اخر الاخبار

حين تنقل تجربتك الحياتية على الورق معرّجاً على فصولٍ مهمة منها، بالتأكيد ستذكر فيها شخوصاً ووجوهاً شاركتك المحنة ذات يوم، ولا بدّ أن تتوقف في محطات مؤثرة جداً. هذا ما سطّرته ذاكرة الكاتب وهو يتناول حقبة من نضال الشيوعيين في مقارعة النظام الفاشي المقبور أيام الحركة الأنصارية في جبال كردستان. في مقدمته لكتابه الموسوم (كلّنا جئنا من معطف الحزب) يقول الكاتب (فيصل الفؤادي): ــ (إن الحزب الشيوعي العراقي هو أحد أهم وأبرز الأحزاب السياسية اليسارية العريقة على الساحة السياسية العراقية وعلى طول مسيرته، تناول وعرض الكثير من القضايا الفكرية والمصيرية من خلال صحافته. ص5) ويسترسل بالحديث قائلاً: ــ (ومنذ السنوات الأولى لنشوء الحزب، انضمّ إلى صفوفه الكثير من العمال والفلاحين والكادحين من الكسبة والطلاب وكثير من الفئات الاجتماعية الأخرى، ولم يتأخر المثقفون عن دخول الحزب، الذي مثّل جهة معبّرة عنهم وداعمة للجمال والفن والثقافة بكل أشكالها. لهذا حمل المثقفون وبكل اختصاصاتهم واهتماماتهم راية الحزب، التي جسّدت الروح الثورية والعدالة الاجتماعية والخير والسلام، إضافة إلى مكانته المتميزة في الدفاع عن حرية الفكر والتعبير والإبداع. ص 5) ثم يذكر في مقدمته أبرز المبدعين الذين ارتبطوا بالحزب خلال سنواته الأولى وهو الفنان التشكيلي رشاد حاتم، الذي أشاد به وبفنّه الرفيق الخالد (فهد) حيث كان من الشيوعيين الذين حكم عليهم بالسجن مع الرفيق فهد عام 1947. بعد ذلك يذكر أهم الإصدارات والكتّاب والفنانين الذين انضموا إلى صفوف الحزب أو مَنْ كانوا أصدقاء وقريبين إليه، كما يذكر أهم الصحف والمجلات التي أسّسها وأصدرها الحزب منذ الثلاثينات وحتى عام 1979 وصولاً إلى حقبة العمل الأنصاري في جبال كردستان، وما نتج عنها من مواقف بطولية خالدة وإبداعات الأدباء والشعراء والفنانين أبطالنا الأنصاريين في تلك الحقبة فيقول: ــ (ولا ريب أن (ثقافة الأنصار) تشكّل صفحة مضيئة من صفحات الثقافة العراقية التقدمية، ومن هذا المنطلق واصل الحزب أثناء خوضه الكفاح المسلح من ذرى كردستان، دعم الثقافة والمبدعين من الأنصار وتهيئة الظروف الملائمة لنشاطهم وتوفير مستلزمات تنفيذهم للفعاليات المختلفة في مواقع الأنصار، ثم الانطلاق إلى الناس في القرى والمدن القريبة من خلال الأغنية والمسرح والندوة والشعر... الخ. ص11ــ 12) ويكمل: ــ (أصدر الكتّاب الأنصار عشرات الكتب والمؤلفات في الرواية والسياسة والمذكرات، وأقاموا عشرات المعارض في الفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي، وكتبوا القصائد والقصص والمقالات الصحفية والريبورتاجات وأنتجوا عشرات الأغاني والألحان والمسرحيات والأفلام وغيرها. ص13) وعن كتابه هذا يقول الفؤادي: ــ (في هذا الكتاب سعيت إلى التواصل مع عدد كبير من المثقفين وقد أرسل لي بعضهم معلومات عن حياتهم وكتاباتهم ونشاطهم في الحركة الأنصارية، وللأسف لم أستطع التواصل مع آخرين بسبب عدم معرفتي بمكان تواجدهم وأرقام هواتفهم، لهذا أحاول أن يكون هذا الجهد جزءاً أول، أما الذين لم أتمكن من ضمهم في هذا الكتاب سيكونون حتماً في الجزء الثاني. ص13 ـ 14) بعد ذلك يستعرض الأسماء وحسب اختصاصاتهم الإبداعية ذاكراً نبذة عن حياة كل واحد منهم، وقد قسّم كتابه إلى: ــ الكتّاب والصحفيون وهم (كاظم حبيب، حمودي عبد محسن، زهير الجزائري، جمعة كنجي، لطفي حاتم، رضا الظاهر، فالح عبد الجبار، علي إبراهيم، جمانة القروي، عامر حسين، غالب عودة محسن، سلام إبراهيم، علي محسن مهدي، باسل كنجي، كريم كطافة، علي عبد العال، يوسف أبو الفوز، جبار شهد الخويلدي، سهيل ناصر (أشتي)، مزهر بن مدلول، عبد الرزاق الصافي، جلال الدباغ، مفيد الجزائري، يحيى علوان، إبراهيم إسماعيل، على محمد، داود أمين، محمد الكحط، الشهيد باسم محمد الساعدي) أما الشعراء فهم: ــ (أحمد مصطفى دلزار، رفيق صابر، عبد اللطيف السعدي، إسماعيل محمد إسماعيل، عواد ناصر، كامل الركابي، جماهير أمين الخيون، حميد جبار مطلب الموسوي، مشرق الغانم، عبد القادر مجر البصري) ويذكر الفنانين كلاً باختصاصه المعروف كالمسرح والموسيقى والتشكيل والفوتوغراف وهم: ــ (صباح المندلاوي، سلام الصكر، لطيف حسن، علي رفيق، عدنان اللبان، فاروق صبري، هادي الخزاعي، الشهيد شهيد عبد الرضا، نضال عبد الكريم، رياض محمد، جاسم خلف طلال، الشهيد كاظم ساجت الخالدي، كوكب حمزة، حمودي شربه، قاسم الساعدي، فؤاد يلدا، ملاك منعم مظلوم، عباس خضير عباس، ساطع هاشم، مكي حسين، عماد عبد الأمير الطائي، ستار عناد، علي كاظم مهدي البعاج، سمير خلف).

بعد الانتهاء من قراءته، تشعر أنّك كنت في رحلة أضفت طابعاً من المحبّة والاعتزاز والفخر أولاً بهؤلاء وأمثالهم من المبدعين الذين تركوا حياة الاسترخاء والهدوء وجاءوا إلى ذرى الجبال يصارعون أعتى طاغية وحكومة دكتاتورية فاشية دموية، إضافة إلى صراعهم مع تقلبات الطبيعة والحياة الضنكة بين المغاور والكهوف والثلوج والسيول والأمطار والعواصف والجوع!! أخذنا بها الكاتب فيصل الفؤادي في هذا الكتاب ليمنحنا تأشيرة دخول إلى عالم هؤلاء المبدعين الأبطال الذين صارعوا الأهوال وأنتجوا إبداعاً نفتخر به على مرّ السنين، وبانتظار الجزء الثاني من كتابه هذا أيضاً. ومن الجدير بالذكر أن سيرة الفؤادي تقول إنه غادر العراق عام 1978 وانضم إلى حركة الأنصار عام 1979 وكتب عن هذه التجربة عدداً من المؤلفات منها (مسيرة الجمال والنضال ــ مذكرات نصير، ومن تاريخ الكفاح المسلح لأنصار الحزب الشيوعي العراقي، وأيام مفعمة بالحب والأمل، ودور وتأثير الأجهزة الأمنية والمخابراتية على حركة الأنصار الشيوعيين في العراق، ومسارات الطبقة العاملة وحركتها النقابية بين القانون والسياسة، وثلاثة عقود من النضال النقابي، ووقائع أنصارية...). مبارك للرفيق العزيز فيصل إصداره هذا، ونحن بانتظار المزيد من الإبداعات والأسماء.

عرض مقالات: