اخر الاخبار

لتشكيل حكومة تقدمية، يحتاج الحزب الاشتراكي الإسباني إلى أصوات حزب “معا من أجل كتالونيا” (يمين الوسط)، الذي يتزعمه الرئيس الكاتالوني السابق كارليس بودجمون. في 5 أيلول الجاري وضع بودجمون شروطه في مؤتمر صحفي في بروكسل لدعم ترشيح رئيس الوزراء المنتهية ولايته لدورة جديدة. في الانتخابات البرلمانية الاسبانية في 23 تموز الفائت، لم يحقق أي من الأحزاب المتنافسة الأكثرية التي تؤهله لتشكيل الحكومة الجديدة (176) مقعدا. ويمتلك تحالف يسار الوسط المكون من الحزب الاشتراكي وتحالف سومار اليساري فرصة لتشكيل الحكومة، ولكن عليه تذليل عدد من المعوقات التي يبدو أنها في طريقها إلى الحل.

انتخاب رئيسة البرلمان

جاءت الخطوة الأولى في منتصف آب، حيث انتخبت فرانسينا أرمنغول، مرشحة الحزب الاشتراكي لرئاسة البرلمان، بدعم من حزب “معا من أجل كتالونيا”، بحصولها على 178 صوتاً، أي أكثر من الأغلبية المطلقة بصوتين.. وتشكلت هيئة الرئاسة بأكثرية تقدمية أيضا، اذ حصل حزب الشعب اليميني المحافظ على 4 أعضاء، والحزب الاشتراكي 3 أعضاء، وتحالف سومار اليساري عضوين.

وجرت تفاهمات بين ممثلي كتالونيا وتحالف يسار الوسط، بشأن تنازلات متقابلة حول قضايا الخلاف بين الطرفين، بشأن استفتاء استقلال كتالونيا في عام 2017، والاحتجاجات التي أعقبت إدانة العديد من المسؤولين والوزراء المنتخبين الكاتالونيين في عهد حكومة اليمين السابقة.

أربعة شروط

كان كارليس بودجمون رئيسًا لحكومة إقليم كاتالونيا أثناء إجراء استفتاء على الاستقلال في تشرين الأول 2017، الذي منعه القضاء والحكومة المركزية. وتم عزل الحكومة الإقليمية، واعتقال العديد من الناشطين البارزين في حركة الاستقلال وحُكم عليهم فيما بعد بالسجن لفترات طويلة. وفر بودجمون إلى بلجيكا، حيث يعيش منذ ذلك الحين، لتجنب الملاحقة القضائية الاسبانية، وهو عضو في البرلمان الأوروبي منذ عام 2019.

حدد كارليس بودجمون أربعة شروط للدخول في المفاوضات: الاعتراف بالاستقلال وشرعيته، والإيقاف النهائي للقمع، وإنشاء آلية لضمان الاتفاقيات والتحقق منها، والرجوع إلى التشريعات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.  وأبدى استعداده لتأجيل الاستفتاء على استقلال كتالونيا، ولكن ليس إلغاءه. ومن الجدير بالذكر أن تحالف سومار اليساري يؤيد إصدار عفو عن المحكومين والمطاردين بسبب الصراع بشأن استقلال كتالونيا، وأكد جاومي أسينز، مفاوض سومار يوم الثلاثاء الفائت، أنه “من الممكن” تمرير قانون عفو في البرلمان قبل انتخاب رئيس الوزراء. وفي هذه الأثناء اعتبرت الحكومة المنتهية ولايتها أن وقائع المؤتمر الصحفي، فتحت الطريق لحوار سيتم التعامل معه بعقلانية.

ولم ترفض هذا التوجه الأحزاب اليمينية فقط، بل أيضاً رئيس الوزراء الاشتراكي الأسبق فيليبي جونزاليس، من الجناح اليميني للحزب الاشتراكي: “لا يوجد مجال للعفو أو تقرير المصير في الدستور”. و من المعروف أن دستور عام 1978، الذي فرضه أتباع فرانكو، يشكل مشكلة الديمقراطية الأساسية في إسبانيا. فهو يرفض الطابع التعددي الواضح لإسبانيا، وهو ما تظهره نظرة على أقاليم الباسك أو غاليسيا أو كاتالونيا، ولهذا فان هذا الدستور يحتاج إلى إصلاح عام. ومن شأن “اتفاق تاريخي” مثل ذلك الذي يسعى إليه بودجمون مع سانشيز أن يمهد الطريق لحل النزاعات مع الأقاليم.

يولاندا دياز: الحلول عبر الحوار والديمقراطية

وفي 4 أيلول التقت يولاندا دياز، بصفتها رئيسة تحالف سومار اليساري، مع بودجمون في بروكسل، خلال أول زيارة رسمية يقوم بها ممثل عن الحكومة الإسبانية، وهي وزيرة العمل ونائبة رئيس الحكومة الائتلافية مع حزب الاشتراكي الإسباني، لرئيس الحكومة الكاتالونية السابق. وأوضحت أنها جاءت إلى بروكسل، كرئيسة لتحالف سومار اليساري، ومن جانبهم أكد الاشتراكيون عدم مساهمتهم في هذه الجهود.

غردت يولاندا دياز بعد لقائها بودجمون على تويتر: “الحوار هو أسلوب والتزام. لتعزيز التقدم الاجتماعي ونحو دولة متعددة القوميات حيث تكون السياسة في قلب الحلول. سنواصل الحديث، وسنواصل المتابعة، أبحث عن الحلول من خلال الحوار والديمقراطية”. ويمكن ان يكون اللقاء عشية المؤتمر الصحفي، قد خفف من حدة مواقف زعيم الاستقلال الكاتلوني.

والآن يعتمد الأمر على الإرادة السياسية للحزب الاشتراكي، ومدى قدرة سانشيز على الاحتفاظ بالسيطرة على حزبه. ويتعين ان يقد م سانشيز شكلاً من الالتزام بسيادة كتالونيا إذا كانوا يريدون تجنب بدء العد التنازلي لإجراء انتخابات جديدة في 27 تشرين الثاني المقبل.

في هذه الأيام سيكلف الملك فليب رئيس حزب الشعب اليميني بتشكيل الحكومة، باعتباره زعيم أكبر كتلة برلمانية، ولكن كل المعطيات تشير إلى عدم تمكنه في الحصول على الأكثرية المطلوبة، اذ لم يبق له بعد التقارب بين أطراف الحكومة التقدمية، وأحزاب الاستقلال الكاتلونية، سوى حزب فوكس اليميني المتطرف، وفي حال التصويت على حكومته، في 29 أيلول الجاري، فان الفشل سيكون حليفه. من جانب آخر يسعى التحالف الحاكم إلى الاستفادة من الأسابيع المتبقية، في سبيل التوصل إلى أكثرية تتيح لحكومة سانيشيز استمرارا مريحا في حكم البلاد.

عرض مقالات: