إن تسمية الأسابيع الثلاثة الأولى من عمر حكومة تحالف اليمين واليمين المتطرف في فلندا بـ “بداية خاطئة” سيكون بمثابة مجاملة لها، فعلى الرغم من تعليق العمل الحكومي خلال العطلة الصيفية، فإن الفضائح هي الشغل الشاغل للتحالف الحاكم المؤلف من أربعة أحزاب، والتي هددته بالانهيار عدة مرات.

استغرقت مفاوضات التحالف الحاكم من رئيس الوزراء أوربو وحزبه الائتلاف الوطني المحافظ قرابة ثمانية أسابيع لوضع برنامج حكومي مشترك مع حزب “الفنلنديون” اليمني المتطرف وحزب الشعب السويدي والديمقراطيون المسيحيون.  وفي اليوم الذي أدى فيه مجلس الوزراء اليمين الدستوري، اندلعت التظاهرات الأولى ضد سياسات الليبرالية لجديدة والتخفيضات الهائلة في الموازنة، للحكومة الأكثر يمينية في التاريخ الفنلندي المعاصر.

تسبب ترشيح فيلهلم جونيلا من “حزب الفنلنديون” وزير للاقتصاد في فضيحة حظيت باهتمام دولي أيضاً. والمعروف عن الوزير النازي، انه يحمل شهادة غير معترف بها، وكان يطلق النكات بشأن معسكرات الاعتقال النازي. واحتفل بتسلسل ترشيحه برقم 88، الذي يمثل ترميز للتحية النازية “هايل هتلر، كون الحرف H يحتل التسلسل الثامن في الابجدية. وتحدث الوزير في تظاهرة سابقة للنازيين الجدد.  البرلمان الفنلندي منح الوزير الثقة بأغلبية ضئيلة، لكن حزب ا الشعب السويدي الليبرالي المشارك في التحالف الحاكم صوت ضده. بعد الكشف عن مزيد من المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي، والتغطية الصحفية العالمية واستخدام الرئيس الفنلندي سولي نينيستو صلاحياته الدستورية، قدم جونيلا استقالته أخيرًا. كانت فترة العشرة أيام هي الأقصر لوزير في تاريخ فنلندا.

في الأسبوع الفائت، اختار “حزب الفنلنديون” بديلا له، لكن الاختيار مثل إهانة للشريك الأكبر في التحالف الحاكم. لقد غادر وزير الاقتصاد البديل حزب التحالف الوطني المحافظ، لينظم إلى اليمين الشعبوي. وفي السابق، كانت هناك اتهامات عديدة ضد ريدمان، منها ما تضمنه تحقيق استقصائي نشرته جريدة “هلسنكن ساتومات”. وفقًا للتحقيق حاول الوزير البديل التحرش بمجموعة من الشابات، وحاول السيطرة عليهن بواسطة الكحول. وعلى الرغم من القضاء لم يأخذ بالأدلة في كانون الأول الفائت، إلا أن مسلسل الاتهامات لا يزال مفتوحا. وقال رئيس الوزراء أوربو في مؤتمر صحفي عقده خصيصا لهذا الغرض: “من وجهة نظر الحزب، ما كان يجب أن يكون ريدمان مرشحا أو وزيرا”. والآن هو وزير عن اليمين المتطرف، الذين وصفهم رئيس الوزراء بالقوميين. ويبدو أن الحزب الحاكم يواجه صعوبات في جعل شريكه في التحالف الحاكم تحت السيطرة.  من جانب آخر تصدرت وزيرة الداخلية من “حزب الفنلنديون” أيضا عناوين صحف دولية سلبية، لقد قالت الوزيرة النازية: “ من غير الجائز أن نكون ساذجين، وقريبا سوف لن نكون كذلك”. بالإضافة إلى ذلك يتم الكشف عن المزيد من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يحتدم نقاش حاد الاستقطاب، تبنت فيه وزيرة الداخلية مواقف يمينية متطرفة وقحة. وسبق للوزيرة في السابق أن شاركت في رواية المؤامرة حول “إعادة التوطين”، وهي خطة كبيرة مزعومة من قبل “النخب العالمية” لإحلال وافدين من إفريقيا أو الشرق الأوسط، محل   السكان الأوروبيين البيض. وفي الأيام قليلة الماضية، قامت رانتانين وغيرها من السياسيين من “حزب الفنلنديون” بحذف أعداد كبيرة من التغريدات والمنشورات القديمة على فيسبوك.

والتعامل مع التقارير النقدية يتحدث عن نفسه هو الآخر. بعد أن تحدثت إحدى الصحفيات عن الخلفية اليمينية المتطرفة لوزراء “ حزب الفنلنديين”، تعرضت لهجمات من الجيوش الالكترونية. نشر نواب “حزب الفنلنديون” تفاصيل حياة الصحفية لخاصة على موقع تويتر. وبعد أن تلقت بتهديدات بالاغتصاب، أصدرت جمعية الصحفيين الفنلنديين بيانًا ذكّرت فيه بحرية الصحافة. منذ ثلاثة أسابيع تعم الفوضى السياسية والاستقطاب الحاد فنلندا. وفقًا لاستطلاع رأي اجراه اتحاد الصحفيين، يعتقد 28 بالمائة فقط أن حكومة أوربو سوف لن تستمر لمدة أربع سنوات كاملة.

في الأيام المقبلة، سيزور الرئيس الأمريكي جو بايدن فنلندا، التي انضمت إلى الناتو في نيسان الفائت.   كما سيحضر رؤساء حكومات دول الشمال الأخرى. الرئيس الفنلندي سولي نينيستو لم يهتم  حتى الآن بمشاركة رئيس الوزراء المتعثر أوربو في هذه اللقاءات.

عرض مقالات: