اخر الاخبار

أجريت في 12 أيار الحالي انتخابات التجديد النصفي في الفلبين الواقعة في جنوب شرق آسيا، والتي يبلغ عدد سكانها 114 مليون نسمة. بالإضافة إلى انتخابات البرلمان التكميلية، انتخاب العديد من الحكومات الإقليمية وكذلك المقاعد في مجلس الشيوخ، والتي تعتبر مهمة في ترجيح كفة المتصارعين. وكالعادة شابت اتهامات التزوير والتلاعب مسار الانتخابات، فضلا عن شراء الأصوات. وشهدت الحملة الانتخابية حوادث عنف وإطلاق نار.

محاصصة بنسخة فلبينية

رسميًا، أصبحت الفلبين دولة ديمقراطية شكلية منذ عام 1987، عندما انتهت الدكتاتورية الدموية لفرديناند ماركوس الأب بثورة شعبية. وتعيش البلاد في ظل نظام ليبرالي منخور، في بلد هيمنت عليه السلالات السياسية لعقود طويلة. لقد شهدت هذه الانتخابات صراعا مريرا بين جناحي المحاصصة عائلة الدكتاتور السابق ماركوس، بزعامة الرئيس الحالي ماركوس الابن وعائلة سلفه الرئيس المستبد دوتيرتي. وتخوض هاتان العائلتان، باعتبارهما الأقوى حاليا حربا علنية تحت خيمة النظام السائد.

ولا يدور الصراع حول المحتوى السياسي والبدائل الممكنة، بل يدور حول السلطة. في الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل ثلاث سنوات، خاض ماركوس ودوتيرتي الانتخابات معًا وفازا بها كـ "فريق موحد": أصبح ماركوس الابن رئيسًا، وأصبحت سارة دوتيرتي، ابنة الرئيس السابق رودريغو دوتيرتي، الذي حكم البلاد في سنوات 2016 – 2022 نائبة للرئيس.

ومن خلال هذا التحالف، تمكنت العائلتان من حماية نفسيهما من الملاحقة القانونية. ولا يزال لدى عائلة ماركوس الكثير من الأموال التي يتعين عليها سدادها للسلطات الضريبية بعد سرقة مليارات الدولارات الأميركية خلال سنوات دكتاتورية ماركوس الاب. وبدوره، يتحمل رودريغو دوتيرتي، وفقا لمنظمات حقوق الانسان، المسؤولية جزئيا عن مقتل قرابة 30 ألف شخص في سياق حربه الوحشية على المخدرات، والتي من المفترض رسميا أن تجعل البلاد أكثر أمنا. لقد انهار تحالف التخادم بين ماركوس ودوتيرتي منذ فترة طويلة.

لقد وجهت نائبة الرئيس سارة دوتيرتي تهديدات بالقتل ضد رئيسها ماركوس الابن، الذي رد ببدء إجراءات عزلها. ومن الصعب تفسير حقيقة أن الرئيس السابق رودريغو دوتيرتي قد أُلقي القبض عليه في شهر آذار بموجب مذكرة اعتقال صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية دون مساعدة ماركوس. ويواجه دوتيرتي اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وهو موجود منذ ذلك الحين في لاهاي في انتظار المحاكمة، لكنه رشح نفسه مرة أخرى لمنصب عمدة مدينة دافاو الجنوبية، حيث بدأ مساره السلطوي.

صعوبات اقتصادية

ويدور الصراع السياسي بين السلالات في ظل وضع اجتماعي هش. مع نمو اقتصادي يبلغ نحو 5.5 في المائة في عام 2024، تعد الفلبين واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في جنوب شرق آسيا، ولكن فوائد هذا النمو غير موزعة بالتساوي. يعيش أكثر من 18 في المائة من السكان تحت خط الفقر، في حين تجمع نخبة صغيرة ثروات هائلة. وقد أدى التضخم، الذي وصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 10 في المائة في العام الفائت، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل خاص وتفاقم الصعوبات الاجتماعية.

ويوفر هذا الغموض الاقتصادي أرضاً خصبة للوعود الشعبوية من كلا المعسكرين. لقد استوليا منذ فترة طويلة على وسائل الإعلام لتحقيق أغراضهما الخاصة ودفعا كل التيارات السياسية الأخرى جانبًا.  ان الفلبين مهددة بالتقسيم. وأعلن دوتيرتي وأنصاره، الذين يتركز نفوذهم في جنوب الفلبين، في الآونة الأخيرة، وفي أكثر من مناسبة، إمكانية انفصال منطقة مينداناو الجنوبية. وبالمقابل أعلن معسكر ماركوس أنه سيستخدم الجيش أيضًا لمنع هذا التوجه.

نتائج الصراع المفتوح

لقد أبقت النتائج المعلنة، وخصوصا تلك المتعلقة بمجلس الشيوخ الجديد، الصراع بين العائلتين مفتوحا. من بين المقاعد الاثني عشر التي تم التنافس عليها في مجلس الشيوخ المكون من 24 عضوًا، حصلت عائلة دوتيرتي على 4 مقاعد. وينتسب 5 أعضاء إلى عائلة ماركوس، في حين ينتمي ثلاثة آخرون إلى المعسكر الليبرالي، الذي كان في عام 2022 يمثل المعارضة للتحالف ماركوس – ودوتيرتي. وإذا نجت نائبة الرئيس من عملية عزلها، وهو احتمال وارد، فستكون لديها فرصة للفوز في انتخابات الرئاسة المقبلة عام 2028. اما إذا تم عزلها، فستُحرم من الترشح في الانتخابات الرئاسية وهو ما يسعى له الرئيس الحالي.

عرض مقالات: