أدت النتيجة الكارثية للانتخابات المحلية والإقليمية الإسبانية في 28 أيار، والقرار اللاحق لرئيس الوزراء بيدرو سانشيز، بحل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة في 23 تموز، بدلا من موعدها الاعتيادي في كانون الأول المقبل، إلى وضع قوى اليسار الاسباني تحت ضغط استثنائي.  كان من المقرر إجراء حوارات بين جميع القوى على يسار الحزب الاشتراكي الحاكم خلال الصيف المقبل، وإجراء انتخابات تمهيدية داخلية في أيلول المقبل، لردم الهوة بين تحالف “سومار” الذي أطلقته وزيرة العمل ونائبة رئيس الوزراء الاسباني الشيوعية يولندا دياز، كمظلة جامعة لليسار، وحزب بودوموس اليساري، الذي كان حتى الامس القريب قوة اليسار الإسباني الأولى.

لقد بات واضحا ضرورة التوصل إلى قائمة اليسار المشتركة لمنع حزب الشعب المحافظ وحزب اليمين المتطرف فوكس من الحصول على الأغلبية المطلقة، والعودة للسلطة ثانية، وبالتالي بدء حقبة من تراجع الحقوق الاجتماعية والمدنية، فقط بقائمة يسارية موحدة يمكن حشد أصوات الناخبين اليساريين من أجل تشكيل حكومة ائتلافية تقدمية جديدة، بالتعاون مع الحزب الاشتراكي.

قائمة مشتركة

في 9 حزيران، وقبل 24 ساعة فقط من انتهاء مهلة تسجيل التحالفات الانتخابية، وبعد أيام قليلة من التوتر الشديد، تراجع حزب بودوموس عن تحفظاته، وأعلنت السكرتيرة العامة لبودوموس ووزيرة الشؤون الاجتماعية، إيون بيلارا: “اليوم، وقعنا على التحالف، وسنخوض الانتخابات مع سومار”، وشكرت أعضاء الحزب الذين شاركوا في المشاورات عبر الإنترنت، والذين دعموا التحالف مع سومار بنسبة 93 في المائة. وكانت قواعد حزب بودوموس قد دعت قيادتها إلى الدخول بقائمة مشتركة، للشعور بالمسؤولية في وقف تقدم اليمين وتجاوز الهزيمة. لقد خسر بودوموس في انتخابات أيار مواقعه في خمس من حكومات المناطق الست التي كان مشاركا، وأصبح خارج مجالس مدينتي مدريد وفالنسيا.

إن توقيع الاتفاق لا يعني انعدام الخلافات الشخصية والسياسية.  لقد اضطر بودوموس إلى قبول خلو قوائم التحالف من اسم إيرين مونتيرو، القيادية في بودوموس ووزيرة المساواة، على الرغم من نجاحها في تنفيذ سياسة نسوية جيدة.  لقد حملت إيرين مونتيرو مسؤولية القانون الفاشل “نعم فقط نعم”، المعني بمعاقبة جرائم الاغتصاب، والذي اعتبره بعض المتابعين  أحد أسباب هزيمة اليسار في الانتخابات المحلية.

بانضمام بودوموس أصبح تحالف سومار يضم 16 حزبا، أهمها إلى جانب بودوموس اليسار الإسباني المتحد الذي يشكل الحزب الشيوعي الإسباني قوته الأساسية، حزب الخضر، مبادرة الشعب الاندلسي، وكذلك العديد من التنظيمات والقوائم اليسارية في بعض المناطق والمدن مثل مدريد، برشلونة، إقليم الباسك، وكتالونيا.

وجاء في بيان لسومار بعد إعلان التحالف: “هذا الاتفاق الأوسع والأكثر تعددية بين القوى التقدمية والخضراء منذ عودة الديمقراطية في إسبانيا. تعددية سومار هي تعددية البلاد ونريد أن نجعلها علامة على هوية هذا التحالف الانتخابي، باعتباره البديل للمواطنين التقدميين واستعادة الأمل”.

وعلقت يولندا دياز على الاتفاق: “ما أريد قوله هو أن إسبانيا أرادت اتفاقا كبيرا وقد توصلنا اليه، أريد أن أشكر جميع التشكيلات. تتوقع إسبانيا منا التحدث عن مشاكلها، لكنها لا تريدنا أن نتحدث فقط، إنها تريد الحلول. من الآن فصاعدا سنفعل ما يتعين علينا القيام به. لدينا حلول لبلدنا. لدينا برنامج”.

قوائم المرشحين

كانت إحدى تفاصيل المفاوضات التوزيع الدقيق لتسلسل المرشحين في كل محافظة، وسيتم مراعاة المقاعد التي تم الفوز بها في عام 2019.

ستتصدر يولندا دياز قائمة مدريد، في حين تحتل السكرتيرة العامة لحزب بودوموس الموقع الخامس في قائمة العاصمة. وسيكون لبودوموس 15 مقعدا، تمتلك منها 9 فرصة الوصول للبرلمان. وسيكون لليسار المتحد 17 مقعدا. ومنحت القوائم المحلية، المواقع الأولى في بعض المناطق. ويمكن ان يتغير عدد المقاعد وتسلسلها في القوائم خلال مناقشة التفاصيل في لجان التحالف.

اليسار المتحد القوة المحلية الأهم في التحالف

وصف إنريكي سانتياغو، السكرتير العام للحزب الشيوعي الإسباني والمتحدث البرلماني باسم اليسار المتحد، الاتفاقية بأنها “أنباء عظيمة” لأنه “لم يكن هناك تحالف من 15 قوة يسارية بيئية وتقدمية في تاريخ بلادنا الحديث، والتي لديها الإرادة لبناء مشروع سياسي” و”وقف زحف الموجة الرجعية “. و “نحن الآن بحاجة إلى برنامج يصل إلى المجتمع، ويحشد الأمل ويلهمه”. وإن الحزب الشيوعي يدرك مسؤوليته التاريخية وسيعمل من أجل وحدة واسعة. وأضاف “نحن في الحزب الشيوعي نضع دوما ما يوحدنا قبل ما يفرقنا، وندرك مسؤوليتنا التاريخية في تشكيل أكبر وحدة ممكنة. بهذه الروح، سنتصدى لتحديات الأيام القادمة”.

وقالت سيرا ريغو المتحدثة باسم اليسار المتحد، وعضوة البرلمان الأوربي: “نحن مقتنعون بأنه بدون سومار لن يكون من الممكن إعادة تشكيل حكومة ائتلافية تقدمية. لذلك، فإن الاتفاقية هي خبر جيدة”. واشارت إلى أنه في حين لم يكن يوم 28 ايار إيجابيا بشكل عام لليسار، حصل اليسار المتحد على قرابة 1700 مقعد في مجالس المدن والبلديات، وبالتالي هو القوة المحلية الأهم في سومار. وبشأن القوائم اكدت ان اليسار المتحد يجري انتخابات داخلية لاختيار مرشحيه الملائمين لقوائم سومار وعبرت عن احترامها لخيارات القوى الاخرى.

عرض مقالات: