اخر الاخبار

على الرغم من الجهود الكبيرة في نشر قوات جديدة في شرق وجنوب شرق أوروبا، يريد الناتو تعزيز تعاونه مع أربع دول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، هي: اليابان، كوريا الجنوبية، استراليا، ونيوزلندا، التي حضر زعماؤها لأول مرة قمة مدريد. هذا ما أكده الثلاثاء، سكرتيره العام ينس ستولتنبرغ. وعليه، لن ينشئ الحلف ألوية قتالية في دول البلطيق في المستقبل القريب فقط، بل سيزيد أيضًا عدد القوات التي في حالة استعداد متزايد إلى 300 ألف مقاتل. وهذه المرة ينصب التركيز على العمل المشترك ضد الصين. وبهذا، يتخذ التوسع العالمي لحلف الناتو، الذي تم الترويج له بشكل أساسي منذ التسعينات، شكلاً جديدًا..

هيكلية جديدة

في التسعينات، بدأ الناتو تعاونا منهجيا مع بلدان خارج منطقة الحلف التقليدية. ففي عام 1994، أنشأ لأول مرة برنامج الشراكة من أجل السلام، والذي أتاح إقامة والحفاظ على العلاقات ليس فقط مع الدول المحايدة في أوروبا، ودول أوروبا الشرقية، وأيضًا مع الدول التي شكلت الاتحاد السوفيتي السابق. وفي نفس العام، تأسس حوار المتوسط، الذي يتعاون فيه الناتو مع المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا ومصر والأردن وإسرائيل منذ ذلك الحين. وفي عام 2004 أطلقت مبادرة اسطنبول للتعاون، والتي يجري التعاون بموجبها مع الكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة. من خلال الحوار والمبادرة، سعى الحلف إلى تحقيق هدف ربط مناطق ذات أهمية استراتيجية في العالم من أجل تكثيف سيطرته على المنطقة المعنية.

خارج المنطقة

منذ عام 1993، في حرب تفكيك يوغسلافيا، نفذ الناتو عمليات عسكرية خارج نطاق أراضيه الفعلية. بعدها قاد الحلف قوات البلدان الغربية في أفغانستان. وقام بالتدريب في العراق، وقدم خدمات دعم لقوات الاتحاد الأفريقي المنتشرة في دارفور.   ثم اندلعت الحرب في ليبيا في عام 2011. وفي كل هذه الاحداث تلقى الناتو دعما من البلدان التي يتعاون معها في إطار الحوار والمبادرة. بالإضافة إلى تقديم أستراليا وحدات كبيرة من القوات، على الرغم من عدم وجود تسيق دائم مع الحلف. لقد دفع ذلك محررين في مجلة فورين أفيرز الأمريكية في خريف 2006 إلى القول، أن الناتو قد “أصبح عالميًا”.

حلف عالمي

في عام 2006، طالبت أصوات مؤثرة بالتوسع الرسمي للحلف، دعا حينها سكرتير الحلف العام، ياب دي هوب شيفر صراحةً إلى “تحالف مع شركاء عالميين”. ودعت وسائل اعلام أمريكية إلى توسيع العضوية خارج مناطق الحلف، بحيث يشمل ذلك كل دولة ديمقراطية في العالم مستعدة وقادرة على الوفاء بالمساهمة في مسؤوليات الناتو الجديدة”.  وتجاوز الحديث أستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية، ليمتد إلى البرازيل وجنوب إفريقيا والهند. وفي النهاية، لم تحصل هذه الأفكار على أغلبية داخل الحلف. وبدلا من ذلك، بدأت عملية ربط دول في آسيا ومنطقة المحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية بالحلف كشركاء. وشمل ذلك تسعة بلدان.

تحولات عام 2014

 بدأت في عام 2014، ارتباطا بتصاعد الصراع الداخلي في أوكرانيا، نقطة تحول، حيث ركز الناتو، ولا سيما الدول الأعضاء في أوروبا، بشكل متزايد على صراع النفوذ ضد روسيا الاتحادية، وقاموا بتسليح أنفسهم، خصوصا في شرق وجنوب شرق أوروبا، وكثفوا عملياتهم في الشرقين الادنى والأوسط، مستفيدين من الدعم العسكري والتعاون مع الشركاء. وفي السنوات الأخيرة اخذوا يقللون من تركيزهم على المنطقة، لصالح الصراع مع الصين، الذي أصبح أكثر أهمية. لذلك، يكثف الناتو تعاونه مع “شركائه الاربعة في آسيا والمحيط الهادئ وفي جميع أنحاء العالم”، وبينهم اليابان وأستراليا، وهما من ألد خصوم الصين. في كانون الأول 2020، شارك الشركاء الأربعة في اجتماع وزراء خارجية الناتو لأول مرة، وزعماء هذه البلدان يحضرون، لأول مرة ايضا، قمة الحلف المنعقدة حاليا في مدريد وفقًا للاتحاد الأوربي، يبين ذلك الاهتمام المتزايد الذي يحظى به التطور في منطقة آسيا والمحيط الهادئ أيضًا في أروقة الناتو، ليس بهدف استخدام قوات هذه البلدان في اوربا، بل لتطور نشاطها العسكري حول الصين.

تحذير من توسع الناتو المفرط

وليس واضحا، إلى أي مدى تترك خطط الناتو في أوروبا القدرة على توسيع علاقاته مع شركائه الأربعة في آسيا والمحيط الهادئ. أكد السكرتير العام للحلف ينس ستولتنبرغ الثلاثاء أن الحلف ينوي توسيع المجموعات القتالية التي يحتفظ بها في دول البلطيق إلى قوة اللواء. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي نشر المزيد من القوات في غضون مهلة قصيرة نسبيًا فبدلاً من مجرد قوة استجابة الناتو التي تضم حوالي 40 ألف جندي حاليا، سيكون قوامها 240 ألف مقاتل في حالة تأهب دائمة، وأحدث رقم ذكره ستولتنبرغ الثلاثاء هو 300 ألف مقاتل. وسيتم تخزين كميات كبيرة من المعدات الحربية في شرق وجنوب شرق أوروبا؛ وفي حالة الحرب، سيتم نقل القوات فقط، مما يقلل بشكل كبير من وقت الانتشار على الجبهة الشرقية. ومع ذلك، فإن تنفيذ كل هذه الخطط يتطلب جهدا كبيرا. وفي ضوء هذه الخطط الطموحة لـ “الناتو العالمي”، حذر مراقبون أصدقاء للحلف من إرهاق استراتيجي يمكن أن يضعف الغرب بدلاً من تقويته.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*- عن موقع GERMAN-FOREIGN-POLICY.com

عرض مقالات: