شهد البرلمان الإيطالي تأسيس مجموعة برلمانية مناهضة للحرب والليبرالية الجديدة، ومن أجل العدالة الاجتماعية وحماية البيئة. وبهذا امتلك اليسار الجذري، بعد سنين، تمثيلا في البرلمان مرة أخرى.

كانت الانتخابات العامة الأخيرة في عام 2018 بمثابة إخفاق تام لليسار الجذري الإيطالي، ممثلا بـتحالف “سلطة الشعب”، الذي ضم الأحزاب والمنظمات الشيوعية، والجماعات البيئية، والعديد من المجموعات والمبادرات الأخرى، وحصل على 1.3 في المائة فقط، وبالتالي فشل اليسار الجذري مرة أخرى في الوصول إلى البرلمان. ولم تكن المشاركات الانتخابية المختلفة اللاحقة في انتخابات الاتحاد الأوروبي أو في الانتخابات الإقليمية أفضل حالا. 

منذ 16 شباط 2022 يضم البرلمان الإيطالي مجموعة برلمانية مكونة من أربع نائبات (دوريانا سارلي ويانا إيهم وسيلفيا بينيديتي وسيمونا سوريانو) تمثل قوى اليسار الجذري حملت اسما طويلا وغير معتاد هو “منفستو أي، سلطة للشعب، حزب إعادة التأسيس الشيوعي -اليسار الأوروبي” والتسمية تتكون من مسميات قوى اليسار الرئيسة الداعمة للمجموعة، وعمليا يشار للمجموعة اختصارا “منفستو أي”

وجاء في بيان مشترك للمجموعة البرلمانية والقوى السياسية الداعمة لها، “تريد مانيفستو اي طرح وتعزيز وبناء برنامج سياسي ملموس يضع العدالة الاجتماعية والبيئة والانسان في مركزه، ويطلق نموذجًا للتنمية يعارض بشدة وصفات الليبرالية الجديدة وعمليات الخصخصة، وتجاوز السلطة الاقتصادية والسياسية المهيمنة التي تجاهلت منذ فترة طويلة المصالح الجماعية. في الوقت الذي تهب فيه رياح الحرب التي تهدد بالانفجار في أوكرانيا، وتهدف مانيفستو أيضا إلى العمل كفضاء لمقاومة حازمة ضد الحرب ولتعزيز السلام باعتباره الحل الوحيد الممكن”.

وقالت المتحدثة باسم المجموعة، المحامية الصقلية سيمونا سوريانو في المؤتمر الصحفي في قاعة البرلمان: “مانيفستو هو نداء لمن لا صوت لهم لرفع رؤوسهم والتظاهر”. “نحن تجمع لحركات وأحزاب ونقابات تعتبر نفسها اليسار البديل لأن اليسار لم يعد حاضرا في البرلمان. نريد أن نعطي صوتا لا صوت له في المؤسسات، صوت واضح لليسار ضد حكومة دراغي”. 

وأضافت، ان التعاون مع الحزب الشيوعي إعادة التأسيس، و”سلطة الشعب” مرتبط بكون الحزبين لم يتخليا عن النضال من أجل حقوق “الذين تحملوا دائمًا في السنوات الأخيرة وزر قرارات السياسات الخاطئة، وصوتهم بالكاد ممثلا في المؤسسات”. 

ويركز العمل المشترك على عالم العمل وحقوق الفئات الأضعف، بدءا بحقوق المهاجرين. ومنذ أكثر من عام كان هناك عمل مشترك بين البرلمانيات الأربع وهذه القوى بشأن القضايا المشتركة، وحان الوقت لجعل هذا التعاون أكثر تنظيما وعلانية.

وأكدت دوريانا سارلي انهن لا يردن قيادة منظمة جديدة، او تشكيل قائمة جديدة، او تأسيس حزب جديد “لقد ولدنا لنكون جزءا من كل هذا، مكانا للتجمع للاستماع حقا ودعم مطالب الفئات الأكثر ضعفا والعمال والمهمشين برلمانيا. لهذا السبب، من الضروري العمل المشترك مع الحزب الشيوعي إعادة التأسيس و”سلطة الشعب”، هذه القوى لديها تاريخ ملموس وعملت دائما بهذه الروحية”.

ويريد التجمع الذي تشكل لمعارضة حكومة دراغي، ان يصبح نقطة انطلاق لـ”حوار مفتوح مع كل القوى التي تصف نفسها باليسار، والتي يتم تجالها من القوى الممثلة في البرلمان”. وجاء في بيان للمجموعة البرلمانية “نريد خلق فضاء يساري وبيئي أصيل حيث تجري محاولة خط مسار مشترك وموحد يمكن للسياسة من خلاله أن تتعامل مع الاحتياجات الحقيقية للمواطنين”.

وشارك في الإعلان عن المجموعة في البرلمان السكرتير الوطني للحزب الشيوعي إعادة التاسيس ماوريتسيو أكربو ، الذي تحدث عن “الحاجة إلى معارضة داخل البرلمان”، و”صوت سلمي حقيقي”، في برلمان الأطلسي، لا يرتدون خوذة الناتو على رؤوسهم”. و”إن ظهور مجموعة المانيفستو أمر إيجابي للغاية بالنسبة لنا في الحزب الشيوعي إعادة التأسيس، فلطالما اقترحنا تجميع الأحزاب والحركات لخلق معارضة اجتماعية وسياسية يسارية وبيئية كبديل لليمين ويمين الوسط، ويسار الوسط الداعم لحكومة دراغي”.

واكد غوليانو راناتو السكرتير الوطني لـ”سلطة الشعب” ضرورة ادخال المعارضة غير البرلمانية لحكومة دراغي الى داخل البرلمان. ومن غير المعقول ان يخلو البرلمان ممن يمثل مصالح العمال، في بلد فيه 5 مليون عاملة وعامل، يتقاضون اقل من 9 يورو في الساعة، وواحد من كل أربعة عمال يعيش في الفقر. ولا يمكن القبول بخلو البرلمان ممن يرفض استعدادات الحكومة لإرسال قوات الى أوكرانيا.

ان وجود مجموعة برلمانية تمثل اليسار الجذري في البرلمان الإيطالي، يمكن ان يكون حافزا لتجميع قوى اليسار الجذري والاستعداد لانتخابات في عام 2023، في بلد كان لليسار الجذري فيه دور متميز وتاريخ مجيد.

عرض مقالات: