لا يمكن أن ننسى كيف سطرت انتفاضة تشرين أروع الملاحم البطولية والانسانية لتستنهض الهمم في مواجهة الفاسدين والمتحاصصين، وقدمت اداءً رائعا ينطوي على صورة فريدة من الصمود والتكافل والانضباط والمبادرات التي تعيد إلى الذاكرة ملاحم وانتفاضات شعبنا ضد الحكومات الجائرة. ولا ننسى الصمود الأسطوري والتنظيم الذاتي للمنتفضين، والشجاعة التي فاقت التصور، وإصرارهم على تحقيق مطالبهم المشروعة، والاستجابة الجماهيرية الواسعة لدعواتهم لكسر حظر التجوال، وتفويت الفرصة على المتربصين بهم شرا، وكسر حاجز الخوف من إرهاب وتهديد الأحزاب المتنفذة وأذرعها المسلحة، ودحض الحديث عن المؤامرات الخارجية أو المندسين وغيرها.

يوما بعد يوم تؤكد الوقائع أن لا استقرار ولا حقوقا ولا تنمية ببقاء هذا النظام الذي ينتهج المحاصصة الطائفية وعدم المبالاة بمصالح البلاد وبحاجات الجماهير الأساسية، والتفريط بالقرار الوطني العراقي المستقل، هذا ما عبر عنه شعار المنتفضين (نريد وطن)!

نعم، بعد تلك السنوات الأربع لا يزال هدف التغيير الذي كان في صدارة مطالب تشرين، وسيظل شامخا في مواجهة مشروع المحاصصة الطائفية والاثنية البغيضة.

في هذه الذكرى العظيمة لابد من الاستفادة من دروس وعبر الانتفاضة، ومن دورها ومسارها وعمقها لتكون طريقا للذين يواصلون السعي من أجل ازاحة منظومة الفساد والمحاصصة عبر الاحتجاج السلمي الواسع أو عبر صناديق الاقتراع. وها هي انتخابات مجالس المحافظات التي تقرر اجراءها في 18 كانون الأول من هذا العام، فرصة ثمينة للتعبير عن إرادة الجماهير في رفض القوى الحاكمة الظالمة التي اثبتت فشلها منذ أكثر من عقدين من الزمن.

وفي هذه المناسبة أيضا يتوجب استذكار شهيدات وشهداء الانتفاضة، والتشديد المستمر على ضرورة الكشف عن القتلة ومن يقف وراءهم ومحاسبتهم، وضرورة تعويض ذوي الشهداء، والمعاقين، وكذلك التأكيد على السير في طريق التغيير الشامل الذي تتبناه اليوم قوى التغيير الديمقراطية وما تضم من أحزاب وطنية وديمقراطية وأحزاب ناشئة انبثقت بعد الانتفاضة وهي تعد جماهيرها لخوض انتخابات مجالس المحافظات بتحالف قيم المدني.

عرض مقالات: