تحل هذه الأيام الذكرى الخامسة لإندلاع إنتفاضة تشرين الباسلة، التي لعبت فيها المرأة العراقية، دوراً متميزاً لإنتزاع الوطن المستلب من مخالب الفاسدين المتحاصصين، وتحقيق العدالة والمساواة والديمقراطية ومنع أية انتهاكات للحقوق والحريات التي نص عليها الدستور.
ولم يكن هذا الدور غريباً عن المرأة العراقية التي ساهمت إلى جنب الرجل في جميع الصفحات النضالية التي عرفها تاريخ المعارك الوطنية لبلادنا منذ ثورة العشرين مروراً بالانتفاضات الفلاحية ضد الإقطاع والحكم القبلي والاضرابات العمالية في كاورباغي والسكك والنفط والميناء والزيوت والكهرباء وغيرها والإنتفاضات الشعبية في كانون 1948، وتشرين 1952 و 1956 وفي ثورة تموز 1958 ثم في التصدي للدكتاتوريات المتعاقبة على حكم عراقنا وحتى يومنا الحاضر، حيث صار معروفاً لدى العالم كله بأن العراقية والعراقي يأبيا الضيم ولن يقبلا بالاستبداد والظلم، بالجوع والفقر، بالأمية والبطالة، بالتخلف والتمييز، مهما كانت التضحيات.
وإذا كانت المرأة الأكثر تعرضاً للقهر دائمًا والأكثر تضرراً من الأزمات والصراعات، فإنها كانت الأجدر بتلبية نداء الوطن، محبطة مساعي حبسها في البيوت ومنعها من القيام بواجاتها الوطنية من جهة والدفاع عن حقوقها في المساواة مع الرجل وفي التعليم والعمل والصحة والكرامة الإنسانية من جهة اخرى.
وإذ تستعيد نساؤنا ذكرى الانتفاضة فإنها تستلهم تلك الوثبة من أجل مواصلة الكفاح من أجل ذات الهدف، ومن أجل مكافحة العنف الأسري وزواج القاصرات وحرمان النساء من الميراث، من أجل توفير فرص عمل للنساء وضمان تعليم جيد ومجاني للجميع، ورعاية صحية للإمهات والحوامل، من أجل حضانة الأمهات لفلذات كبدهن، من أجل عراق يزدهر في الرجال والنساء معاً، جناحين لا غنى لهما في رحلة التنمية والتقدم.
لنمض معاً، فالوطن مازال مستلباً.