تسعى منظمات مدنية إلى الحفاظ على الهوية الثقافية والحضارية والتراثية لمدينة الموصل، التي تعرضت إلى خسائر عمرانية وثقافية على يد إرهاب داعش، فضلا عن الخسائر البشرية الكبيرة.

ويعمل ناشطون مدنيون واعلاميون موصليون على إحياء هوية أم الربيعين الفريدة، والحفاظ على لهجتها المميزة. كما يسعون إلى الانفتاح على العالم عبر جعل مدينتهم وجهة سياحية.

وباتت الموصل القديمة، التي تعرضت إلى دمار كبير خلال الحرب، نقطة جذب للسائحين. بينما استقر فيها عدد من المنظمات المدنية، بضمنها «مؤسسة بيتنا» للثقافة والفنون والتراث، التي تأسست بعد أيام من تحرير المدينة.

يقول رئيس المؤسسة صقر آل زكريا، وهو صحافي ومدون، إنه خلال فترة احتلال داعش الموصل اضطر إلى النزوح نحو بغداد، ومنها انطلق لتأسيس صفحة على «فيسبوك» هدفها كشف جرائم الإرهابيين، وفضح ممارساتهم تدمير آثار المدينة وتراثها واستهداف هويتها، مضيفا في حديث صحفي أن الصفحة اهتمت بمواضيع بناء السلام والتنمية والحد من موجة التحريض ضد أهالي الموصل التي كانت قد ظهرت في تلك الفترة.

ويوضح أنه بُعيد إعلان التحرير عاد إلى الموصل»وشرعت بتأسيس (بيتنا) كأول مؤسسة ثقافية في قلب المدينة المنكوبة»، مشيرا إلى أن «المؤسسة اتخذت من بيت شرقي قديم في حي الفاروق مقرّاً، وهو يقع تحديدا مقابل جامع النوري ومنارته الحدباء».

ويذكر آل زكريا أنه في بداية التأسيس، كانت معه مجموعة من الشباب. فيما لفت إلى أن «المؤسسة تهدف إلى صون هوية الموصل التي تعرضت للاستهداف شأن بقية معالم المدينة. لكن المهمة صعبة جداً، لأننا بدأنا العمل من مكان مدمّر. وبرغم التحديات، استطعنا تحقيق نجاحات كثيرة».

ويؤكد أنه «بعد 2003، وبسبب الأوضاع الأمنية المتردية، غابت النشاطات الثقافية عن الموصل. وفي العام 2014 انتهى كل شيء تقريبا».

وتنظم المؤسسة ورشا وندوات ثقافية وأمسيات فنية ومهرجانات وحفلات توقيع كتب، وبسبب نشاطاتها النوعية حظيت بمكانة بين المؤسسات العربية المعنية بالثقافة والتراث. كذلك تهتم المؤسسة بالأطفال. وفي هذا الصدد يقول آل زكريا أن «الجيل الذي ولد إبان فترة داعش، لا يعرف شيئاً عن هوية الموصل التاريخية ومعالمها، بل حتى لهجتها الأصلية، ولا يعرف شواخصها الحضارية، ولا معابدها وكنائسها. لذلك نحن نعمل على ربط الجيل الجديد بتاريخه عبر سلسلة من النشاطات».

ويضيف أن «المؤسسة عملت مع جهات حكومية، مثل وزارتي الثقافة والشباب والرياضة، ومع أخرى أجنبية مثل يونسكو والاتحاد الأوربي والمجلس الثقافي البريطاني والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، فضلا عن جامعات نمساوية. كما ان للمؤسسة شراكة استراتيجية مع جامعة النور في الموصل، لتنفيذ عدد من المشاريع والبرامج الخاصة بالأطفال والشباب»، مؤكدا أنهم يخططون حاليا للانفتاح على مناطق شبيهة بالموصل خارج البلاد، مثل ماردين التركية وحلب السورية.

ويختتم آل زكريا حديثه بالقول أن «الحركة المدنية في الموصل نشطة، وإننا نفخر بكوننا جزءا منها».