تجري اليوم الاحد التاسع عشر من حزيران 2022 الجولتان الحاسمتان في الانتخابات الرئاسية الكولومبية، وانتخابات الجمعية الوطنية الفرنسية. وفي كلتا الحالتين تواجه قوى اليسار قوى اليمين بتنوعه الليبرالي والمحافظ والمتطرف. وتمثل هاتان المعركتان محطة مهمة لليسار الكولومبي الساعي بقوة لحكم البلاد لأول مرة في تاريخها، فيما يحاول اليسار الفرنسي العودة بقوة لصدارة المشهد السياسي في البلاد بعد عقد او أكثر من التشتت والتراجع.

في هذا التقرير نحاول عرض آخر التطورات المتوفرة في الأيام الأخيرة التي سبقت يوم الحسم.

في كولومبيا إصرار على الانتصار

سوف يختار 38 مليون ناخب من مجموع السكان البالغ عددهم 51 مليون نسمة، بين غوستافو بيترو مرشح تحالف “الميثاق التاريخي” اليساري، ومنافسه رجل الاعمال رودولفو هيرنانديز مرشح تحالف “الرابطة” اليميني.

كانت جولة الانتخابات الأولى، التي جرت في 29 أيار الفائت، قد أسفرت عن فوز تاريخي لمرشح اليسار الذي حصل على40,3 في المائة، مقابل28,1 في المائة ل رودولفو هيرنانديز، الذي جاء وصوله للجولة الثانية مفاجئا، على حساب مرشح اليمين الرئيسي فيديريكو غوتيريز، الذي حصل على 23.9 في المائة.

وفي الفترة التي أعقبت جولة الانتخابات الأولى تبادل المرشحان الموقع الأول في استطلاعات الراي، التي كان يتم اجراء بعضها بشكل يومي. ويشير آخر استطلاع للرأي في 11 حزيران إلى تقدم مرشح اليسار بنقطة واحدة فقط، ما يعني ان الصراع سيكون مفتوحا في اقتراع اليوم، وسيحسم المعركة من ينجح في استمالة الأكثرية في قرابة 6 في المائة من الناخبين المترددين.

التوقعات تقول إن مشاركة واسعة في التصويت ستكون لصالح مرشح اليسار، استنادا إلى وجود رغبة لدى أكثرية السكان بإنهاء حقبة حكم الليبرالية الجديدة وتحقيق التغيير، والعكس سيكون لصالح منافسه الذي يعرف بـ “ترامب كولومبيا”، الذي يعتمد خطابا شعبويا لمحاربة الفساد، تجده أوساط الطبقة الوسطى التقليدية والمحافظون، أقل خطرا على مصالحها من خطاب اليسار الأكثر جذرية.

وتعتبر أوساط واسعة من المشاركين في الاحتجاجات الشعبية التي عمت البلاد في العام الفائت مرشح اليسار رمزا للتغيير. من جانب آخر تشن مؤسسات الاعلام الكبيرة، وقوى اليمين حملة تخويف واسعة من خطر اليسار المقبل، الذي “سيحول” كولومبيا إلى كوبا ثانية. يضاف إلى ذلك دعم الولايات المتحدة وبلدان الناتو، وجنرالات الجيش الكولومبي لمرشح اليمين.

معركة اليسار الفرنسي الصعبة

التقديرات الأولية تشير، بعيدا عن التشكيك في النتائج الرسمية للجولة الأولى لانتخابات الجمعية الوطنية الفرنسية، إلى صعوبة انتصار اليسار في معركة اليوم، بعد أن حقق في الجولة الأولى نتائج استثنائية، حيث حصل على 25,7، مقابل 25,8 في المائة لقائمة الرئيس ماكرون بفارق 21,442 الف فقط.

اعتمد نجاح اليسار في الجولة الأولى على تجميع قواه الرئيسية، والمجموعات اليسارية التي بقيت خارج التحالف حصلت مجتمعة على قرابة 5 في المائة، وبالتالي ليس امام اليسار تحالفات إضافية في الجولة الثانية، وأمل اليسار يكمن في نسبة عدم التصويت في الجولة الأولى التي بلغت 52 في المائة، التي يشكل الشباب فيها نسبة عالية، والمعروف ان أوساط الشبيبة دعمت قائمة اليسار في الجولة الاولى.

 يراهن ماكرون على تجميع أعداء اليسار من قوى اليمين المحافظ، وكذلك يطمع في استمالة أوساط من اليمين المتطرف، رغم رفض زعيمته ماري لوبان التصويت لصالح ماكرون. بالمقابل عمل جون لوك ميلنشون على تكرار شعاره “انتخبوني رئيسا للوزراء” وحث الناخبين على دعمه. 

الثابت أن الرئيس ماكرون، حتى في حالة فوز قائمته بالجولة الثانية، سيخسر اغلبيته المريحة ويضطر إلى البحث عن داعمين لتمرير مشروع هذا القانون أو ذاك، وأكيد سيجد في اليمين التقليدي “الجمهوريون”، الذي حصلوا في انتخابات الرئاسة على أقل من 5 في المائة معين يريد الحصول على أي شيء.

الاحراج الذي سيواجه ناخبي ماكرون في الدوائر التي يجب عليهم الاختيار بين مرشحي اليسار ومرشحي اليمين المتطرف. ماكرون نصح ناخبيه بالامتناع عن التصويت، لكن هذا يعرض 15 وزيرا في حكومته إلى الاستقالة في حال خسارة دوائرهم. كانت نتائج الدورة الأولى في منطقة باريس بمثابة صدمة للرئيس حيث تقدم اليسار في 12 دائرة من أصل 18، ونجح ثلاثة مرشحين يساريين من حسم السباق الانتخابي من الدورة الأولى بحصولهم على أكثر من 50 في المائة من أصوات الناخبين.

عرض مقالات: