اخر الاخبار

بعد تمرير قانون “إصلاح” التقاعد في المجلس الدستوري، سارع الرئيس الفرنسي ماكرون الى توقيع القانون في الساعة 3:28 صباحا، تم نشر القانون في الجريدة الرسمية. وسيدخل القانون حيز التنفيذ في الأول من أيلول المقبل.

جاء توقيع الرئيس على القانون سريعا واستفزازيا، ولم يأخذ الرئيس بنصيحة اتحادات نقابات العمال بالتريث، لان القانون يسمح للرئيس توقيع القوانين خلال 15 يوما من تاريخ تمريرها.

ردود فعل غاضبة

ردّ عدد من قادة اليسار بغضب على الرئيس. السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل، غرد على تويتر: “كاللصوص يسنون قانونا في منتصف الليل. انهم لصوص الحياة. في الأول من أيار 2023: الكل الى الشوارع”. من جانبها قالت السكرتيرة الوطنية لحزب الخضر مارين تونديلير: “أضاف ماكرون ازمة ديمقراطية الى الأزمتين البيئية والاجتماعية”. وغرد فرانسوا روفين النائب عن حركة فرنسا الأبية: “مثل اللصوص، أعلن إيمانويل ماكرون وعصابته قانون معاشاتهم التقاعدية في منتصف الليل. لأنهم يعرفون جيدًا: ما مارسوه للتو هو سرقة ديمقراطية”. ويستشهد أوليفييه فور من الحزب الاشتراكي بمثل مكسيكي: “أرادوا دفننا، لكنهم لم يعرفوا أننا بذور”. وتحدث عن “الازدراء” و”الاستفزاز”.

قادة الاتحادات النقابية تحدثوا أيضا عن الازدراء والاستفزاز. ودانت سكرتيرة اتحاد نقابات (سي جي تي) اليساري القرار، ووصفته بالمشين “اتخذ “في منتصف الليل خلف ظهور العمال باعتباره “علامة على ازدراء رئيس الجمهورية للشعب والنقابات”.

ورفضت النقابات دعوة ماكرون لزيارة الإليزيه الثلاثاء المقبل. وجاء في البيان، أن “النقابات جعلت التراجع عن الإصلاح شرطا مسبقا لأي اجتماع آخر مع الرئيس وحكومته. إنهم يقفون معا ويدعون إلى جعل عيد العمال لحظة تاريخية للتعبئة. وتطالب الاتحادات النقابية بمواصلة التعبئة السلمية بكل أشكالها، يومي 20 و28 نيسان، مع التأكيد على عائدية المناطق والمهن.

وتعليقًا على قرار المجلس الدستوري، قال الحزب الشيوعي الفرنسي: “إن التصديق على القانون يعني تجاهل احتجاج دولة بأكملها على تشريع يهدد بتدهور الظروف المعيشية للغالبية العظمى من الذين يكسبون عيشهم من عملهم فقط. إن إقرار القانون من قبل المجلس الدستوري لا يمنحه شرعية شعبية، ولن نتراجع وسنظهر ذلك بالمشاركة بكثافة في الاجتماعات التي دعت إليها النقابات”.

يذكر ان قرار المجلس الدستوري تضمن كذلك رفضا لطلب إجراء استفتاء شعبي عام.

استمرار الاحتجاجات

رافقت جلسة المجلس الدستوري، التي نُقل الأعضاء اليها بطائرة مروحية، وأغلقت الشرطة المبنى، الذي تحول الى ما يشبه ثكنة عسكرية، أكثر من 130 تظاهرة في جميع أنحاء فرنسا. ولدى إعلان القرار انفجرت ساحات الاحتجاجات، وشهدت ساعات من القمع وصدامات مع الشرطة. وبعد إصدار القانون، استمرت الاحتجاجات في المساء في عدد من المدن، على شكل مجموعات من الشبيبة الغاضبة، هذا الشكل من التظاهر العفوي، انتشرت بسرعة عبر شوارع مراكز المدن، وتم بناء الحواجز، وإشعال النار في القمامة، وتوجهت مجاميع من الشبيبة الى مراكز الشرطة. وذكرت الشبيبة ماكرون بمصير لويس السادس عشر: “الذي قطعنا رأسه / ماكرون، يمكننا أن نفعل ذلك مرة أخرى”.

تصاعد معدلات الرفض

قبل استفزاز الرئيس للرافضين، كان 66 في المائة يؤيدون استمرار النقابات بالتعبئة، ووفق أحدث الاستطلاعات أصبحت النسبة 71 في المائة.

ان تحدي ماكرون وحكومته لأكثرية السكان، جعلته، بعيون الأكثرية، متعجرف وغير ديمقراطي. وأضعف سلوكه، بشكل كبير قيادة الدولة. ويمكن أن يكون ما تم فرضه، انتصارا قانونيا باهظ الثمن، لكنه افتقد الشرعية السياسية. ولذا، فإن ماكرون في عجلة من أمره لاحتواء غضب الأكثرية. وفي هذه الأثناء سيلجأ الى محاولة إعادة فتح الحوار مع الرأي العام الرافض له، عبر خطب متلفزة، او حزمة من المقترحات، لكنه يفتقر بشكل متزايد إلى حلفاء في البرلمان. لقد انشق 4 نواب من كتلته البرلمانية، وأسسوا حزبا جديدا “القواسم المشتركة” ينتقد إصلاح نظام التقاعد.

وبدأت تتشكل مبادرات أخرى في شبكات التواصل الاجتماعي، وفي الاجتماعات. وتنظم الدردشات الجماعية لدعم عمليات جمع القمامة في باريس: يتحد الطلاب مع النقابيين لمنع التجاوزات في بريتانيا. ويعد طلاب المدارس الثانوية بإغلاق المدارس بشكل متكرر. وهناك من يدعو إلى عرقلة تنظيم الألعاب الأولمبية التي ستستضيفها باريس في صيف 2024: “بدون تراجع عن إصلاح التقاعد، لا ألعاب أولمبية”. هذا الشعار بدأ يظهر على أسوار المدينة وفي شبكات التواصل الاجتماعي.

معركة الاستفتاء

قدم تحالف اليسار في الجمعية الوطنية الخميس، طلبا رسميا لإجراء الاستفتاء، والمسودة الجديدة لديها فرصة أفضل في القبول. لقد تم رفض الطلب الأول من قبل المجلس الدستوري لأنه طرح في 20 اذار، بعد استخدام الحكومة المادة 49.3 لتمرير الإصلاح، أي قبل إقرار القانون، وبالتالي فان المطالبة بالاستفتاء كانت على قانون لم يكن موجودا بعد. إذا تم قبول الطلب الثاني لإجراء استفتاء، فسيكون الطريق طويلًا وشاقًا: يجب جمع 4.8 مليون توقيع (10في المائة من الناخبين) وإذا راجع البرلمان القانون في غضون ستة أشهر، فسيتم عمليا تخطي الاستفتاء. وكان الحزب الشيوعي قد دعا لتشكيل لجان محلية للاستفتاء في مواقع السكن والعمل، وقال الحزب: “دعونا نواصل النضال معا من أجل أبسط حقوقنا، من أجل جمهورية ديمقراطية واجتماعية”.

عرض مقالات: