اخر الاخبار

شهد الأسبوع الثاني من آذار الحالي مفاوضات بين الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية في جنيف، بشأن تعليق العمل بحق براءة اختراع اللقاح خلال فترة تفشي وباء كورونا من أجل توفير اللقاح للجميع وبأسرع وقت ممكن. والشيء نفسه ينطبق على إبرام عقود التوريد مع شركات الأدوية التي تصنع اللقاحات، اذ لا يمكن للهند وجنوب إفريقيا وقرابة 100 دولة أخرى، فرض التعليق الضروري للعمل بحق الملكية على أكبر شركات الأدوية متعددة الجنسيات.

وربما يتعين على معظم سكان البلدان الفقيرة الانتظار للحصول على اللقاح حتى عام 2023. لقد حصلت البلدان الغنية، حيث يعيش 16 في المائة فقط من سكان العالم، على 70 في المائة من كميات اللقاحات المتاحة بعقود حصرية. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تم إعطاء ثلاثة أرباع اللقاحات لعشرة بلدان فقط. وأشار رئيس الاتحاد الأفريقي، رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، إلى “المفارقة المؤلمة” المتمثلة في أن إفريقيا تكافح الآن من أجل الحصول على اللقاح، على الرغم من أن التجارب السريرية تُجرى في بلدانها.

النقص في اللقاحات كبير لدرجة أن هناك حاجة ملحة لمزيد من اللقاحات المرشحة، ونقل التكنولوجيا، وزيادة الإنتاج، وخفض الأسعار، وفرص التمويل، وفي كثير من الحالات، تبرع البلدان الغنية للبلدان الفقيرة. وتوفير اللقاح بتكلفة معقولة لجميع البلدان، ولا سيما أفقرها، كخطوة أساسية.

والغريب أن حكومات الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، التي تدعي حماية حقوق الإنسان في العالم، فإن مواقفها تؤدي الى تأجيل وصول اللقاح إلى أربعة أخماس البشرية.  ولهذا توقفت المحادثات بشأن تعليق العمل بقوانين حماية براءات اختراع اللقاحات والأدوية المضادة للوباء. وقال متحدث باسم منظمة التجارة العالمية في جنيف إن الدول الفقيرة والغنية عرضت مواقفها المختلفة في اللجنة المختصة بالمنظمة واتفقت على إجراء مزيد من المحادثات في منتصف نيسان المقبل.

حقوق الملكية وسيلة لتحقيق الأرباح

إن المعايير العالمية لحماية الملكية الفكرية، أو ما يسمى باتفاقية “تريبس”، التي أقرتها الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية في التسعينيات، جاءت أيضًا نتيجة لضغط شركات الأدوية فوق الوطنية. ومنذ ذلك الحين، يتمتع مطورو الأدوية أو اللقاحات بحقوق واسعة النطاق، وحماية حصرية لمدة تصل إلى 20 عامًا.

في زمن الوباء، الذي يكلف الكثير من الأرواح، يدعو العديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان واليونسكو ومنظمة الصحة العالمية، إلى إتاحة الوصول إلى البيانات والمعلومات. وتطالب غالبية الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية بتعليق مؤقت لحماية حقوق الملكية حتى يمكن إنتاج أكبر وأرخص كمية ممكنة من اللقاحات. وتدعم مئات من المنظمات غير الحكومية في جميع أنحاء العالم هذه المطالبة، لكن شركات الأدوية لا تريد الإفراج عن براءات الاختراع الخاصة بها وتحظى بدعم حكوماتها.

ولتبرير هذا الدعم قالت المتحدثة لشؤون التجارة في المفوضية الأوروبية، ميريام غارسيا فيرير، عقب اجتماع منظمة التجارة العالمية، إن الاتحاد الأوروبي يعتقد أن مشكلة الحصول على اللقاحات لن تحل بتعليق حق براءات الاختراع. والمشكلة هي أن الطاقة الإنتاجية غير كافية لإنتاج الكميات المطلوبة”.

توفير الطاقة الإنتاجية

إن التوسع في القدرات الإنتاجية مرتبط بتعليق حقوق الملكية. وكما تقول المديرة العامة الجديدة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيويالا، لن يستغرق الأمر سوى ستة إلى سبعة أشهر لتحويل وتحديث المصانع القديمة حتى يصبح إنتاج اللقاحات الجديدة ممكنًا.

تسمى الهند صيدلية العالم، لامتلاكها بنى تحتية هائلة للإنتاج يمكن تفعيلها بسرعة. وتعد الهند من حيث الكميات المنتجة ثالث أكبر مصنع للأدوية في العالم، وتحتل التسلسل 14 من حيث نوعية الأدوية. وكانت الهند في طليعة إنتاج الأدوية الخاصة بمكافحة فيروس الإيدز، السرطان، السل، وأمراض أخرى.  وإن المنتجات مناسبة التكلفة، التي توفرها تمثل بصيص أمل حقيقي، بالنسبة لملايين الناس في جنوب الكرة الأرضية في تخفيف معاناتهم. ويحتل إنتاج اللقاح جزءًا أساسيًا في الهيكل العام لإنتاج الأدوية في الهند، حيث يتم إنتاج 60 بالمائة من لقاحات العالم في الهند.

رسالة مفتوحة

أكثر من 200 منظمة من بلدان جنوب العالم وجهت رسالة مفتوحة للاتحاد الأوروبي، تدعو فيها إلى تعليق العمل بحقوق الملكية الخاصة بإنتاج لقاحات كورونا. تقول الرسالة، ضمن أمور أخرى: “ان وباء كورونا أكبر من مجرد أزمة صحية؛ إنها أزمة اقتصادية وأزمة إنسانية وأزمة لحقوق الإنسان تتطلب التعاطف والتضامن العالمي. وهناك حاجة ملحة للعمل بطرق غير مسبوقة للتصدي لها، إذا أردنا التغلب على هذا الوباء، فنحن بحاجة إلى مصنِّعين يشاركون في إنتاج اللقاحات في كل قارة، بما في ذلك البلدان النامية، وحيثما كان ذلك ممكنا.

ونحث ألمانيا للعمل على ضمان دعم المفوضية الأوروبية غير المشروط لاقتراح التنازل عن بعض التزامات اتفاقية “تريبس” لصالح مواجهة ومعالجة واحتواء الوباء والتوقف فورا عن عرقلة اعتماد الاقتراح”.

عرض مقالات: