ضيّف منبر العقل التابع إلى الاتحاد العام للأدباء والكتاب، أول أمس الثلاثاء، الباحث الجزائري د. فارح مسرحي، الذي قدم محاضرة بعنوان «المثقف من مرجعية المشاريع إلى ما بعد المشاريع».

واستمع للمحاضرة، التي احتضنتها قاعة الجواهري في مقر الاتحاد، جمع من المثقفين والأكاديميين والأدباء، فيما أدارها د. علي عبود المحمداوي، الذي قدم سيرة المحاضر، مبينا أنه يتبوأ منصب رئيس اللجنة العلمية في قسم الفلسفة بجامعة باتنة الجزائرية، وله مجموعة من المؤلفات الفكرية.

وفي مستهل محاضرته، قال د. مسرحي، «أن مفهوم المثقف واسع جدا في السياقات العربية والإسلامية، فمصطلح المثقف سهل الاستعمال، لكن عندما نريد تحديده، سنواجه صعوبة كبيرة»، مشيراً الى أن «مفهوم المثقف تاريخي، ونسبي أيضا يختلف بين ثقافة وأخرى».

وأوضح المحاضر، أن «هناك طبقة مثقفة ظهرت بُعيد الاستقلال الثقافي العربي، وأطلق على أفرادها فيما بعد أصحاب المشاريع الفكرية، أمثال محمد أركون ومحمد عابد الجابري والطيب تيزيني وحسن حنفي وغيرهم»، مشيرا إلى أن «الإنسان العربي كان بحاجة إلى خطط تنموية وبناء مجتمعات وأرضيات فكرية، ولهذا صار من الضروري أن يظهر هذا التوجه في التنظير لمشاريع فكرية ضخمة». واستدرك قائلاً «لكن حينما نتأمل هذه المشاريع، نجدها كبيرة جدا، ونجد أن أبرز المهمات التي اشتغلت عليها، هي مهمة إعادة قراءة التراث العربي الإسلامي».

وتساءل بهذا الصدد عن امكانية قراءة التراث العربي الإسلامي، وما إذا كانت هذه العملية ممكنة، فكل المشاريع الفكرية المذكورة راهنت على ذلك، مع بقاء اشكالية تنفيذ ما تم طرحه من هذه المشاريع في عشرات الكتب. وتابع المحاضر قائلاً «أما السؤال الثاني الذي يطرح حول المشاريع، فهو السؤال المنهجي، وهذا يعّد عقبة في ثقافتنا. فمشكلتنا الكبرى هي مشكلة المنهج، فهذه المشاريع اقترحت مناهج غربية المنشأ، وحاولت أن تطبقها على موضوعات عربية وإسلامية».

وأشار المحاضر إلى أننا «أمام حزمة من الإشكاليات، تتعلق بتلك المشاريع، إذ انها لم تحقق أهدافها، ما يتطلب منا البحث عن نمط آخر من التفكير. فهناك ضرورة للتحول من بناء الأنساق إلى تفكيك المنظومات وتحليلها»، لافتا إلى أن «مهمة إعادة قراءة التراث أو استيعاب الحداثة، وغيرهما، يجب أن لا يقوم بها شخص واحد، إنما يتم تقسيمها إلى مهمات بتخصصات دقيقة».

وأشار أيضا إلى أن «العلاقة بين أصحاب المشاريع لم تكن تواصلية. فالتواصل ضروري، ومن غير التواصل لا يمكننا تحقيق شيء». فيما رأى أن «اللغة التي كتب بها أصحاب المشاريع، أكاديمية واختصاصية، وبعيدة عن الإنسان العادي. لذلك، يفترض أن تكون مفهومة لدى الجماهير على اختلاف مستوياتهم؟». 

وفي الختام، قدم رئيس الاتحاد الناقد علي الفواز، شهادة تقدير إلى د. فارح مسرحي.