اخر الاخبار

يشهد العديد من المدن الإسبانية، منذ 16 شباط، احتجاجات يشارك فيها الآلاف، أغلبهم من الشباب، ضد حبس مغني راب معروف أتهم بإهانة الملك ومؤسسات الدولة. ووفق معطيات منظمة “فريميوز” غير الحكومية، فإن إسبانيا البلد العضو في الاتحاد الأوروبي، يحتل الموقع الأول في اعتقال الفنانين عالميا، متقدما على روسيا وتركيا وإيران. وكانت حكومة حزب الشعب اليميني المحافظ بزعامة ماريانو راخوي، قد شددت في عام 2015 القانون الجنائي لـ “تمجيد الإرهاب” وأصدرت ما يسمى بـ “قانون التكميم”. وفي سياق التناغم بين نصي القانونين، اللذين صيغا بشكل قابل للتأويل، صدرت أحكام ضد صحفيين ومصورين وموسيقيين.

وهذه المرة كانت الضحية مغني الراب بابلو هاسل، الذي حكم عليه في محاكمة مشكوك فيها بالسجن ثلاثة أشهر من قبل المحكمة الوطنية في مدريد. ورأى القضاة أنه أهان العائلة المالكة ومؤسسات الدولة ومجد الإرهاب في نصوص أغانيه وتغريداته. ورفضت المحكمة إصدار القرار مع وقف التنفيذ، لأن هاسل تمسك “بسلوكه غير الاجتماعي”. وفي 18 شباط حُكم عليه مجددا بالسجن لمدة عامين ونصف العام بتهمة تهديد أحد الشهود اثناء المحاكمة.

وتم القاء القبض على هاسل في 16 شباط في مدينة ليدا الكاتالونية، حيث تحصن في الجامعة مع عشرات من داعميه. وعرض التلفزيون لقطات اقتياده. واستقل هاسل سيارة الشرطة بقبضة مرفوعة وقال: “على الرغم من كل القمع، لن يجعلونا ننحني”.

وبابلو هاسل مغني راب مثير للجدل ومناهض للفاشية من بلدة ليدا الكاتالونية. يشير في أغانيه إلى الشرطة كقتلة، ويشير إلى ممارسات التعذيب من قبل الحرس المدني، ويستهدف الملك الإسباني السابق. ومن بين التغريدات التي أدين بها هاسل، تصريحات مثل - “بسبب المملكة العربية السعودية، يعاني الأطفال في اليمن”. هذه أمور تخص الأصدقاء الديمقراطيين للمافيا بوربون” (في إشارة للعائلة المالكة) وكذلك تغريدات تضامن بها مع أعضاء سابقين في مجموعة غرابو السرية: “بعد عامين، بعد مقتل الشيوعية إيزابيل أباريسيو، رفضت الدولة تقديم الرعاية الطبية لها في السجن”.

وعلى الرغم من نشر هاسل تغريدات متطرفة، لكن اعتقاله بسبب دعمه للإرهاب ممارسة سخيفة، مقارنة بعدم اعتقال ضباط فاشيين متقاعدين دعوا إلى إعدام 26 مليون من “أولاد العاهرات” هم ناخبو تحالف اليسار، الذي يضم الشيوعيين. وقد عكس تصريح رئيس المحكمة العليا في قشتالة وليون، خوسيه لويس كونسبسيون في يوم اعتقال هاسل، مدى عمق تأثير الفرانكوية (1939 -1975) في القضاء الاسباني: “إن ديمقراطية بلد ما تصبح موضع شك منذ اللحظة التي يشارك فيها الحزب الشيوعي في الحكومة”.

فساد العائلة المالكة

لم تأت تغريدات هاسل ضد العائلة المالكة من فراغ. لقد تنازل الملك خوان كارلوس في عام 2014 عن العرش بعد أن قامت النيابة العامة في سويسرا وإسبانيا بالتحقيق معه بتهمة حصوله على رشى من السعودية وتورطه في عمليات غسيل أموال خطير. وفي آب 2020 هرب إلى دبي، ولحد الآن يمنع إجراء تحقيق مفصل وطرح ملفاته امام القضاء. وقبل يوم واحد فقط من إلقاء القبض على بابلو هاسل، ردت المحكمة العليا دعوى قضائية أقامها اليسار الإسباني المتحد والحزب الشيوعي الإسباني، ومنتدى المحامين اليساريين، ضد الملك السابق خوان كارلوس دي بوربون. ووجهت الدعوة اتهامات إلى الملك ومقربين منه بارتكاب جرائم تشمل ملفات فساد وغسيل أموال وتهرب ضريبي.

الحزب الشيوعي:  “ليس في إسبانيا حياة ديمقراطية طبيعية”

ودعا الحزب الشيوعي الاسباني إلى تغيير القوانين التي تتعارض مع حرية الرأي كقانون “تمجيد الرهاب”، أو إهانة العرش ومؤسسات الدولة، الإساءة للمعتقدات الدينية. وشدد الحزب على أن لا وجود للديمقراطية عندما يمنع الاختلاف. ودعا الحزب البرلمان إلى إقرار مشروع القانون الذي قدمه تحالف اليسار والمتعلق بإلغاء جرائم حرية التعبير. وأشار الحزب إلى إدانة منظمة العفو الدولية للحكم على مغني الراب، لأنه مارس حرية الراي. وفي ختام بيانه دعا الحزب إلى دعم احتجاجات التضامن مع هاسل.

وفي تويتر أعرب تحالف اليسار عن دعمه للشبيبة المناهضة للفاشية، والتي تحتج دفاعا عن العدالة وحرية الرأي. وأطلق حزب بودوموس حملة من أجل إطلاق سراح هاسيل وغيره من الفنانين المعتقلين.

وفي هذه الأثناء، أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز من الحزب الاشتراكي أن حكومته ستعمل على حماية حرية التعبير بشكل أفضل بسبب وجود “إجماع واسع في المجتمع” على هذا الأمر. وكان أكثر من 200 فنان قد طالبوا بذلك في نداء للتضامن مع مغني الراب حتى قبل اعتقاله. وجمعت منظمة العفو الدولية ما يقرب من 100 توقيع للإفراج عن هاسل وإصلاح القانون الجنائي.

عرض مقالات: