اخر الاخبار

مني الرئيس الأرجنتيني الفاشي خافيير ميلي بهزيمة انتخابية ساحة ساحقة في انتخابات مقاطعة بوينس آيرس، التي جرت الأحد الفائت، والتي تعتبر مجسا أساسيا للصراع المتصاعد بين حزب الرئيس والمعارضة الديمقراطية، قبيل الانتخابات النصفية الحاسمة للسلطة التشريعية التي ستجري الشهر المقبل.

حقق حزب الحركة البيرونية اليساري، حزب الرئيسة السابقة كرستينا دي كيشنر، التي تقضي حكما بالإقامة الجبرية في منزلها لمدة ست سنوات فوزا كبير، بحصوله على 47 في المائة من أصوات الناخبين، مقابل 34 في المائة لحزب الرئيس.

لقد أكدت النتائج أن تلميذ كيشنر، أكسل كيسيلوف، الحاكم اليساري لمقاطعة بوينس آيرس، الذي دافع عن منصبه بجدارة، وأحد أشد منتقدي ميلي، كاشفةً أنه الأنسب لتولي زمام القيادة الحركة البيرونية في المستقبل.

وبعد إعلان النتائج، ألقى كيسيلوف خطابًا حماسيًا، وبّخ فيه ميلي وذكّر الناخبين بما خسروه باستبدال سياسات اليسار الاجتماعية بتخفيضات ميلي القاسية. وقال لأنصاره المحتفلين: "أخبرت صناديق الاقتراع ميلي أنه لا يمكن إيقاف الخدمات العامة. أنه لا يمكن هزيمة المتقاعدين، وأنه لا يمكن التخلي عن ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا يمكن إيقاف تمويل التعليم والرعاية الصحية والعلوم والثقافة".

 تجميع القوى

في المراحل النهائية في توحيد جميع القوى اليسارية البيرونية المهمة في مقاطعة بوينس آيرس، التي يسكنها ثلث سكان الارجنتين، في قائمة واحدة ضمت خمسة أحزاب تشكلت داخل الحركة البيرونية. وكان لتشظي الحركة دور كبير في هزيمتها في الانتخابات الرئاسية ا في تشرين الثاني 2023..

سبق ذلك خلافات داخلية حول الترشيحات والمناصب، مما يشير إلى هشاشة التحالف. لسنوات، وعلى الأقل منذ الهزيمة الانتخابية الساحقة التي مُني بها ماسا أمام خافيير ميلي في نوفمبر 2023، كان هناك صراع محتدم داخل البيرونية اليسارية حول إعادة تنظيم صفوفها. من ناحية، يتضمن هذا الأمر التصالح مع عهد ألبرتو فرنانديز (2019-2023)، الذي لا يمكن إنكار فشله. ومن ناحية أخرى، يتعلق الأمر بمن سيقود الدفة في المستقبل. وتُعدّ مقاطعة بوينس آيرس، بصفتها المقاطعة الأكثر سكانًا وقوةً اقتصاديةً في البلاد، محوريةً في هذا الصدد.

اعتراف

اعترف ميلي بأن خسارة حزبه الفاشي ساحقة بفارق 13 في المائة أمام منافسيه اليساريين "هزيمة واضحة" ". و" إذا ارتكبنا أخطاء سياسية، فسوف نستوعبها، وسوف نعالجها، وسوف نصحح أفعالنا"، ولكنه عبر عن إصراره على سياسته الليبرالية الجديدة: " لن يكون هناك تراجع في عن سياسة الحكومة".

وكانت المعارضة قد طالبت بعزل الرئيس، على خلفية فضائح فساد كشفتها تسريبات، تعامل معها القضاء الارجنتين باهتمام كبير، تتعلق بصفقات فساد كبرى وعقود شراء أدوية ومعدات لذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى فضائح بيع تسلسل المرشحين في القوائم الانتخابية، وكذلك بيع تنظيم لقاءات مباشرة مع الرئيس، تورطت فيها شقيقة الرئيس التي تشغل منصب سكرتيرته الخاصة، وشملت التحقيقات عددا كبيرا من وزراء في حكومة ميلي.

معاداة الشيوعية

على الرغم من أن الحركة البيرونية حركة تقدمية يسارية ولا علاقة مباشرة لها بالشيوعية، إلا أن رئيس الجمهورية الفاشي، وظف خزين معاداة الشيوعية في حملته الانتخابية واصفا المرشح المنافس بـ "القزم السوفيتي"، و "لن تعود كيشنر أبدا"، بالإضافة إلى السخرية علنًا من عشرات الآلاف من ضحايا آخر ديكتاتورية عسكرية (1976- 1983).

فشل اقتصادي

يتفاخر ميلي بخفض معدل التضخم في الأرجنتين، خلال الأشهر القليلة الماضية، ووضع حدٍّ للإنفاق الاجتماعي الذي مارسه أسلافه البيرونيين، إلا أن الأرجنتينيين لم يروا بعد الانتعاش الاقتصادي الذي كان من المفترض أن يعقب إجراءات التقشف القاسية التي اتخذها.

رفعت حكومته القيود النقدية المعقدة المفروضة على الأرجنتين، كجزء من خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي بقيمة 20 مليار دولار، لكنها لم تكتسب بعد ثقة الممولين الدوليين القادرين على جلب الاستثمارات اللازمة لخلق فرص عمل ودفع عجلة النمو الاقتصادي في البلاد.

وتتراجع ثقة المستهلكين، وترتفع البطالة، وترتفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية، في ظل تدخل الحكومة المتكرر في سوق العملات لدعم البيزو وكبح التضخم، التي تحولت هي الأخرى إلى فضيحة سياسية – اقتصادية، في حين تتعمق ضائقة أكثرية السكان المالية.

اليسار يحتفل

لوّحت الرئيسة اليسارية السابقة كريستينا دي كيشنر (2007 – 2015) بحرارة من شرفة منزلها في بوينس آيرس، حيث تقضي عقوبة بالسجن لمدة ست سنوات رهن الإقامة الجبرية، لحشود غفيرة من المؤيدين يحتفلون في الشوارع.

وعلى الرغم من منعها من ممارسة السياسة مدى الحياة، إلا أنها لا تزال الزعيمة الأكثر نفوذاً في الحركة البيرونية.

وكتبت كيشنر على موقع (أكس) "هل رأيت ذلك يا ميلي؟". "اخرج من فقاعتك يا أخي، إن الأمور تزداد صعوبة". ووصفت فضائح الفساد المالي والإداري التي تحيط بالرئيس بأنها "مميته" لفرصه الانتخابية. وأضافت: " ولن أبدأ حتى بالحديث عن حال البقية (الذين ما زالوا يعملون). إنهم مثقلون بديون الطعام والإيجار والأدوية، وفوق كل ذلك، بطاقات الائتمان التي استنفدت ".

عرض مقالات: