الحضورُ الكريم.. الرفيقات والرفاق والأصدقاء..
ونحن في غَمْرَةِ تحضيرات مهرجانِنا السنوي السابق، وارتباطا بعدوان الكيان الصهيوني فما كان علينا إلا أن نتوقفَ عند ذلك، ونغيرَ طبيعةَ المهرجان المعروفة، الى مهرجانٍ للتضامنِ مع الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية، فكان عنوانُ مهرجانِنا الثامن هو: (مهرجانُ الدفاعِ عن الديمقراطية وحريةِ التعبير، مهرجانُ التضامنِ مع الشعبِ الفلسطيني).
ومنذُ يومِ 7 أكتوبر 2023 لم يتوقفْ حزبُنا الشيوعي العراقي، وجريدةُ "طريق الشعب" عن تقديمِ مختلفِ أنواعِ الدعم، رفضاً لحربِ الإبادة الجماعية المدمرة وحملةِ التهجير الممنهجة والتجويعِ المميت للشعبِ الفلسطيني الصابرِ والمقاوم.
اما مهرجانُنا الحالي، وإنْ كان شعارُه "خبز، حرية، دولة مدنية" يخصُّ بلدَنا العراق، لكن يمكنُنا القولُ إنه يخص فلسطين، ويخصُّ شعبَها الذي يعاني من الجوعِ وفقدانِ الأمنِ وحرب الإبادة، وهو يناضلُ من أجلِ دولتهِ المستقلة كاملةِ السيادة.
لقد كرّسَ الكيانُ الصهيوني الغاشم، كلَّ جبروتهِ وطغيانهِ منذُ أكتوبر 2023 حتى يومِنا الحالي، للنيلِ من الشعبِ الفلسطيني، واستخدمَ كلَّ ما لديه من أدواتٍ للقتل والتجويع والتهجير، وذلك بدعمٍ غير محدود من الامبريالية العالمية، وفي مقدمتها الولاياتُ المتحدة الامريكية وعددٌ كبير من الدول الأوروبية. وراح هذا الكيان المتعطش للدماء يبحثُ عن بدائلَ لاستمرارِ الحرب وتوسعتها، فاعتدى على لبنان واليمن وسوريا وايران وارتكب مجازر وحشية فيها.
إنّ الشعبَ العراقي، وقواه الوطنية ومنها حزبُنا الشيوعي، يقفُ دوماً مع شعوبِ المنطقة، ضد الاحتلال والحرب، ويناضلُ معهم من أجل حقوقِهم في العيش الكريم.. ونطالبُ اليوم بوقفِ عدوان الكيان الصهيوني على الشعبين اللبناني والفلسطيني، وأن يتحققَ السلمُ الدائم في المنطقة، عبر الاستجابة لإرادةِ شعبِ فلسطين، وتلبية حقوقهِ الوطنية المشروعة، بما فيها إقامةُ دولته الوطنيّة وعاصمتها القدس.
الحضورُ الكريم
إنّ شعار مهرجانِنا الحالي لَبالغُ الدلالةِ والعمقِ فيما يُواجه شعبُنا وقواه الوطنية والديمقراطية، وكلُّ المتطلعين إلى عراقٍ جديد، يفتحُ فضاءاتٍ أخرى ينتظرُها العراقيون.
ففي بلدِنا، اليوم، تتكاثرُ الأزمات والتعقيدات، مع غياب إمكانية تقديم الحلول من قبل القوى السياسيةِ الماسكة بالسلطة، بسبب تشبثِها بمنهجِ الفشلٍ والفساد والعجز والتقصير. إنه نهجُ المحاصصة الذي تسيّد العراق، وقاده إلى الكوارثِ والخرابِ والتراجعِ، وثلم سيادةَ وطنِنا، وفتح أبوابَه للتدخلات الخارجية.
وبسببِ هذا المنهجِ السيّئ، باتت أكثريةُ الشعبِ العراقي، تعاني من صعوباتٍ كبيرة في الحصول على لقمةِ العيشِ الكريم والسكنِ اللائق والصحّة الجيدة والتعليم المناسب. فيما تنعمُ الأقليةُ المتنفذة، التي تتماهى مع الفساد وتدعمه، بخيراتِ بلدِنا وثرواته.
وأدى هذا الى الفشلِ المتراكم، والى عجزِ مؤسساتِ الدولة عن القيامِ بواجباتها، وبات الفسادُ الذي نَخرَها يبحثُ عمّا هو متبقٍ في جسدِها، وصار يبحثُ عن قوانينَ تحميه، وتُبقي القائمين عليه في مركز الحكم.
ولم تُنفذْ حتى الآن الوعودُ الكبيرة التي قدمتها الحكوماتُ المتعاقبة، بسببِ طبيعةِ تشكيلِها، والنسق الذي تسيرُ عليه، وكذلك بفعلِ قوةِ الفسادِ والسلاح المنفلت، وأدى ذلك إلى غيابِ الأمنِ والتقدمِ والاستقرار المستدام، برغمِ ما توفّر لجميع الحكوماتِ السابقة والحالية من إمكانياتٍ مالية كبيرة، والتي جرى هدرُها بفعلِ سوء إدارة الدولة، وانعدامِ التخطيط، ونهج المحاصصةِ الطائفية الفاسد.
ولم تنتجْ الدورةُ البرلمانية الحالية قوانينَ ذات أهميةٍ كبيرة، في تعزيزِ البناء الدستوري والقانوني، بل هي شرّعتْ قانونا تنكّر لاسم البلدِ ونظامِه الجمهوري، عبر تشريعِ قانون العطل الرسمية، الذي أهمل ثورةَ 14 تموز المجيدة. فيما تسعى الكتلُ النيابية المتنفذة إلى تشريعِ قوانين أخرى بهدف الانقضاض على مدنيةِ الدولة ودستورها، ومنها محاولاتُ تعديلِ قانونِ الأحوال الشخصية النافذ، وهناك المزيد من القوانين الخلافية التي تجري تهيئتُها، لا لمصلحة الشعب العليا، إنما من أجل مصالحَ سياسية وانتخابية ضيّقة. فيما لم يقمْ مجلس النواب بتأدية دورِه الرقابي والتشريعي.
ونتيجةً لعجزِ القوى المتنفذة عن تقديم الحلول المناسبة للأزمات المتتالية، راح الكثيرُ من المواطنين، يبحثون عن فرصةٍ لنيلِ حقوقِهم، وذلك عبر الاحتجاجاتِ المطلبية، التي لم تتوقفْ يوماً، وفي عموم المدن والأرياف، وقُوبل عددٌ من هذه الاحتجاجاتِ بالتسويف والمماطلة تارةً، وبالقوة والقمع تارةً أخرى.
الأعزاء جميعاً..
وحيث الانتخابات البرلمانية على الأبواب، سواء جرت مبكرة أم التأمت في موعدِها القانوني، يبقى المهمُ التذكير بالسؤال الآتي: بعد كلِّ التجارب الانتخابية السابقة، والتي أعادت الى الواجهة ذات القوى بمنهجها المحاصصاتي التخادمي الفاشل، فأيُ انتخاباتٍ يحتاجُها شعبُنا وبلدنا؟
نحن نحرصُ على أن تكونَ العمليةُ الانتخابية رافعةً للتغيير، كما هو حال الوسائلِ النضالية الأخرى، وفي مقدمتها الحراكُ الجماهيري والسياسي لفرض إرادة التغيير.
كما إننا نسعى إلى الخروجِ ببلدنا من هذه الحلقة المفرغة، وكسر احتكار السلطة والقرار، وأنْ نكونَ مساهمين فعليين في تغييرِ موازين القوى، عبر مختلفِ وسائل النضال السلميّة، ومنها المشاركة في الانتخابات، من أجلِ تحقيقِ بديلِنا الآخر، الذي يقطعُ الطريقُ على حالة الشلل الراهنة، ويحولُ دون الانزلاقِ إلى الأسوأ، ويفتح آفاقاً جديدة واعدة لبلدنا.
لقد قرر الحزبُ الشيوعي العراقي، المشاركةَ في الانتخابات المقبلة، على اعتبارِ أنها أحد أشكال الصراع السياسي، وسنخوضُ هذا الصراعَ بعزمٍ وإرادةٍ وتصميم الشيوعيين وحزبِهم المجيد.
إننا اليوم، ومع جماهير شعبنا، والقوى المتطلعة الى التغيير، ورغم كلّ الصعوبات نعملُ على الخلاص من منظومةِ المحاصصة ومنهجها وإحلالِ البديل الديمقراطي، الذي يقود بلدَنا إلى الديمقراطية الحقّة واحترامِ حقوق الإنسان وتطبيقِ مبدأ المواطنة والعدالة الاجتماعية.
سنكون نحن الشيوعيين العراقيين في الميدانِ الانتخابي، مثلما كنّا في الميدانِ الاحتجاجي، خصوصاً في انتفاضةِ تشرين التي حلّت هذه الأيام ذكراها الخامسة، والتي قدمنا فيها شهداءَ اعزاء.
العزيزات والاعزاء..
لقد حَفَل مهرجانُنا التاسع هذا اليوم بالعديد من الفعالياتِ السياسيةِ والاجتماعيةِ والثقافية والفنية، وتصدرت فعالياتِه قضيةُ فلسطين وشعبِها الصامد في مواجهةِ آلة القتلِ الصهيونية المدعومة من أمريكا وحلفائها، وكذلك لدعمِ الشعبِ اللبناني الشقيق، ونجددُ تضامنَنا هنا مع كلّ شعوبِ المنطقةِ، ومنها أيضا الشعبُ السوادني الذي يواجهُ أزمةَ الحرب الأهلية التي تدار بالوكالة.
لقد تضمن منهاجُ مهرجانِ "طريق الشعب" التاسع، الذي احتفى بالراحل الرفيق المناضل إبراهيم الحريري (شخصية المهرجان) لهذه العام، فعالياتٍ مختلفة، نظمتها اللجنةُ التحضيرية، ومنها ندوةُ الحصول على المعلومة، وكذلك الحوارية الواسعة مع سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي.. وسوف تستمعون بعد قليل الى ما تبقى من فعالياتٍ فنيةٍ تضامنية.
كذلك نُظمت الخيمُ المنتشرة في جوانبه، فعالياتٍ ثقافيةً واجتماعيةً وفنية متنوعة. وهنا لا بد من توجيهِ التحية والشكر الى جميع المشاركين في هذا المهرجان.
الشكرُ الجزيل الى الشغيلةِ والمتطوعين ، الذين حرصوا على بناءِ هذه الخيم، وسوف يسهرون على رفعِها بعد انتهاء المهرجان، كما في المهرجاناتِ السابقة.
الشكرُ الجزيل، لجميعِ الجهات التي شاركت وساهمت ودعمت المهرجانَ..
الشكر الوفير للقواتِ الأمنية على توفير الأمن منذُ يوم امس،
سيبقى صوتُ الشيوعيين العراقيين وجريدة "طريق الشعب" ومنابرِه الإعلامية الأخرى عالياً من أجل الوطن الحر والشعب السعيد..
سنناضلُ من أجل حقوقِ المرأة والطفولةِ والشباب والطلبة، وعمومِ شغيلةِ اليد والفكر..
عاش شعبُ فلسطين الصامد المقاوم..
عاش شعبُ لبنان المكافح الصابر
عاش شعبُنا العراقي والمجدُ لشهدائه الأبرار..
شكراً لكم جميعا
والى المهرجان العاشر لجريدتنا الغراء "طريق الشعب"، والتي كما كانت ستبقى أداةً فاعلة للدفاع عن مصالح الشعب والوطن وكادحيه، ومن اجل نشرِ قيمِ حقوق الانسان والتنوير والعدالة والديمقراطية.
ـــــــــــــــــــــــــــ
كلمة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي القاها الرفيق حسين النجار عضو المكتب السياسي للحزب، في حفل ختام المهرجان