أثار تصاعد سياسات تكميم الأفواه والاعتقالات التعسفية في محافظة البصرة قلق منظمات حقوق الإنسان والناشطين المحليين، وسط تحذيرات من أن هذه الممارسات تشكل انتهاكا واضحا لحقوق الإنسان والدستور العراقي، وخاصة المادة 38 التي تكفل حرية التعبير.
وتأتي هذه التطورات في وقت يؤكد فيه مركز العراق لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني على ضرورة حماية الحريات الأساسية ومحاسبة الجهات المخالفة للقانون. وفي ذات الوقت يؤكد أعضاء مجلس محافظة البصرة، ان حرية التعبير مكفولة قانونيا ولا تتعرض للانتهاك!
شيطنة الناشطين!
ورصد بيان لمركز العراق لحقوق الإنسان، أطلعت عليه "طريق الشعب"، ممارسات بعض الجهات المتطرفة والفصائل المسلحة التي تعمل على شيطنة الناشطين ومنظمات حقوق الإنسان والترويج لفكرة امتلاكهم أجندات خارجية.
وأفاد بأن الواقع عكس ذلك، وأن هذه المنظمات تعمل ضمن إطار احترام القانون ومعايير حقوق الإنسان وتطبيق الدستور العراقي، داعيا الجهات المعنية الى متابعة الخروقات الحاصلة، بما في ذلك الطعن في الأعراض والحقوق، لما يشكله ذلك من انتهاك صريح لمعايير حقوق الإنسان.
كما شدد البيان على ضرورة احترام حرية الرأي والتعبير وفق ما نص عليه الدستور العراقي، وخاصة المادة (38)، التي تكفل حرية التعبير عن الرأي بجميع الوسائل.
اعتقالات تعسفية
وقال علي العبادي، رئيس مركز العراق لحقوق الإنسان، إن محافظة البصرة وبعض المحافظات الأخرى تشهد سلسلة اعتقالات تستهدف الصحفيين والناشطين. وأضاف العبادي في حديث لـ"طريق الشعب"، ان "اخر الاعتقالات طالت الناشط أبو حسن الرماحي، المعروف باسم علي التميمي، الذي كان يسلط الضوء على موضوع الخدمات الصحية. تمت مداهمة منزله في منتصف الليل من قبل قوة استخباراتية، وهو ما يمثل سياسة ممنهجة تستهدف حرية الرأي وتعوق مسار الديمقراطية".
وأشار العبادي إلى غياب الشفافية من قبل الجهات الرسمية، قائلاً: "الغريب أن قيادة شرطة البصرة لم تصدر أي بيان بهذا الخصوص، ما يعكس تأثيرات غير واضحة وغيابا للشفافية في التعامل مع هذا الملف".
ودعا العبادي رئيس مجلس الوزراء ومحافظ البصرة للتدخل، وأضاف: "اليوم نظمنا وقفة ومؤتمرًا صحفيًا بالتعاون مع مراكز حقوق الإنسان والمجتمع المدني لتوضيح هذا الأمر، ضمن سلسلة برامج تهدف إلى رفض سياسة تكميم الأفواه".
وأكد العبادي ضرورة احترام حرية الرأي والتعبير، مشيرا إلى أن الدستور العراقي في المادة 38 يكفل هذا الحق، مضيفا ان "هذا الموضوع يقع على مسؤولية الحكومة ويشكل تحديا أمامها. نأمل أن تصل رسائلنا، لأنه لا وجود للإصلاح ما دامت هناك سياسات لتقييد وتكميم الأصوات الحرة".
دعاوى كيدية واتهامات باطلة
من جهته، انتقد الناشط السياسي حكيم العيداني ما وصفه بـ"تكميم الأفواه" و"لاعتداء على الأصوات الحرة"، مشيراً إلى تصاعد الدعاوى القضائية الكيدية والاتهامات الباطلة ضد أي شخص يطالب بحقوقه أو يدافع عن المظلومين.
وقال العيداني لـ"طريق الشعب"، إن "هذا الأسلوب يذكرنا بقوانين حزب البعث التي كانت تتحكم بالأصوات الحرة، ونتساءل لماذا تتكرر علينا نفس الممارسات؟ ولماذا لا يتم تعديل هذه القوانين لحماية المواطنين والناشطين؟".
واضاف "كفى ظلما وتكميما للأفواه، ودعوا العالم يسمع معاناة المواطن بحرية".
وأشار العيداني إلى أن الناشطين والإعلاميين غالبا ما يعملون دون مقابل، ويدافعون عن حقوق الناس بكل نزاهة وشرف، في حين يتمتع المسؤولون بالحماية والمخصصات والرواتب، مضيفًا أن "الرسائل التي ينقلها الناشطون للمسؤولين تهدف لإيصال معاناة المواطنين، وبالتالي يجب احترامها وعدم تحويلها إلى سبب لملاحقة قضائية".
وطالب العيداني بوقف ما وصفه بالدعاوى الكيدية والاعتقالات بسبب الفيديوهات أو المنشورات، معتبراً أن "هذه المرحلة يجب أن تتوقف، وأن تكون حرية التعبير مصانة، بعيداً عن التضييق والاعتقالات التعسفية".
حرية التعبير "مكفولة"!
وفي السياق، أكد عقيل الفريجي، رئيس اللجنة الأمنية في محافظة البصرة، أن عمليات الاعتقال في المحافظة تتم وفق إجراءات قانونية صارمة، وأن الأجهزة الأمنية لا تستطيع تنفيذ أي اعتقال إلا بناء على أوامر قضائية صادرة عن المحكمة أو وجود شكوى قانونية.
وقال الفتلاوي لـ"طريق الشعب"، إن "الاعتقال يكون عن طريق دعوى أو أمر إلقاء قبض من المحكمة، ولا يمكن لأي جهاز أمني تنفيذ الاعتقال دون سند قضائي أو وجود شكوى أو مخالفة قانونية تستدعي ذلك”. وأضاف أن “الدعاوى القضائية موجودة وفق أصولها القانونية، والولاية فيها للمحاكم، والأجهزة الأمنية تقوم بتنفيذ أوامر المحكمة فقط".
وحول حرية التعبير، أوضح الفتلاوي أن الدستور العراقي يكفل حرية التعبير وحقوق المواطنة، مشيراً إلى أن هذه الحرية "يجب أن تُمارس دون انتهاك خصوصية الآخرين أو تجاوز حرمتهم، وألا تتحول إلى سلوك مسيء أو اعتداء على الآخرين".
وأشار إلى أن حرية التعبير متاحة حالياً في العراق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، القنوات الإعلامية، المقاهي والأماكن العامة، حيث يمكن توجيه النقد لأي مسؤول، بما في ذلك رئيس الوزراء ورئيس الدولة والمحافظين.
وأضاف أن "الحرية موجودة، والانتقاد مسموح، لكن يجب مراعاة خصوصية الآخرين وعدم استخدام الحرية للتجاوز على الآخرين".
واختتم بالقول إن "حرية الرأي والكلام الشخصي والحريات الفردية مكفولة بالدستور ومدعومة من القانون، ونحن نؤكد دعمنا الكامل لحرية التعبير عن الرأي".