شكّلت خطرًا حقيقيًا على استمرارية الإمدادات.