اخر الاخبار

قبل فترة قصيرة من حلول الذكرى الخمسين للانقلاب الفاشي على حكومة اليسار المنتخبة ديمقراطيا بزعامة سلفادور أليندي، طالب سفير تشيلي لدى الولايات المتحدة، خوان غابرييل فالديس، حكومة الرئيس جو بايدن، بنشر وثائق جديدة، من شأنها أن تجيب على الأسئلة بشأن تورط البيت الأبيض في تنفيذ الانقلاب الدموي في 11 أيلول 1973.

وقال السفير في مقابلة مع وكالة الانباء الاسبانية «ما زلنا لا نعرف طبيعة الملفات التي كانت الموضوعة على مكتب الرئيس ريتشارد نيكسون صبيحة الانقلاب العسكري وكيف تم ابلاغه به».

وطالب السفير، الذي كان وزيرا للخارجية أيضا، رسميا من حكومة الرئيس بايدن الافراج عن الوثائق التي تعود إلى عامي 1973 و1974، والمتعلقة بما دار في المكتب البيضاوي قبل وبعد الانقلاب. وأكد الدبلوماسي أن «هناك تفاصيل تهمنا. إنها مهمة لإعادة تشكيل تاريخنا». وان على الإدارة الأمريكية الحالية الاستجابة للطلب، كما فعلت الإدارات الأخرى التي سبقتها، كإدارة باراك أوباما.

وكان أوباما كان قد أمر برفع السرية عن وثائق وكالة المخابرات المركزية بشأن الانقلاب في تشيلي. وشمل ذلك أيضًا المئات من خلاصات المخابرات المركزية اليومية المقدمة للرئيس. ومع ذلك، فقد خضع الجزء المتعلق منها بالانقلاب لرقابة كاملة، ومنها صفحة كاملة عن تشيلي قُدمت إلى نيكسون في 8 ايلول 1973، أي قبل الانقلاب بثلاثة أيام.

بعد مرور وقت قصير على نجاح الانقلاب الفاشي، تبادل نيكسون وكيسنجر التهاني. وقال كيسنجر: «في أيام أيزنهاور، كان من الممكن أن نُعامل كأبطال».

نص هذا الحوار، الذي ظل سراً لعقود من الزمن، هو واحد من أكثر من 25 ألف وثيقة أمريكية عن تشيلي تم توفيرها بفضل عمل المؤرخ الأمريكي بيتر كورنبلوه، الذي يُعتبر عالميا، أحد الخبراء في العلاقات الأمريكية التشيلية ويعمل في معهد جامعة واشنطن «أرشيف الأمن القومي»، والمتخصص في البحث عن الوثائق السرية السابقة في الأرشيفات الأمريكية الخاصة.

لقد تم تسليم الوثائق المذكورة إلى «متحف الذاكرة وحقوق الإنسان» في العاصمة التشيلية سانتياغو في عام 2010. ووفقًا لكورنبلوه، فقد بينت الوثائق بوضوح أن وزير الخارجية الأمريكي آنذاك هنري كيسنجر، قد طور خطط واشنطن ضد حكومة أليندي. وكان كيسنجر مسؤولاً أيضًا عن ضمان تقديم الولايات المتحدة مساعدات اقتصادية وعسكرية لحكومة الانقلاب الدكتاتورية الفاشية (1973 – 1990).

لا يوجد دليل، حتى الآن، على تورط نيكسون المباشر في الانقلاب الفاشي. ولكن آلاف الوثائق التي رفعت عنها السرية، تبين العداء العميق، الذي كنه نيكسون ويده اليمنى كيسنجر تجاه أليندي، حتى قبل توليه منصبه. وهناك أيضًا أدلة على أن وكالة المخابرات المركزية دعمت ومولت الجماعات الفاشية لزعزعة استقرار حكومة أليندي.

و لا يزال هناك العديد من الأسئلة دون إجابة. وبعض الوثائق المنشورة والمعروضة في «متحف الذاكرة» تنقصها أجزاء، والبعض الآخر يظهر مضللا بالسواد بشكل مقصود. وقال فالديس عن الأجزاء الخاضعة للرقابة من وثائق 11 أيلول 1973: «نريد أن نكون قادرين على رؤيتها وقراءتها، لنعرف بالضبط عما كان يدور في أذهان حكام الولايات المتحدة في ذلك الوقت».

فالديس لا يطلب اعتذارًا من واشنطن، بل يسعى لاعتراف أكبر بدورها، ولهذا يشدد على: «يجب على الولايات المتحدة أن تعلن بأكبر قدر ممكن من الوضوح أنها مسؤولة عن إضعاف الديمقراطية التشيلية حتى قبل أليندي».

لقد كان معروفا ان التدخل في تشيلي في عهد نيكسون - كيسنجر «مخططًا له جيدًا وهدف بوضوح إلى منع انتخاب سلفادور أليندي رئيسًا للجمهورية». وتبين الوثائق المتوفرة حتى الآن كيف أن الولايات المتحدة «عززت المعارضة ودعمت الحركة اليمينية ضد أليندي»، على سبيل المثال لا الحصر، عبر تمويل الإضرابات وأعمال التخريب.

عانى فالديس من رعب الديكتاتورية التشيلية مباشرة، عندما كان يعمل في المنفى مع وزير أليندي السابق أورلاندو ليتيلير، الذي قُتل هو ومساعده روني كاربين موفيت على يد مجموعة من المخابرات التشيلية في واشنطن بواسطة سيارة مفخخة في 21 ايلول 1976.

وبعد أربعين عامًا عاد فالديس إلى واشنطن كسفير في حكومة الرئيسة السابقة ميشيل باتشيليت. ونجح في إقناع الولايات المتحدة بالإفراج عن الوثائق الخاصة بالتفجير وعلاقة واشنطن بالديكتاتورية.

وتضمنت الوثائق المفرج عنها، التي تم تسليمها بعد ذلك إلى تشيلي، نسخة من محادثة بين بينوشيه ورئيس وكالة الاستخبارات الداخلية دينا، مانويل كونتريراس، حول اغتيال ليتيلير المخطط له.

عرض مقالات: