تحتفي ذاكرة البلاد الوطنية بسيرة الحزب الشيوعي العراقي، بوصفه الحامل التاريخي لمفهوم النضال السياسي والاجتماعي، والمؤسس لمشروعية الدفاع عن قيم الاشتراكية والديمقراطية، والتي تحولت إلى عناصر مهمة في صياغة قيم ثورية لمواجهة "الاستعمار" والرجعية، ولتبني ثورية المشروع الوطني، فكانت الحزب منذ تأسيسه عام 1934 وهو يُسهم في تعزيز مسارات هذا المشروع، على مستوى انضاج التحول الديمقراطي للدولة والمجتمع، أو على مستوى تغذية هذا التحول بالرهان الحقيقي على إيجاد بنى وطنية راسخة، وأسس عملياتية تتأصل عبرها قيم المواطنة والشراكة والانتماء..
هذه الخيارات الوطنية الفاعلة هي التي وضعت الحزب أمام تحديات كبيرة، عبّر فيها الشيوعيون عن مواقفهم الصلبة، وعن رؤاهم الراسخة لمشروع الدولة العادلة، فكانت تضحياتهم هي العناوين اللامعة لهذه المواقف، وللمسيرة الزاهرة للحرب في تاريخ الوطنية العراقية..
في ذكرى التأسيس نستعيد من الشيوعيين هذا السفر الكبير، وهذه السيرة التي عززها الشهداء بدمائهم، وبمواقفهم الرائدة، بدءا من المؤسسين فهد وحازم وصارم، واستمرار مع سلام عادل وجمال الحيدري والكثيرين منهم، وباتجاه أن يظل المستقبل هو الأفق المفتوح للزمن السياسي، ولما تفرضه التحولات الخارجية والداخلية من استحقاقات تتطلبها الواقعية السياسية، والمسؤولية النقدية، وفواعل انضاج عملية التحول الديمقراطي الحقيقي في العراق الجديد، عراق التنوع والتعدد والحريات الرافضة للمحاصصة السياسية ولمركزيات العنف والاكراهات الأيديولوجية...