اخر الاخبار

تعّد الصحافة الشيوعية العراقية جزءاً لا يتجزأ من تاريخ النضال الوطني والاجتماعي، حيث مثلت منبرا للتغيير والدفاع عن قضايا الطبقات المسحوقة والمرأة على وجه الخصوص. ومع حلول الذكرى التسعين لانطلاقتها، تحضرنا مسيرة طويلة من العمل الصحفي الملتزم الذي واجه أصعب التحديات وأشرس الهجمات، لكنه ظل صامدا ومنحازا لقيم الحرية والعدالة والمساواة.

المرأة في صلب الخطاب الصحفي الشيوعي

منذ بداياتها، حملت الصحافة الشيوعية العراقية مشعل الدفاع عن حقوق المرأة، مدركة أن تحرير المجتمع لا يمكن أن يتحقق دون تحرير نصفه. تناولت هذه الصحافة بجرأة قضايا المرأة في مختلف مراحل النضال الوطني، بدءا من الدعوة إلى تعليم الفتيات، ومرورا بالنضال من أجل تحسين ظروف العمل للنساء، وانتهاء بالدفاع عن حقوقهن السياسية والاجتماعية.

وركزت الصحافة الشيوعية على مواجهة التقاليد البالية التي حجّمت دور المرأة، وعملت على تعزيز الوعي بضرورة مشاركتها الفاعلة في الحياة العامة. وتحت عناوين جريئة وافتتاحيات مميزة، طالبت بتوفير فرص متساوية في التعليم والعمل، كما دعت إلى إلغاء القوانين التي تكرس التمييز ضد النساء.

المواجهة مع الأنظمة القمعية

لم يكن طريق الصحافة الشيوعية العراقية مفروشا بالورود، بل واجهت ملاحقات مستمرة من الأنظمة الاستبدادية التي رأت فيها تهديدا لسياساتها القمعية. ومع ذلك، ظلت هذه الصحافة وفية لقضية المرأة. فعلى الرغم من الرقابة والمصادرة، تمكنت من تسليط الضوء على معاناة النساء العاملات وتطالب بحقوقهن المشروعة، وطرحت الحلول من منظور تقدمي مطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية.

في فترات القمع الشديد، لجأت الصحافة الشيوعية إلى وسائل سرية لإيصال رسائلها، وواصلت نشر قصص النساء المكافحات، مما جعلها صوتا صادقا لمن لا صوت لهن.

قضايا المرأة في الصحافة الشيوعية الحديثة

مع التحولات الاجتماعية والسياسية في العراق، واصلت الصحافة الشيوعية تطوير خطابها النسوي ليواكب القضايا الراهنة، فتناولت تحديات النساء في مواجهة العنف الأسري، وزواج القاصرات، والتمييز في أماكن العمل، بالإضافة إلى انعكاسات الأوضاع الاقتصادية الصعبة على حياتهن.

لم تكتف الصحافة الشيوعية بنقد الواقع، بل طرحت رؤى مستقبلية تسعى لتحقيق المساواة بين الجنسين. وشددت على أهمية وضع سياسات حكومية تعزز دور المرأة في المجتمع، مثل دعم النساء العاملات، وتشجيعهن على المشاركة السياسية، وتوفير بيئة آمنة تحمي حقوقهن.

ووجدت الصحافة الشيوعية العراقية، أن النضال من أجل حقوق المرأة لا يمكن فصله عن النضال العام ضد الاستبداد والاستغلال. فحقوق المرأة، وفقا لهذا الخطاب، جزء من رؤية أشمل تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتحرير المجتمع بأكمله من الظلم الطبقي والسياسي.

سفر مجيد يستحق الاحتفاء به

في الذكرى التسعين، تستحق الصحافة الشيوعية العراقية أن نحتفي بها كإرث نضالي عريق، نجح في تقديم نموذج متميز للإعلام الملتزم بقضايا الشعب، وعلى رأسها قضية المرأة.

ولذا تبقى الصحافة الشيوعية رمزا للصمود والكفاح، وشاهداً على دورها المحوري في تعزيز الوعي بقضايا النساء، وتمكينهن من أن يصبحن جزءاً فاعلا في مسيرة التغيير. وفي الوقت الذي نعيش فيه اليوم تحولات معقدة، يبقى الإرث الذي قدمته هذه الصحافة منارة للأجيال القادمة في مواصلة النضال من أجل عراق أكثر عدلاً ومساواة.

عرض مقالات: