أقر الحزب الشيوعي العراقي وثيقة “قدما نحو التغيير الشامل” في مؤتمره الحادي عشر، المنعقد ببغداد للفترة من 24-28 تشرين الثاني2021. شخصت الوثيقة الأزمة العامة في البلاد، وبينت سببها، حيث تتكاثر المشاكل مستعصية الحل في إطار منظومة الحكم الفاشلة القائمة على نهج المحاصصة. وبعد أن استعرضت الوثيقة تفصيلات اللوحة السياسية في البلاد خلصت إلى أن التغيير مطلب جماهيري وضروري، تغيير يهدف إلى بناء دولة المواطنة. وهذا التغيير المطلوب لا يتحقق إلا بتغيير موازين القوى السياسية، وقد حددت الوثيقة مهام قوى التغيير مفصلا. وهي مهام مترابطة، يكمل بعضها البعض الآخر، ويهدف إنجازها إلى انتشال الوطن من أزماته المتلاحقة، ووضع مسيرته في الاتجاه الصحيح.

وارتباطا بما يتعرض له الوطن من عدوان على السيادة، وبشكل متكرر، ورد من ضمن المهام المطروحة، المهمة في رقم 4 “ والتصدي لمحاولات التدخل الخارجي في شؤون بلدنا على حساب سيادته واستقلاله وقراره المستقل” وما حصل في الفترة الأخيرة من انتهاك لسيادة الوطن، واستهتار المعتدي بالتفاخر بالقوة والتهديد الوقح بتكرار الاعتداء، نرى واضحا موقف الحزب الرافض والمستهجن للتدخلات الخارجية، معبرا بصدق عن إخلاصه لقضية الوطن. وهذه الإدانة هي ترجمة لسياسة الحزب وليست موقفا طارئا تمليه مصلحة ما، كما أن مطلب التصدي لمحاولات التدخل الخارجي يتكامل مع المطالب الأخرى الداعية إلى نبذ نهج المحاصصة، وبناء دولة المواطنة.

أما القوى السياسية المتحاصصة والمتصارعة على النفوذ والمال، فقد وقف بعضها من العدوان على السيادة موقف المتفرج الصامت، وبعضها لقي العدوان عندهم قبولا في غياب واضح للروح الوطنية، وتمسك هؤلاء بالهوية الفرعية على حساب الهوية الوطنية، يشير إلى ضعف الجبهة الداخلية، المستندة على المحاصصة واكتساب المغانم، وهو ما عكسه الموقف الرسمي المتخاذل إزاء العدوان.

إن انتهاك سيادة الوطن عمل مدان من أي طرف كان: إيران أو تركيا أو أمريكا أو غيرها، وتشهد أدبيات الحزب على صدق مواقفه الوطنية. ويخطئ من يعتبر موقف الحزب عاطفيا أو عابرا بالضد من طرف معين، بل هو موقف مبني على رؤية وطنية ترى في الاعتداء على سيادة الوطن من أي طرف كان، وفي أية بقعة من أرض الوطن، عملا إجراميا مدانا.

إن موقف الحزب من العدوان على السيادة يؤكد موقفه الوطني الثابت، كذلك مواقفه الأخرى والتي يكمل بعضها بعضا مثلا: مطالبته بتشكيل حكومة انطلاقا “من مبدأ الأغلبية السياسية وعلى أساس برنامج يلبي أهداف شعبنا وانتفاضة تشرين” المهمة رقم1 في الوثيقة و”التخلص من نهج المحاصصة الطائفية والإثنية في العملية السياسية” المهمة رقم 5 و”اعتماد سياسة خارجية متوازنة وبعيدة عن سياسة المحاور” المهمة رقم 21.

إن موقف الحزب هو امتداد لمواقفه الوطنية المشرفة، عبر عقود من مسيرة مفعمة بالتضحيات، قدم الحزب خلالها قوافل الشهداء من أجل حرية الوطن، وأحداث انتفاضة تشرين الباسلة، وشهداؤها الأماجد ما تزال ماثلة أمامنا.

عرض مقالات: