اخر الاخبار

في يوم الطفل العالمي الذي يُّحتفى به في الأول من حزيران من كل عام، تتجدد الدعوات للتصدي لظاهرة عمالة الأطفال، التي تعّد واحدة من أبرز القضايا المؤلمة التي تواجه المجتمعات في جميع أنحاء العالم، وخصوصا في الدول النامية.

وتشير تقارير منظمة العمل الدولية، إلى أن عدد الأطفال العاملين حول العالم يزيد على 160 مليون طفل، يشتغلون في ظروف قاسية غالبا. وتتجلى هذه الظاهرة بشكل أكثر وضوحا في الدول ذات الاقتصادات الهشة، حيث تعد الحروب والنزاعات والفقر عوامل رئيسية تسهم في انتشارها. وفي يوم الطفل العالمي، تتوجه الأنظار نحو هذه الأرقام المقلقة، مع دعوات إلى وضع حد لهذا الانتهاك الصارخ لحقوق الأطفال.

عمالة الأطفال في العراق: واقع مأساوي

وفي العراق، تعاني شريحة كبيرة من الأطفال من ظروف معيشية صعبة نتيجة للحروب المتكررة، والنزاعات المسلحة، والانهيار الاقتصادي. ووفقا لإحصاءات محلية ودولية، يعمل الآلاف من الأطفال في مختلف القطاعات، بما في ذلك البناء، والتجارة، والزراعة، وحتى التسول. هذه الظاهرة ليست فقط انعكاسا للأزمة الاقتصادية، بل هي أيضا تعبير عن ضعف التشريعات وإهمال تطبيق القوانين المتعلقة بحماية حقوق الأطفال.

وعلى الرغم من قيام العراق بالمصادقة على العديد من الاتفاقيات الدولية التي تحظر عمالة الأطفال، إلا أن ضعف المؤسسات وضعف الرقابة يجعل تنفيذ هذه القوانين أمرا صعبا. كما أن العائلات الفقيرة تجد نفسها في موقف لا يسمح لها سوى بإرسال أطفالها للعمل لتأمين دخل إضافي.

الموقف الماركسي في مواجهة الواقع المأساوي

يعتبر كارل ماركس، من بين أكثر المفكرين تناولاً لهذه القضية، حين حللها ونظر اليها من زاوية نقدية تركز على الظلم الاجتماعي والاستغلال الاقتصادي.

ففي النظرية الماركسية، يعتبر النظام الرأسمالي، القائم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وعلى نهب أكبر قدر من فائض القيمة، مسؤولا عن ظاهرة عمالة الأطفال، حيث يعمل هذا النظام على استغلال اليد العاملة الرخيصة، بما في ذلك الأطفال، لتحقيق أقصى درجات الربح.

ويرى ماركس بأن الرأسمالية التي تلقي بملايين الفقراء في أتون الجوع والتهميش، تجبرهم على إشراك أطفالهم في العمل لتلبية احتياجاتهم الأساسية، مما يؤدي إلى حرمان هؤلاء الأطفال من حقوقهم في التعليم والنمو السليم. ومن منظور ماركسي، يرى الشيوعيون العراقيون بأن عمالة الأطفال في العراق هي نتيجة مباشرة للبنية الاقتصادية والاجتماعية غير العادلة، وأن الحل يكمن في إجراء تغييرات جذرية في هيكلية الاقتصاد والسياسات الاجتماعية، بحيث تتم إعادة توزيع عادلة للثروات وتُوفر فرص عمل لائقة للبالغين، مما يضمن للعائلات دخلا كافيا يحمي الأطفال من الانخراط في سوق العمل.

الحلول الممكنة

لمعالجة ظاهرة عمالة الأطفال في العراق، يجب التركيز على مجموعة من الحلول التي تتوافق مع الرؤية الماركسية منها:

تعزيز نظام التعليم: يجب توفير تعليم مجاني وإلزامي لجميع الأطفال، مع تقديم حوافز للعائلات لإبقاء أطفالها في المدارس.

إعادة هيكلة الاقتصاد: العمل على تقليل معدلات البطالة بين البالغين، مما يُخفف الضغط الاقتصادي على العائلات.

تشديد الرقابة وتفعيل القوانين: يجب أن تكون هناك رقابة صارمة على الشركات وأرباب العمل الذين يوظفون الأطفال بشكل غير قانوني.

التوعية المجتمعية: نشر الوعي حول الآثار السلبية لعمالة الأطفال على المدى الطويل، سواء على الطفل نفسه أو على المجتمع ككل.

إن الموقف الماركسي من عمالة الأطفال يقدم تحليلا عميقا لهذه الظاهرة باعتبارها نتيجة حتمية للاستغلال الاقتصادي في ظل النظام الرأسمالي. ومع ذلك، فإن معالجة هذه الظاهرة في العراق تتطلب نهجا شاملا يجمع بين تعزيز التعليم، وتوفير فرص العمل، وتطبيق القوانين بحزم.

عرض مقالات: