بعد الفوز بالانتخابات الرئاسية التي جرت أخيرا، وتسلم الرئيس الماركسي الجديد أنورا كومارا ديساناياكي مهام منصبه، حقق تحالف اليسار مفاجأة كبيرة، عندما فاز، الخميس الفائت، بالانتخابات البرلمانية في سريلانكا بتقدم كبير على منافسيه. وفقاً للنتائج الرسمية التي أعلنتها الهيئة الوطنية للانتخابات، حصل تحالف "السلطة الشعبية الوطنية" اليساري، الذي يتكون من حوالي عشرين حزباً ومنظمة يسارية، على 159 مقعداً من أصل مقاعد البرلمان البالغة 225 مقعدا، مقابل 3 مقاعد فقط في الانتخابات السابقة، لذلك وصفت النتائج بالقفزة النوعية. وبلغ عديد المواطنين الذين يحق لهم التصويت 17 مليون من سكان الدولة الجزيرة الواقعة في جنوب آسيا والتي تعاني من مشاكل عديدة.
حصل تحالف اليسار على قرابة 62 في المائة من أصوات الناخبين. وفي العديد من المناطق، حصل التحالف على قرابة 70 في المائة، وفي مناطق قليلة بلغت النسبة أقل من 50 في المائة. ومن بين 196 مقعدا مباشرا، حصل تحالف اليسار على 141 مقعدا؛ وجاءت مقاعد اليسار الأخرى عبر القوائم الانتخابية.
وصفت وسائل إعلام عديدة فوز مرشح اليسار بالانتخابات الرئاسية التي جرت في أيلول الفائت بالزلزال السياسي، حيث تمت معاقبة النخب القديمة، ومنح الناخبون الثقة لمرشح تحالف اليسار، الذي لم يكن له حتى ذلك الوقت سوى حضور برلماني محدود. ولم يسبق له إدارة البلاد. إن النتيجة الحالية تستند إلى الأمل في أن يتمكن الرئيس الجديد على الأقل من تخفيف العواقب الاجتماعية المترتبة على أسوأ أزمة اقتصادية منذ الاستقلال. التي دفعت البلاد، بحلول عام 2022، إلى حافة الانهيار. إن الحصول على الأغلبية في البرلمان أمر مفيد لأنه سيسهل إنجاز الإصلاحات المطلوبة، دون عوائق داخل مؤسسات الدولة.
لقد تعرض أكبر حزب معارض إلى خسائر كبيرة. لقد خسر حزب ساماجي جانا بالاويجايا اليميني المحافظ العديد من المقاعد، وعلى الرغم من ذلك حل، بفارق كبير، في المرتبة الثانية. لقد حصل على 18 في المائة من الأصوات فقط، منحته 40 مقعدا فقط. وهذه النتيجة تعكس توازنا قويا جديدا، يتفوق فيه تحالف اليسار بأربعة أضعاف مقاعد اليمين. إن عائلة راجاباكسا التي ينتمي لها الأخوان والرئيسان السابقان ماهيندا وجوتابايا راجاباكسا، والتي كانت مهيمنة لعقود على السلطة، لم تشترك في هذه الانتخابات. ولم يتمكن حزبها، المسمى بالليبرالي الاشتراكي من الحصول إلا على 3 مقاعد، وبالتالي أصبح هامشيا إلى حد بعيد. وينطبق الشيء نفسه على الحزب الوطني المتحد، الذي كان قوة مهيمنة في فترات مختلفة من ماضي البلاد، حيث حصل على مقعد واحد فقط. وحصلت الجبهة الديمقراطية الجديدة، بزعامة السياسي اليميني المخضرم رانيل ويكريمسينغه، الذي حل ثالثا في الانتخابات الرئاسية على 5 مقاعد. وعلى الرغم من انقسام أحزاب الأقلية التاميلية، إلا أن أهم قوة سياسية فيها، وهي تحالف "إيتاك"، جاء ثالثا، بحصوله على 8 مقاعد.
من المحتمل أن يعمل الرئيس وتحالف اليسار على التواصل مع ممثلي الأقلية التاميلية والمؤتمر الإسلامي السريلانكي الحاصل على مقعدين في مناسبات معينة، لأن ممثلي الأقليتين الرئيسيتين في البلاد ما زالا يميلان إلى التصويت، منذ أيلول الفائت إلى التصويت ضد الرئيس.
ليس غريبا في سريلانكا أن يحصل حزب او تحالف الرئيس على دعم واسع في مثل هذه الانتخابات البرلمانية القريبة زمنيا. ولكن يجب على الرئيس وفريقه الآن، أن ينفذوا برنامجهم: بالإضافة إلى تحقيق التوازن في ضمان المزيد من العدالة الاجتماعية بغض النظر عن شروط التقشف التي يفرضها صندوق النقد الدولي، فإن هذا ينطبق أيضاً على هدف الرئيس المعلن في تحجيم سلطة الرئيس والتحول من "نظام رئاسي تنفيذي" إلى نظام يتمتع به رئيس وزراء والبرلمان بحضور وتأثير أكبر.