اخر الاخبار

بعد هجوم حماس في السابع من تشرين الأول على المستوطنات الصهيونية، واستمرار قصف وحصار غزة. أصبح كل نقاد حرب الإبادة الجماعية ضد سكان غزة، من الفلسطينيين واليهود في إسرائيل يوصمون بالعداء لإسرائيل وحتى الخيانة. والمثل الأبرز على صعيد مؤسسات دولة الاحتلال هو: منع النائب الشيوعي عوفر كاسيف، الذي حذر من “التطهير العرقي” للفلسطينيين، الذي يمارسه جيش الاحتلال، من حضور جميع جلسات الكنيست لمدة 45 يومًا. ووصفت لجنة “الأخلاق” في الكنيست كاسيف بـ “معاد لإسرائيل”.

وبعد وقت قصير من طرد كاسيف من البرلمان، أعلن قائد الشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي أنه لا “تسامح “ مع أي احتجاجات لدعم الشعب الفلسطيني وهدد بترحيل المتظاهرين المناهضين للحرب إلى قطاع غزة، حيث تتساقط القنابل الإسرائيلية باستمرار. وكشف أيضًا أن الشرطة تقوم بالرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء البلاد بحثًا عن أي تعاطف مع “الإرهابيين”. وفي حيفا، تم منع اجتماع يهودي -عربي لمناقشة الحرب الدائرة وعواقبها المأساوية.

وحول ملاحقة وقمع نشطاء اليسار والمدافعين عن حقوق الانسان من الفلسطينيين واليهود في داخل إسرائيل أجابت الصحفية والناشطة الحقوقية المدافعة عن حقوق الفلسطينيين واليهود السفارديم، أي الذين تعود أصولهم إلى اسبانيا والبرتغال وأحيانا يقصد بذلك أيضا اليهود الشرقيين عموما، أورلي نوى على أسئلة جريدة “منافستو” الشيوعية الإيطالية عن طبيعة الملاحقات والقمع الذي يتعرض له اليساريون ودعاة السلام والمدافعون عن حقوق الانسان داخل إسرائيل. ولأهمية المعلومات الواردة في الإجابات، والتي تعكس الطبيعة الاستبدادية لليمين الصهيوني المتطرف نقدم للقراء أهم ما ورد فيها.

قمع منفلت

يتعرض كل من يحاول الحديث عن خلفيات وجذور الصراع وعلاقته بهجوم حماس وحرب الإبادة الجارية في غزة إلى ملاحقة وقمع منفلت. ويعود ذلك لسببين. الأول يتعلق بالصدمة التي يشعر بها الجميع، لأن إسرائيل صغيرة، ومن من السهل أن يكون لديك معارف، وحتى أقارب، بين القتلى والجرحى والمختطفين في هجوم 7 تشرين الأول. أما السبب الثاني يمكن تلمسه، حتى فيما يسمى بالأوقات العادية، فإن الحديث عن احترام حقوق الإنسان وحقوق الفلسطينيين لا يحظى باهتمام معظم الجمهور الإسرائيلي. وبعد هجوم حماس، تم تهميش هذا الخطاب تماماً. وهناك فقط حديث عن الانتقام، عن القضاء على حماس، عن تسوية قطاع غزة بالأرض. إن الحديث عن احترام الحياة، أية حياة، وحقوق الإنسان مرفوض. ويجد اليسار والمدافعون عن حقوق الإنسان أنفسهم في وضع حساس للغاية. ويتلقى الناشطون اليهود باستمرار رسائل تهديد وبغيضة. أما الفلسطينيون داخل إسرائيل، فيحيط بهم الخطر والمخاوف، ولم يعودوا ينشرون أي شيء على وسائل التواصل الاجتماعي، لأنهم عرضة للاعتقال بتهم خطيرة للغاية. وعمليا هم الضحايا الرئيسيون لهذه الإجراءات. لقد تم طرد عشرات من طلاب الجامعة بسبب تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن هناك أيضًا حالات كثيرة لنشطاء يهود عوملوا بنفس الطريقة. تم فصل مدرس ثانوية، لأنه قرر الاستمرار في التحدث والتصدي للجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين.

توقعات

تعقيدات الصراع الجاري وطبيعة أطرافه غير المباشرين تجعل من الصعب حصر التوقعات. وإذا واصلت إسرائيل غزوها البري لغزة، وكما يبدو أنها ستفعل، فإن عدد ضحايا الفلسطينيين سوف يستمر في الارتفاع. وسيكون هناك أيضا ضحايا بين جنود الاحتلال. ولذلك فإن جميع السيناريوهات واردة. هدف إسرائيل من الحرب غير واضح. وتدمير حماس، الذي تتحدث عنه الحكومة والقادة العسكريون، هو هدف غامض، وممثلو الأحزاب الإسرائيلية الفاشية المتطرفة يتبنون التطهير العرقي في قطاع غزة.  لقد اقترحت وزيرة المخابرات جيلا جملئيل نقل جميع سكان غزة إلى سيناء. ويقترح سكان المستوطنات الإسرائيلية السابقة في غزة، قبل الانسحاب الإسرائيلي منها بأمر من رئيس الوزراء الأسبق آرييل شارون عام 2005 إعادة بناء المستوطنات المدمرة ً. وهناك الوضع في الضفة الغربية، الذي هو حاليا خارج دائرة الضوء بسبب خطورة ما يحدث في غزة. إن التطهير العرقي يحدث بالفعل في الضفة الغربية. وقد فرت مجتمعات فلسطينية بأكملها من منازلها بسبب التهديدات والعنف الذي يمارسه المستوطنون. ولهذا السبب يصعب تصور المستقبل المنتظر.

يعتقد نشطاء السلام داخل إسرائيل بوجود تراجع نسبي في الأيام الأخيرة بين جمهور ما يسمى بمعسكر السلام في إسرائيل، وأخذ البعض يتحدث علانية عن مهاجمة قطاع غزة بلا هوادة. وفي الوقت نفسه، فان هذه لحظة حاسمة. وبعد ذلك، قد تتوفر فرص توضح لدعاة الانتقام الآن، أن هذا الصراع يجب أن يحل على أساس القانون والعدالة، وليس بالقوة فقط، كما هو الحال منذ عقود. ويمكن أن تظهر الفرصة من وسط الظلام.

عرض مقالات: