اخر الاخبار

بعد حركة احتجاجية شعبية واسعة، طبعت الحياة اليومية والسياسية في طيلة عهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ضد سياسات الليبرالية الجديدة، وهدم المكتسبات الاجتماعية، وآخرها المعركة المستمرة، والقابلة للتصاعد بشأن تعديل قانون التقاعد الذي مررتهُ الحكومة الفرنسية بمرسوم وفق المادة 49.3 الموروثة من عهد الجنرال ديغول، والتي تتيح للحكومة تجاوز موافقة البرلمان. وسبق لحكومة ماكرون أن لجأت لهذه الوسيلة غير الديمقراطية في مرات سابقة.

تسعة أصوات فقط، غابت، مساء الاثنين الفائت، في تصويت الجمعية الوطنية الفرنسية للإطاحة بالحكومة الفرنسية. قدم النائب اليميني الليبرالي تشارلز دي كورسون، وآخرون، مشروعاً عابراً للأحزاب، لحجب الثقة عن الحكومة، حصل المشروع على مجموع أصوات كتل تحالف اليسار الفرنسي، وكتلة حزب التجمع القومي اليميني المتطرف بالإجماع، بالإضافة إلى ثلث أصوات النواب الجمهوريين اليمينيين، على الرغم من أن قيادة الحزب دعت نوابها للتصويت لصالح ماكرون. استطاعت المعارضة على تنوعها أن تجمع 278 صوتًا، في حين كان المطلوب لإسقاط الحكومة 287 صوتاً.

المعركة مستمرة

على الرغم من قيام رئيسة الوزراء الفرنسية من تمرير القانون، إلا أن المعركة بين الأغلبية الفرنسية والحكومة لم تنتهِ بعد. جميع المؤشرات، تؤكد أنها دخلت طوراً جديداً أكثر شراسة. المعارضة اليسارية تريد الاستئناف أمام المجلس الدستوري، ما يعني أن القانون، لا يمكن أن يدخل حيز التنفيذ وفق السياقات الطبيعية.

ويريد التحالف اليساري إجبار الحكومة على إجراء استفتاء عام على القانون، مستنداً إلى رفضهِ من قبل أكثر من ثلثي الفرنسيين. ويحتاج إجراء الاستفتاء إلى دعم 4,7 مليون مواطن. كبداية، وقّعَ عبر الانترنيت 50 ألف مواطن. ومن بين أوائل الموقعين فابيان روسيل، السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي وزعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور، والكاتب المعروف إريك أورسينا.

وصمة عار

ودعماً لمقترح حجب الثقة، قال تشارلز دي كورسون في المناقشة البرلمانية: “نحن مقتنعون بأنّ إصلاح المعاشات التقاعدية ينتهك مبدأ الأمة في التضامن، وأنهُ غير عادل اجتماعياً”. والحيل الإجرائية وعرضها تحت ضغط الوقت، التي كان لا بد من التعامل معها دون نقاش شامل، وفي بعض الحالات حتى بدون تصويت، تمثل “وصمة عار على جبين الديمقراطية”، ولم تدخر الحكومة أي مناورة للالتفاف على الرقابة البرلمانية، وتشكيل الرأي والتصويت. لقد كانت تدرك أن الجمعية الوطنية، بصفتها الممثل المنتخب للشعب، ما كانت لتعطي مشروع هذا القانون الأغلبية اللازمة. ولهذا فضلوا استخدام المادة 49.3

سيظل ماكرون ورئيسة حكومتهِ التي أصبحت الآن ضعيفة سياسيًا، معتمدين على 61 صوتاً من اليمين المحافظ في البرلمان؛ لدعم مشاريع مستقبلية، مثل: تشديد قانون الهجرة أو إلغاء تأميم النظم الاجتماعية.

وفي مقابلة مع صحيفة ليبراسيون، الثلاثاء الفائت، تحدث غيل لوغيندر، زعيم كتلة ماكرون السابق في البرلمان، عن قانون تقاعد ضار، يسبب “تكاليف سياسية واجتماعية باهظة، ويوفر عوائد مالية متواضعة”.

الحكومة تتهم والاحتجاجات تتواصل

واتهمت رئيسة الوزراء بورن، المعارضة اليسارية بعرقلة النقاش حول القانون بآلاف التعديلات، وليس لديها الآن سبب للغضب. وبمجرد أن أصبح عدم الإطاحة بالحكومة معروفًا، تجمع مساء الاثنين الفائت، الآلاف من المواطنين بشكل عفوي في شوارع باريس، في مسيرات احتجاجية، وفعلوا ذلك يوم الجمعة، بعد خطاب رئيسة الوزراء في الجمعية الوطنية، وإعلانها اللجوء إلى المادة. 49.3، احترقت جبال من القمامة في شوارع باريس، أكثر من 12 ألف طن خلفها إضراب جمع النفايات على مدار الأسبوعين الماضيين. شبان غاضبون أقاموا حواجز في وسط العاصمة. وطالبوا بالاستقالة الفورية للرئيس “الخائن” وحكومته. وعلى هامش التظاهرات، اشتبك المتظاهرون مرةً أخرى مع الشرطة، وأضرمت النيران في صناديق القمامة والسيارات. وقامت الشرطة باعتقال أكثر من 200 متظاهر بشكلٍ مؤقت، وتم الإفراج عن جميعهم تقريبًا بعد ساعات. وأعلنت نقابة المحامين أن هذا دليل على تعسف الشرطة، الذين يحاولون ترهيب المتظاهرين العفويين فقط.

ونظمت تظاهرات مماثلة في ليون وستراسبورغ وليل وديجون وسانت إتيان، وتتواصل الإضرابات، لا سيما في قطاعي النقل والطاقة، حيث تم إغلاق مصافي التكرير، ولم يعد بالإمكان إيصال الإمداد بالعديد من محطات الوقود. وفي محطة دورج للغاز السائل بالقرب من نانت، والتي احتلها العُمّال، استخدمت الشرطة العنف لإجبار ناقلة على التفريغ. ودعت أكبر ثماني نقابات عُمّالية، وأهم خمس جمعيات شبابية في البلاد، إلى الإضراب التاسع، ويوم فعاليات اليوم الخميس ضد إصلاح نظام التقاعد.

عرض مقالات: