اخر الاخبار

يشتد زخم الاحتجاجات المليونية في فرنسا، بعد أن شهد الثلاثاء الفائت تصاعدا غير مسبوق، حيث شارك قرابة ثلاثة ملايين مواطن ضد محاولات فرض “اصلاح نظام التقاعد” للرئيس اليميني إيمانويل ماكرون ورئيسة وزرائه إليزابيث بورن في “الثلاثاء الأسود”، الذي أعلنته النقابات الثمان في البلاد، إذ حشّدت السلطات في باريس ومرسيليا ومدن كبيرة أخرى 11 ألف شرطي لمواجهة المحتجين.

اليسار يريد الإطاحة بالقانون

وكانت الاتحادات النقابية قد دعت للاضراب والاحتجاج يوم 19 كانون الثاني الفائت، انضمت اليها في نهايته 13 منظمة شبابية، واتسعت الإضرابات في قطاع النقل والسكك الحديد، حتى أدى الى شلل واضح لحركة النقل في أوقات الذروة.

ومنذ يوم الاثنين، تحاول كتل تحالف قوى اليسار في الجمعية الوطنية الإطاحة بمشروع القانون، الذي يرفضه 75 في المائة من الفرنسيين حاليًا، على الرغم من اجراء أكثر من 6 آلاف تعديل على نص المشروع الأصلي. وإذا لم تحقق كتلة حزب الرئيس ماكرون، حتى 26 اذار المقبل، أغلبية لتمرير المشروع في الجمعية الوطنية، يمكن للحكومة استخدام المادة 49.3 من الدستور الفرنسي، التي تتيح لها إقرار المشروع بمرسوم رئاسي متجاوزة بذلك إرادة البرلمان واكثرية سكان فرنسا. ومن المفيد الإشارة الى ان الحزب الشيوعي الفرنسي، وبعده حركة فرنسا الابية، طالبت بإجراء استفتاء عام.

وعلى الرغم من شتاء أوربا القارس، وساعات المساء الأولى، نزل الناس من جميع الأعمار والمهن إلى الشوارع في 250 مسيرة للاحتجاج على ماكرون وإملاءاته. واضرب عمال أكبر خمسة مصافي ومستودعات للوقود في نورماندي وبريتاني وجنوب غرب فرنسا، عن العمل. بالإضافة الى اضراب العاملين في قطاعي النقل العام والتعليم.

واضطرت العديد من المدارس إلى اغلاق أبوابها، إثر مشاركة نصف كادرها التعليمي في الاضراب. وبعد دعوة السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل، أغلق رؤساء بلديات العديد من المدن والبلدات ابوابها، ليس فقط في المدن التي يقودها الشيوعيون، ولكن أيضًا العديد من المدن الأخرى بما في ذلك العاصمة باريس، وسمحوا للعمال المحليين بالمشاركة في التظاهرات دون خسارة في أجورهم.

ماكرون متأكد من خسارته

وكما كان متوقعا، أشعلت الحكومة معركة المعطيات والأرقام بشأن المشاركات في الاضراب، في حين أعلنت النقابات عن مشاركة 50 في المائة من المدارس والجامعات، لكن التقارير الحكومية خفضت النسبة الى النصف. أي 25 في المائة فقط.

من جانبه، أعلن جان لوك ميلينشون، زعيم حركة “فرنسا الابية” اليسارية، في مرسيليا أن “ماكرون متأكد من خسارته”. وهذا تحليل يثير قلق المجموعة البرلمانية للجمهوريين (اليمين التقليدي)، التي تضم اكثر من عشرة نواب، يحتاج الرئيس أصواتهم، إذا أراد ان يمرر “إصلاحاته “ وفق السياقات الديمقراطية كما وعد وليس بواسطة مرسوم جمهوري، يستند الى المادة الدستورية التي اشرنا اليها.

بالإضافة الى ذلك، أشارت أيضًا الدائرة العلمية للنقابات العمالية إلى الاستناد الى “حسابات خاطئة قاتلة”، اعدت من قبل مجلس ارشاد المعاشات التقاعدية، التي بنى الرئيس الفرنسي مخططه الكارثي بشأن صناديق التقاعد، على أساسها. وعلى أساس فكرة التمديد “الضروري” لسنوات العمل.

في عام 2013، توقعت الأكثرية في البرلمان عجزًا قدره 22 مليار يورو لميزانية المعاشات التقاعدية لعام 2022، في حين كان العجز المتحقق عمليا ثلاثة مليارات فقط.

إضراب لم نشهد مثله

وفي مواجهة هزيمة وشيكة في البرلمان وهزيمة أمام الملايين من المتظاهرين، أطلق الرئيس العنان لوزير الداخلية جيرالد دارمانين. عبّر رجل ماكرون عن غضبه من خشونة المحتجين في الشوارع: “يعتقدون أنه يجب عليك العمل أقل فأقل والدفاع عن الحق في أن تكون كسولًا”. وردت الأمينة العامة لاتحاد المهندسين العام، احدى نقابات اتحاد سي جي تي اليساري، صوفي بينيه، عبر قناة فرانس إنفو التلفزيونية بأنها “لم تشهد إضرابًا بمثل هذا العدد الكبير من المديرين كما حدث يوم الثلاثاء”.

عرض مقالات: