اخر الاخبار

عرفت بلادنا منذ سقوط النظام البائد، ظروفاً معقدة وأزمات اقتصادية متتالية، أدت إلى انحسار الكثير من النشاطات الانتاجية، حيث لا تتعدى اسهامات القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي حاجز (4,8) في المائة بسبب إغراق السوق بالمنتجات المستوردة، وضعف الدعم الحكومي، وشح المياه. كما لا يساهم قطاع الصناعة التحويلية، بأكثر من 2 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، ولا يوفر فرص عمل سوى لأقل من (0,4) في المائة من عدد سكان العراق، فيما فقد ما يقارب 800 ألف عامل وظائفهم في القطاع الصناعي الخاص، بسبب عدم تلقيه أي دعم حكومي ملموس طوال السنوات الماضية، وجراء إغراق السوق بالسلع المستوردة التي تنافس إنتاجه وتقضي عليه.

سياسات فاشلة

وقد أدى ذلك كله إلى زيادة معدّلات البطالة بين الشباب بحوالي 35.8 في المائة، وبين الشابات بحوالي 60 في المائة. ويعيش 20 في المائة على الأقل من شبابنا تحت مستوى الفقر. وهناك خلل كبير في الفصل بين الجنسين في سوق العمل، ورغم تفاوت معدّلات البطالة بين النساء حسب الفئات العمرية، فإنّ أعلى مستوياتها سُجِّل لدى الشابات دون سنّ الرابعة والعشرين، حيث بلغت 65 في المائة. وتُضيف الجامعات والمعاهد العراقية كل عام ما يقارب 400 ألف شاب وشابة إلى جيش العاطلين.

وبدلاً من حل المشاكل، تعتمد الحكومات سياسات تشغيلية فاشلة، تُضَخّ من خلالها طاقات الشباب في ساحات البطالة المقنّعة، أو في مؤسسات أمنية لا علاقة لها بتخصصاتهم وكفاءاتهم. كما تقوم بالتعتيم على أرقام البطالة الحقيقية عبر توفير عقود عمل مؤقتة وشكلية، سرعان ما تنتهي، وتُعيد الشباب إلى جحيم البطالة بعد سنوات من العمل في وظائف هامشية.

الأسباب الحقيقية

ويمكن تلخيص بعض من أهم أسباب آفة البطالة بما يلي:

  1. إفتقار 59.2 في المائة ممن تتراوح أعمارهم بين (15 و24 عاماً) إلى المهارات الرقمية لأداء الأنشطة الأساسية المتعلقة بالحاسوب، وكذلك إلى فرص التعليم القائم على المهارات الحياتية، أو التي تؤهلهم للتوظيف، أو الذي يمكّن الشباب من تنظيم مشاريع تزجهم بسلاسة في سوق العمل.
  2. غياب سياسة علمية في القبول بالجامعات والمعاهد العالية، وعزوف الشباب عن التعليم المهني والتقني المتوسط، وسيادة أفكار نمطية حول التأهيل الدراسي والعلمي، وإعلاء شأن بعض المهن على حساب غيرها اجتماعياً.
  3. عدم وجود سياسة تأهيلية لمواجهة المتغيرات في أنماط الطلب على الأيدي العاملة في سوق العمل، وذلك لمعالجة اختلال العلاقة بين الشروط المطلوبة في سوق العمل والمؤهلات المعروضة من مخرجات النظام التعليمي.
  4. تمثل الأمية بين الشباب ظاهرة خطيرة ومولّدة للبطالة، حيث تصل إلى 17 في المائة ممن هم دون الرابعة عشرة وإلى 28 في المائة لمن هم دون الثلاثين، فيما تصل نسبة المتسربين من المدارس إلى 34 في المائة.

معالجات 

  1. الكف عن ضخ الشباب في ساحة البطالة المقنعة، وتحويلهم إلى ساحة الإنتاج.
  2. زيادة الإستثمار في الجانب الإنتاجي وتقليل الإستثمار في الجانب الخدمي، وترشيد الإنفاق على الجانب الأمني.
  3. توزيع مؤسسات الانتاج الصناعي جغرافياً في المناطق الأقل ملائمة للإنتاج الزراعي.
  4. تمكّين المرأة ومكافحة العنف الأسري، وتفعيل مساهمة النساء في التطور المجتمعي والعلمي والإقتصادي للبلاد، ومعالجة الفجوة بين حصة المرأة والرجل من الدخل القومي، وتقليص الفرق بين الجنسين في الحصول على التعليم الجامعي والدراسات العليا.
  5. إتباع إستراتيجية تعليمية جديدة وواضحة تضمن تحديث المناهج بحيث تتوافق مع الإحتياجات الأساسية لسوق العمل والتركيز على التطور المذهل في تقنية المعلومات والإتصالات والأتمتة وتوفير القدرة على إستخدامها، و تنمية قدرات المتعلم على الإبتكار.
  6. زيادة موازنات التعليم المتدنية، وموازنات التعليم العالي والبحث العلمي والتعليم الإلكتروني بشكل خاص.
  7. إقامة مراكز تعليمية تخصصية محددة، خاصة في مجال الرقمنة والذكاء الأصطناعي، وتوفير مستلزمات نجاحها وإدامتها.
  8. مكافحة الأمية الأبجدية والمعرفية في المدينة والريف.
عرض مقالات: