بدأ التونسيون أمس السبت، التصويت في انتخابات عامة لاختيار برلمان يقول عنه المعارضون أنه بلا سلطة تقريبًا، وهو الركيزة الأخيرة لما يسميه الرئيس التونسي قيس سعيد “الإصلاح السياسي”. ودعت الجماعات السياسية المعارضة في تونس إلى مقاطعة التصويت، مؤكدة أن العملية جزء من “انقلاب على الديمقراطية الوحيدة التي خرجت من موجة انتفاضات 2011 في المنطقة”.

الرئيس يدعو والمعارضة تقاطع

وأفادت الهيئة العليا للانتخابات بأن نحو 9 ملايين و339 ألفاً و756 ناخباً مسجلين في لوائح الانتخابات، تُنتظر مشاركتهم في اختيار 151 نائباً بالمجلس، معها 10 مقاعد مخصصة للمرشحين بالخارج بدأ التصويت لها يوم الخميس الماضي.

ومن مكتب الاقتراع، قال الرئيس قيس سعيد: “هذه فرصتكم التاريخية فلا تفوّتوها حتى تستعيدوا حقوقكم”. وأضاف: “نعمل للقطع مع من نهبوا البلاد وخربوها، وسنحقق أحلام التونسيين”.

ودعا سعيد التونسيين إلى الإقبال على الانتخابات، قائلاً: ‘’أتوجه لكافة الناخبين والناخبات لأقول في يوم عيد الثورة هذه فرصتكم التاريخية يا أبناء الشعب العظيم في تونس وكل العالم، لا تفوتوها واحتكموا إلى ضمائركم وحدها حتى تستردوا حقوقكم المشروعة في العدل والحرية”.

ويأتي التصويت بعد ثلاثة أسابيع من الحملات الانتخابية التي كانت بالكاد تشاهد في الشوارع، مع وجود القليل من الملصقات وعدم وجود نقاش جاد بين الجمهور المنشغل إلى حد كبير بالمخاوف المالية الملحة.

وفي العام الماضي، بعد شهور من الجمود السياسي والأزمة الاقتصادية التي تفاقمت بسبب جائحة فيروس كورونا، علق سعيد البرلمان وأرسل آليات عسكرية لتطويقه في انتزاع للسلطة بعد أكثر من عقد من الاضطرابات التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

ومنذ ذلك الحين، دفع سعيد، بدستور جديد يمنح الرئاسة سلطات غير مقيدة تقريبًا ويمهد الطريق لبرلمان مقيد السلطات يضم 161 مقعدًا.

وكانت للهيئة التشريعية السابقة سلطات بعيدة المدى في النظام الرئاسي البرلماني المختلط المنصوص عليه في دستور ما بعد الثورة التونسي. لكن المرشحين في الانتخابات الحالية أصبحوا وفق التعديلات يقفون كأفراد في ظل نظام يحيد الأحزاب السياسية، بما في ذلك خصوم سعيد.

غير مناسبة

ويقول المحلل حمزة المؤدب لوكالة فرانس برس إن الانتخابات كانت “غير مناسبة” كما أنه يتوقع أن يصوت قلة من التونسيين فيها.

ويضيف مؤدب، (عضو في مركز كارنيغي للشرق الأوسط) أن “هذه الانتخابات إجراء شكلي لاستكمال النظام السياسي الذي فرضه قيس سعيد كي يركز السلطة بين يديه”، مبينا أن “التونسيون يعلمون أن هذا البرلمان لن يكون له وزن سياسي وسيُجرّد من كل السلطة”.

وقالت جميع الأحزاب والمنظمات السياسية التونسية تقريبًا، بما فيها الاتحاد العام التونسي للشغل، إنها ستقاطع التصويت في انتخابات عديمة الجدوى.

مشاركة ضعيفة في الخارج

من جهته، أكد رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات “عتيد” بسام معطر، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “المشاركة ضعيفة جداً في الخارج، في انتظار تحيين معطيات الملاحظين”.

وبين أن “نسب المشاركة هي الأضعف منذ 2011، وهو أمر منتظر بسبب غياب المنافسة حيث يوجد مترشح وحيد وهو فائز، بحيث لا يرى بعض الناخبين بداً من الذهاب للاقتراع لمرشح يعلمون أنه فائز”، لافتا إلى أن “نسب المشاركة في الخارج لا تُعَدّ معياراً لاعتبار أنها أقل من نسب المشاركة في الداخل”.

وقال إن “غياب البعثة الأوروبية للمراقبة عن ملاحظة هذه الانتخابات بعد قرارها الخميس، مؤشر سلبي حيث اعتدنا وجودهم خلال المحطات الانتخابية السابقة، وهذه المرة اختاروا عدم الحضور، ولديهم أسبابهم الخاصة، وهذا القرار ليس اعتباطياً، وقد يأتي تقييماً منهم بأن هذه الانتخابات لا تستجيب للمعايير التي يعتمدونها”.