عندما تغلق صناديق الاقتراع مساء اليوم الاحد 23 تموز.  سيكون معروفا أي من المعسكرين قد حسم الصراع في الانتخابات العامة المبكرة لصالحه: معسكر اليمين بشقيه المحافظ والمتطرف، ام معسكر تحالف يسار الوسط الحاكم والمكون من حزب العمال الاشتراكي بزعامة رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز المتحالف مع قوى اليسار الاسباني، التي وحدت قواها على عجالة في تحالف سومار بزعامة نائبة رئيس الوزراء ووزيرة العمل الشيوعية يولندا دياز. ان نتيجة الانتخابات النهائية ستحدد إمكانية استمرار واحدة من أكثر الحكومات تقدمًا حاليًا في أوروبا. بعد ان استطاعت في دورتها الأولى تحسين ظروف عمل وحياة العاملين، لا سيما في قطاع الخدمات غير المستقر، وزيادة توسيع الطاقات المتجددة وتعزيز المساواة بين الجنسين.  والأهم من هذا وذاك ستعكس نتائج الانتخابات إمكانية إيقاف صعود اليمين المتطرف في إسبانيا، ممثلا بحزب فوكس الفاشي الجديد.

خسارة الانتخابات المحلية

في الانتخابات المحلية التي جرت في نيسان الفائت، والتي دفعت رئيس الوزراء الديمقراطي الاجتماعي بيدرو سانشيز إلى الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة، فاز الحزب الشعب اليميني المحافظ بأكبر ست إدارات ذاتية (ولايات) في إسبانيا، وحصل حزب فوكس اليميني المتطرف على مقاعد في جميع البرلمانات الإقليمية باستثناء غاليسيا. وفي بعض المناطق مثل فالنسيا استطاع تحالف اليمين المحافظ والمتطرف من تشكيل الحكومة المحلية.  ويخشى ان يتكرر نموذج الحكومة على الصعيد الوطني في حال تحقيق أحزاب اليمين اغلبية برلمانية، حيث ستشهد إسبانيا، في هذه الحالة، بعد إيطاليا واليونان، وصول الفاشيين الجدد إلى الحكم لأول مرة، منذ عودة الديمقراطية للبلاد في عام 1975. وبالتأكيد فان تأثيرات حدث كهذا ستتجاوز حدود إسبانيا، وستزيد من صعوبات اليسار ألأوربي الذي يستعد لخوض انتخابات البرلمان الأوربي في العام المقبل.

وحدة قوى اليسار

جاء اعلان رئيس الوزراء بالذهاب إلى انتخابات مبكرة، ليشكل مفاجأة غير محسوبة من قبل قوى اليسار الاسباني، الذي كان يعيش لحظة انتقالية، ويسعى لتجاوز خلافاته البادية للعيان بعد الخسائر التي مني بها في الانتخابات المحلية. وكان من غير المرجح أن يتمكن جناحاه الرئيسان: حزب بودوموس اليساري، الذي شكل منذ عام 2015 قوة اليسار الانتخابية الأولى، وتحالف سومار اليساري قيد التشكيل حينها بزعامة يولندا دياز، والمدعوم من اليسار المتحد والحزب الشيوعي الاسباني، من الاتفاق على استراتيجية مشتركة للانتخابات الجديدة المبكرة. لم يرغب بوديموس في البداية في الانضمام إلى مشروع سومار الذي كان يعمل على خطة من عدة مراحل لخوض الانتخابات العامة في موعدها الأصلي في كانون الأول من العام الحالي. وكانت حوارات صعبة تجري بين أطراف اليسار لتجميع القوى تحت مظلة سومار واجراء انتخابات داخلية لتحديد المرشحين والبرنامج الانتخابي وجميع التفاصيل الأخرى. وعندما حدثت المفاجأة توقع اغلب المتابعين انها ستدفع اليسار المختلف إلى التوحد، وان على عجالة، وقد كان. لقد أنظم في النهاية، بودوموس إلى سومار الذي جمع تحت مظلته 25 حزبا ومنظمة يسارية وطنية وإقليمية في عموم إسبانيا.

استطلاعات الرأي

وفق آخر استطلاعات للرأي سيحصل تحالف سومار اليساري على 13 – 14 في المائة، اي على قدم المساواة تقريبا مع حزب اليمين المتطرف فوكس. ويبقى أن نرى ما إذا كان سومار سينجح في تأمين المركز الثالث في الانتخابات وما إذا كان سيكون ذلك كافياً لمواصلة التحالف مع حزب العمال الاشتراكي. وهناك مخاوف من ذهاب حزب العمال الاشتراكي إلى سيناريو «تحالف الكبار» مع حزب الشعب اليميني المحافظ، لكن هذا السيناريو يتعارض مع الهدف المعلن لرئيس الوزراء في السعي لاستمرار التحالف مع قوى اليسار، ولان الكثير على المحك، فقد دعت اتحادات نقابات العمال الاسبانية الكبيرة إلى انتخاب أحزاب التحالف الحاكم (حزب العمال الاشتراكي وقوى اليسار).

لحد الآن استطاعت يولندا دياز وتحالفها اليساري تحقيق: التوصل إلى وحدة معينة بين قوى اليسار، حتى وان كان متوقعا عودة الصراعات مع بوديموس مرة أخرى بعد الانتخابات، وهو امر يعتمد على القدرة في إدارة التحالف التي تشكل دوما بالنسبة لليسار، ليس في إسبانيا وحدها، صعوبة دائمة.

مخاوف وآمال

على صعيد التوجهات، يرى بعض خبراء اليسار في اوربا، خطر انتقال سومار إلى سياسات وسطية جدا، تحت ضغط رغبة المشاركة في الحكومة، وقطع الطريق على وصول اليمين المتطرف للسلطة. بالإضافة إلى احتمال خسارة الانتخابات الوارد أيضا.  ومع ذلك، يرى الكثير من اليساريين أن هناك حاجة ماسة لإعادة تأسيس اليسار في إسبانيا، مستفيدا من الامكانية التي حققها سومار في الوصول إلى إطار عمل مشترك، على غرار تحالف قوى اليسار الفرنسي الرئيسية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. إنه نموذج لن تتمكن احزاب اليسار في أوروبا تجاهله على المدى البعيد. ولهذا سيكون الأداء الجيد لتحالف سومار أكثر من مطلوب بالنسبة لأحزاب اليسار الأوروبية، لوقف عجلة التراجع التي يعاني منها يسار اوربا في السنوات الأخيرة.

عرض مقالات: