مع الكشف عن لائحة الاتهام الرسمية يوم أمس الأول الثلاثاء بدأت قضية محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تأخذ أبعادها القانونية بشكل جدي، والتي يمكن أن تتوج بمحاكمة جنائية.

ودفع ترامب ببراءته من 34 تهمة جنائية تتعلق بدوره في دفع أموال لممثلة أفلام إباحية عشية انتخابات عام 2016، حيث تمثل هذه الاتهامات أول تهم جنائية توجه إلى رئيس أميركي سابق.

ونفى ترامب ارتكاب أي مخالفات، معتبرا أن التحقيق الذي يجريه مكتب المدعي العام لمنطقة مانهاتن بولاية نيويورك الديمقراطي ألفين براغ ينطلق من دوافع سياسية، ويهدف لعرقلة ترشحه لانتخابات 2024.

وبعيدا عن السيناريوهات القضائية واللعب القانونية التي تتصف بها في العادة مثل هذه المرافعات، يبقى السؤال هل تسمح سلطة الرأسمال المهيمنة في الولايات المتحدة الامريكية بإدانة رئيس امريكي، حتى وان كان ترامب اليميني المتطرف والشعبوي، الذي تجاوز حدوده كثيرة.

توقيت المحاكمات قد يبدو جيدا لمعارضي الترامبوية، من اليمين الليبرالي إلى اليسار الجذري، ولكنه سيء بالنسبة لدولة لا تزال مصرة على زعامة العالم، على الرغم من تراجع هيمنتها، وتراكم المؤشرات لبلورة عالم متعدد الأقطاب، يتجاوز حتى ثنائية القطب التي عاشها العالم في عقود الحرب الباردة.

خطوات لاحقة

في مرحلة ما في الأشهر المقبلة سيتم تحديد موعد للمحاكمة، إذ قالت مساعدة المدعي العام للمقاطعة كاثرين ماكاو يوم أول من أمس إن المدعين العامين يعتزمون المطالبة ببدء المحاكمة في كانون الثاني 2024، أي قبل 10 أشهر من الانتخابات الرئاسية المقبلة، مشيرة إلى إمكانية أن تسبق المحاكمة جلسة استماع في الرابع من كانون الثاني المقبل. ودوافع التنافس الانتخابي واضحة في مثل هذا التوقيت.

ورغم ذلك، يمكن تأجيل مثل هذا التاريخ اعتمادا على وتيرة نشاط الادعاء العام وهيئة الدفاع وبقية الأطراف قبل المحاكمة، وقال محامون ومتخصصون قانونيون إن المحاكمة قد تؤجَل لمدة عام أو أكثر مما سيضعها في قلب موسم الحملات الانتخابية الرئاسية المقبلة.

كما يمكن لترامب، الذي هاجم بالفعل القاضي المشرف على القضية، تقديم مجموعة من الاقتراحات الأخرى أيضا، بما في ذلك طلب نقل القضية خارج مانهاتن، لا سيما أن ترامب اشتكى علنا من أنه من غير المرجح أن يعامل بشكل عادل في محكمة مانهاتن، واقترح نقل القضية إلى منطقة أخرى بمدينة نيويورك هي “ستاتين آيلاند”، التي تميل للجمهوريين أكثر من بقية مدن نيويورك.

لائحة الاتهام

في قائمة اتهامات من 13 صفحة تم تفصيل التهم الموجهة إلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من المدعي العام لمنطقة مانهاتن في 34 تهمة تندرج في “تزوير سجلات تجارية”، والسعي للتأثير في الحملة الرئاسية لعام 2016 من خلال دفع أموال سرية للتصدي لمزاعم جنسية يحتمل أن تكون ضارة بترامب، المرشح آنذاك.

وفي قائمة الاتهامات كتب المدعون العامون: “زور المدعى عليه دونالد ترامب سجلات أعمال شركاته في ولاية نيويورك بشكل متكرر واحتيالي لإخفاء السلوك الإجرامي الذي أخفى معلومات ضارة عن جمهور الناخبين خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2016، كما أنه انتهك مع آخرين قوانين الانتخابات وزور سجلات تجارية وأخطأ في وصف المدفوعات لأغراض ضريبية”.

وقانونيا يشكل تزوير السجلات التجارية مجرد جنحة، ولكن يمكن أن يصبح جناية إذا كان للتستر على جريمة أخرى.

التأثير على الانتخابات

وبحسب ممثلي الادعاء، فإن ترامب “دبر مخططا” مع آخرين للتأثير على انتخابات عام 2016، بدءا من اجتماع أغسطس/آب 2015، الذي عرض فيه صديق ترامب الرئيس التنفيذي لشركة أميركان ميديا آنذاك ديفيد بيكر أن يكون “عينيه وأذنيه” من خلال تنبيه محامي ترامب مايكل كوهين إلى أي قصص سلبية عن المرشح قبل نشرها.ويخضع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للتحقيق بسبب الضغط على المسؤولين في ولاية جورجيا الجنوبية لإلغاء فوز جو بايدن عام 2020، بما في ذلك مكالمة هاتفية مسجلة طلب فيها من وزير الخارجية “العثور” على أصوات كافية لعكس النتيجة”. وأشار المدعون العامون إلى 3 دفعات مالية تم دفعها نيابة عن ترامب، وهي 130 ألف دولار دفعها المحامي كوهين إلى نجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز، و150 ألف دولار دُفعت لعارضة مجلة بلاي بوي السابقة كارين ماكدوغال من قبل شركة أميركان ميديا، لادعائهما وجود علاقة جنسية قصيرة مع ترامب، هذا بالإضافة إلى 30 ألف دولار دفعتها شركة أميركان ميديا إلى دينو ساجودين، حارس مبنى برج ترامب السابق، الذي زعم أن ترامب أنجب طفلا خارج إطار الزواج.

في وقت لاحق، قام ترامب، الذي ينكر وقوع أي من العلاقات الجنسية المزعومة، بتعويض كوهين عن الدفع للسيدة دانيالز بزيادات شهرية مستترة في دفاتر من منظمة ترامب كنفقات قانونية، وفقا للمدعين العامين.

وقال محامو ترامب إن التوصل إلى اتفاق مع الإقرار بالذنب غير وارد، مشيرين إلى أنهم سيحاولون إسقاط التهم، وإذا فشلوا في ذلك، فسيتعين عليهم إعداد ترامب لمحاكمة يمكن أن تتكشف خلال ذروة الحملة الرئاسية لعام 2024.